الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شخصيتي مضطربة وبسببها فقدت أصحابي، هل هذا مرض نفسي؟

السؤال

السلام عليكم

أنا إنسان لا أحترم أحدا، دائما أضع نفسي في تهم، عصبي جدا، لا أريد أن أتفاهم مع أحد، في أتفه الأشياء أتضايق، وإذا قام زملائي بمرضاتي أنقلب عليهم، هذه الحالة منذ ثلاثة أشهر، يعني أني إنسان سلبي، ولا أعرف سبب هذه الحالة.

أقول لنفسي: "أنا مزاجي". حتى صرت متكاسلا في عملي، لا أريد أن أكلم أحدا، أميل إلى الوحدة، إلا إذا كان الشخص يريد المؤانسة لي في بعض المرات، حتى أصبح صوتي ثقيلا، الآن أنا أصاحب شخصا له نفس الأسلوب منذ ثلاث سنوات، نتخاصم حينا ونتصاحب حينا، أصحابي تخلوا عني، هل هذا مرض نفسي أم ماذا؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الإنسان له ثلاثة حاجيات أساسية، هنالك حاجة غريزية: ونعني بها الحاجة إلى الطعام والشراب والنوم، والمعاشرة الجنسية السليمة، والحاجة الثانية هي: الشعور بالأمان، الأمان في كل شيء، والحاجة الثالثة هي: التواصل الاجتماعي أو التفاعل الاجتماعي.

هذه هي الحاجيات الإنسانية الثلاثة، وتوجد حاجيات أخرى، لكنها في أعلى السلّم من حيث الحاجيات الإنسانية.

أنت لديك الآن ما يمكن أن نسميه صعوبة في عملية التفاعل، والتواصل الاجتماعي، فمنهجك وطريقة تعاملك غير مرضية، وأنا أشكرك على ملاحظتك ومراقبتك لنفسك، هذا أمر جيد؛ لأن الإنسان إذا عرف مشكلته أو علته فهذا يمثل جزءًا كبيرًا جدًّا من الحل.

أعتقد أنه من الأهمية بمكان أن تذكّر نفسك دائمًا أن الضوابط الذاتية موجودة، إن الإشارات الضوئية الحمراء يجب ألا يتخطاها الإنسان، الإنسان يحتاج أن يحترم ويُحترم، الإنسان يحتاج أن يُحِبَّ وأن يُحَبَّ، وهذا لا يمكن أن يتأتى إلا إذا كان هنالك تفكير وإصرار وعزيمة، والتزام في الكيفية التي أتعامل بها مع الآخرين.

فيا أخِي الكريم: ما لا ترضاه لنفسك يجب ألا ترضاه لبقية الناس، وهذه قاعدة شرعية (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) فيجب أن تكون صارمًا جدًّا مع نفسك، أنت محتاج لعملية تغيير ذهني وتغيير فكري.

الأمر الآخر – وهو مهم – وهو: أن مكارم الأخلاق تدعونا لأن نكون دائمًا من أصحاب الأخلاق العالية والراقية، وأن نسعى لأن يبني بقية الناس عنا صورة ذهنية راقية، تذكر وتأمل في هذا الأمر.

نصيحتي الأخرى لك هي: أن تلجأ دائمًا إلى الصحبة الطيبة، الصحبة الطيبة هؤلاء تجدهم في المساجد، تجدهم في ساحات العلم، تجدهم يزورون المرضى، تجدهم يشيعون الجنائز، تجدهم يساعدون الضعيف، هؤلاء بفضل من الله تعالى موجودون في كل مجتمع، فأنت محتاج لأن تتمازج مع هذه النماذج الطيبة والفاعلة.

نقطة أخرى وهي: السعي الحثيث نحو بر والديك، بر الوالدين يهذب النفوس، يجعلها ترتقي وتسمو وترتفع في تعاملها وتواصلها الاجتماعي.

هذه هي الأشياء الأساسية التي أنصحك بها، ونصيحة أخرى هي: أن تفرغ ما في داخل نفسك، ألا تترك الأمور التي لا ترضيك تبني في داخل نفسك، مما يُثير لديك عدم الارتياح، وهذه التفاعلات السلبية.

أنصحك أيضًا أن تمارس الرياضة – رياضة المشي، أو كرة القدم – سوف تمتص هذه الطاقات السلبية، وهنالك دواء بسيط جدًّا يعرف تجاريًا باسم (دوجماتيل)، واسمه العلمي هو (سلبرايد)، لا مانع من أن تتناوله بجرعة كبسولة واحدة صباحًا، وقوة الكبسولة خمسين مليجرامًا، تناوله لمدة ستة أسابيع، ثم توقف عن تناوله.

أرجو أن تتحصل على كتاب الشيخ عائض القرني (لا تحزن) تدارسه، طبق ما به، وسوف تجد فيه خيرًا كثيرًا.

أيضًا يوجد علم حديث نسبيًا يسمى بـ (الذكاء العاطفي)، وهذا العلم يعلمنا كيف نتعامل مع أنفسنا ونتعامل مع الآخرين بصورة جميلة وطيبة، من الكتب الجميلة والبسيطة كتاب يوجد بمكتبة جرير، يسمى (الذكاء العاطفي 2) لمؤلفه ترافيس بيل، فأرجو أن تتحصل على هذا الكتاب وتتدارسه وتطبق ما به، وسوف تجد - إن شاء الله تعالى - منفعة عظيمة جدًّا لأن تتخلص من هذا السلوك الذي لا يُرضيك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً