الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخشى أن يكون التزامي بالعبادات رياء بسبب ابتلائي بالعادة السرية

السؤال

السلام وعليكم ورحمة الله وبركاته

سأعرض عليكم مشكلتي وكلي أمل في الله ثم فيكم أن تنصحوني، لأنني والله أريد ترك فعل هذه العادة التي تجعلني أتحسر بعد فعلها مئات المرات.

عمري 19 سنة، طالبة بالجامعة، صديقاتي في الجامعة ذوات أخلاق حميدة –والحمد لله-، ولكنني ابتليت منذ حوالي ثلاث سنين بعادة قبيحة، العادة السرية، وعلى مدى السنة الماضية كنت أحاول عدة مرات أن أتركها، ووصلت مرة أنني تركتها لمدة 28 يوما، لكن في ذات يوم خانتني نفسي، وهي ليست المرة الأولى التي تخونني فيها نفسي، ومن ثم أقعد متحسرة على فعلها، واليوم بعد أكثر من أسبوعين أجاهد نفسي على أن لا أقع في هذه العادة، ولكن وقعت فيها بعد العديد من المحاولات، والتي لم تجلب لي إلا الحسرات والفشل.

أتقدم اليوم إليكم طالبة منكم النصيحة ومساندتكم على أن لا أفعلها مرة أخرى، لأنني أخاف غضب الله علي، والله أكتب هذه الحروف ودمعتي بعيني، أنا -وبفضل الله- مداومة على الصلوات الخمس والنوافل، وأصلي الفجر بوقته، ويوميا أقرأ القرآن، ولا أنسى أبدا أذكار الصباح والمساء، فأخاف أن يكون ما أقيمه لله نفاقا ورياء.

وبارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ebtehaj حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يؤسفني –يا ابنتي- معرفة وقوعك ضحية لهذه الممارسة القبيحة، والتي لا تجلب على الفتاة إلا الهم والغم والكرب، وتتركها فريسة للوساوس والمخاوف، وكونك طلبت المساعدة فإنك قد وضعت قدميك على الطريق الصحيح، وأنت تستحقينها -إن شاء الله تعالى-.

وفي البدء أقول لك –يا ابنتي- خففي عن نفسك ولا تعنفيها، ولا تقللي من شأنها، فكونك قد ابتليت بممارسة عادة سيئة لا يعني مطلقا بأنك إنسانة سيئة، ويجب الفصل دوما بين التصرف السيء الذي يصدر من الشخص في لحظات ضعف، وبين الشخص نفسه، خاصة إن كان هذا الشخص يعترف بخطئه ويحاسب نفسه قبل أن يحاسبه الله عز وجل، فهنا قمة الرقي والنقاء، ومن الواضح جدا بأن في داخلك إنسانة راقية ونقية، وعلى قدر كبير من المسؤولية والوعي، ترفض الاستمرار بالمعصية والخطأ، وتريد مرضاة الله عز وجل.

ولأساعدك –يا ابنتي-، فإنني أؤكد لك بأن جسم الفتاة بفطرته وتركيبه لا يحتاج إلى أي ممارسة جنسية قبل الزواج لتفريغ الرغبة الجنسية، فالرغبة الجنسية عند الأنثى مرتبطة ارتباطا وثيقا بالناحية العاطفية والنفسية، وهي ليست رغبة عشوائية يجب تفريغها بأي طريقة، بل هي رغبة موجهة نحو الزواج والأمومة، ولكن ما يحدث هو أن الفتاة تطلع على بعض المعلومات الجنسية الخاطئة، والتي تصور لها بأنها كالذكر تماما، وتتعرف على ممارسة العادة السرية فيتملكها الفضول وتجربها، وتشعر معها بشعور من الراحة والمتعة، فتكرر هذه الممارسة إلى أن تصبح عندها هذه الممارسة كعادة تلجأ إليها كلما شعرت بالفراغ والملل، أو مرت بضيق أو بمشاعر نفسية سيئة، أو عندما تشاهد المناظر المثيرة.

لذلك فإن نصيحتي الهامة لك هي أن تتعرفي بدقة على الظرف الذي يذكرك أو يدفعك لممارسة العادة السرية، ومن ثم العمل على تغيير هذا الظرف بشتى الطرق، فمثلا إن كنت تمارسينها عندما تكونين وحيدة في غرفتك، فهنا اتركي باب غرفتك مفتوحا دائما ولو بشكل جزئي، فهذا سيجعلك تشعرين بأنك لست وحدك في الغرفة، ومن المحتمل أن يدخل غرفتك فرد من العائلة في أي لحظة، وهذا بحد ذاته سيبعد فكرة الممارسة عن ذهنك.

وإن كنت تمارسينها خلال الاستحمام، فاعملي على تغيير وقت الاستحمام ليكون قبل حدث أو مناسبة هامة، مثلا قبل ذهابك إلى الجامعة مباشرة، فهنا سيكون الوقت ضيقا أمامك وستكونين على عجلة من أمرك، وذهنك مشغول بالتحضير للخروج بسرعة، وإن كنت تمارسينها في أوقات وظروف مختلفة، أي لم تكوني قادرة على تحديد ظرف معين لتغييره، فهنا وفور شعورك بأنك قد ضعفت وعلى وشك بدء الممارسة، عليك بالنهوض فورا وتغيير المكان الذي تجلسين فيه، ثم قومي بشغل نفسك بنشاط جديد، مثلا قومي بعمل مكالمة هاتفية لصديقة أو قريبة، أو قومي بتحضير كوب من الشاي، أو وجبة طعام، أو شاركي العائلة جلستها، أو أي عمل آخر، المهم هو أن تشغلي ذهنك بشيء آخر، وتشتتي فكرة الممارسة عنه.

وبذات الوقت أنصحك بأن تبحثي عن هواية أو عمل تتقنينه وتحبينه، مثل القراءة، الرسم، الخياطة، الأعمال التطوعية الخيرية، أو أي شيء آخر، فهذا سيكون له مردود إيجابي على نفسيتك، وسيشعرك بأنك إنسانة منتجة ومفيدة لنفسك وللآخرين، فمثل هذه الهوايات والأعمال الخيرية ستزيد ثقتك بنفسك، وستعطي لحياتك معنى جديدا، وستمنحك متعا دائمة، وسعادة مستمرة تغنيك عن أي متع مزيفة ومؤقتة، وبالمواظبة والمثابرة ستنجحين -إن شاء الله-، والنجاح لمرة سيقود إلى نجاحات متعددة، وحينها ستشعرين بأنك إنسانة قوية وقادرة على التحكم في نفسها، وهذا سيحسن من نفسيتك، وسيزيد من ثقتك بنفسك.

أسأل الله عز وجل أن يوفقك لما يحب ويرضى دائما.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً