الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوساوس والخوف من الجنون جعلاني أقلع عن المخدرات لكنهما أعاقا حياتي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب عمري 25 سنة، كنت أتناول المخدرات لمدة سنتين، وتركتها منذ 4 سنوات، ابتدأت معاناتي مع فكرة ملحة أني سأصاب بالجنون، وكان ذلك سببا في إقلاعي عنها، وبعدها بدأت معي جميع أشكال الوساوس، وسواس الدين والخوف من الموت والمرض، قرأت كثيرا عن طرق العلاج عنها وتخلصت منها -والحمد لله-.

من شهر في بداية نومي راودني شعور أني فقدت الذاكرة، وقمت من النوم مرتبكا وفي حالة شديدة من التوتر، ومنذ ذلك اليوم وأنا أعيش معاناة حقيقية، يراودني تفكير في كيف يمشي الإنسان؟ وكيف يتذكر؟ وكيف يتكلم؟ وكيف يفكر؟ ومنذ هذه اللحظة وأنا أعيش في دوامة الذكريات، وفي هذه اللحظات أرتبك وأحس بصداع شديد وضغط بالرأس، وزغللة بالعين وهبوط، وأشعر أني غير قادر على المشي، وخفقان بالقلب، وأحس أني أعيش في دوامة من الأفكار، وأحس أني في حلم، مثل هذا الكلام أتساءل هل قلته أم لا؟ مع أني متأكد أني قلته، وأن هذا العالم خيالي والأشياء التي تحدث أمامي هل هي حقيقية أم لا؟ وبالرغم من أني أقاوم هذه الأفكار لكن سرعان ما تعود.

وقرأت كثيرا عن الأمراض النفسية والعصبية كالفصام والذهان، ومن بعدها وأنا أطبق هذا الكلام على نفسي وخائف جدا من فقدان العقل. وتأتي أفكار وأنا وسط الناس أنه سيغمى علي، أو ستحدث لي حالة تشنج، ويصاحب ذلك حالة خوف، ولدي نظرة تشاؤمية وخوف من المستقبل، وأحيانا أخاف بلا سبب وكأني أنتظر مصيبة، وذلك يعيق حياتي ويسبب لي المتاعب، وتسيطر على بعض الأفكار الجنسية المحرمة لا أقدر على ذكرها، ورغم هذه الظروف أحاول قدر الإمكان أن أتخلص منها.

هل هذه الأفكار مؤشر على حدوث شيء؟ هل أنا أعاني من مرض خطير؟ هل هذه الأفكار تؤدي إلى فقدان العقل أو أعراض لشيء خطير؟

آسف على الإطالة، أريد من حضراتكم أن تفيدوني، وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مجموعة الأفكار التي تتسلط عليك وتراودك من هنا ومن هناك، وتسبب لك القلق والتوتر، كلها أفكار وسواسية، وحتى شعورك بالصداع وضغط الرأس هو ناتج من التوتر العضلي الشديد الذي يصحب التوتر النفسي الذي يسببه الوسواس القهري، الوسواس القهري خاصة من النوع الذي تعاني منه -أيها الفاضل الكريم- بالفعل يعطي الإنسان مشاعر غريبة جداً، يجعله غير متأكد من ذاته ومن العالم حوله، وتحدث الكثير من الشكوك والتنازع النفسي الداخلي، وحديث النفس الذي يعود على الإنسان بالمزيد من القلق والتوتر، أنا درست رسالتك بصورة جيدة جداً واستوعبتها بكل تفاصيلها، وأعرف القدر المزعج الذي تعاني منه، ورسالتي لك -أيها الفاضل الكريم- هي كالآتي:

أولاً: هذا وسواس قهري ويمكن أن يعالج ويجب أن يعالج.

ثانياً: مشاعرك أنك تعاني من مرض خطير، وأن هذا الأفكار تؤدي إلى فقدان العقل أو لشيء خطير، هذا كله ناتج من الوسواس نفسه، لن يصيبك أي شيء -إن شاء الله تعالى-، لكن يجب أن تعالج هذه الوساوس حتى تكون مرتاح البال وتزيل عنك هذه الشوائب النفسية التي تزعجك. أنا أحبذ أن تذهب وتقابل الطبيب مباشرة.

إقلاعك عن المخدرات هو شيء عظيم ويجب أن تهنأ عليه، ويجب أن تكافئ نفسك من خلال تطوير مهاراتك وتهتم بأمور دينك، هذا يفيدك كثيراً -أيها الفاضل الكريم-، بالنسبة للعلاج أراه ضروريا جداً وأرى -إن شاء الله تعالى- النتائج ستكون رائعة، وأنا أحتم على أهمية العلاج، لأن الدراسات العلمية والملاحظات العملية التي بين أيدينا تشير أن العلاج والتدخل المبكر لعلاج الوسواس وغيره من الأمراض المشابهة يؤدي إلى نتائج ممتازة جداً، أما التأخير في العلاج ربما يعقد الأمور بعض الشيء، استجابتك للعلاج الدوائي ستكون ممتازة، لأن أفكارك ليست وساوس أفعال وليست وساوس طقوس، إنما هي وساوس أفكار ملحة، وهذه تستجيب للعلاج الدوائي بصورة ممتازة جداً.

عقار بروزاك أو فافرين أحدهما سوف يكون ممتاز جداً بالنسبة لك، لا تتردد أبداً في أن تبدأ بتناول الدواء، -وإن شاء الله تعالى- سوف يقوم الطبيب بترتيب الجرعات بالنسبة لك، وإن لم يتيسر لك الذهاب إلى الطبيب يمكن أن تبدأ مباشرة في تناول البروزاك، والذي يعرف باسم فلوزاك في مصر واسمه العلمي فلوكستين، دواء بسيط سهل الاستعمال وسليم لا يؤدي إلى الادمان أبداً.

الجرعة هي أن تبدأ بكبسولة واحدة، قوة الكبسولة 20 مليجرام تتناولها بعد الأكل صباحاً أو مساء لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها كبسولتين في اليوم، وأعتقد أن هذه الجرعة الوسطية سوف تناسب حالتك، هذه الجرعة يجب أن تستمر عليها لمدة ستة أشهر على الأقل، تتناول يومياً 40 مليجرام، أي كبسولتين. بعد انقضاء الستة أشهر اجعل الجرعة كبسولة واحدة، وهذه الجرعة الوقائية التي يجب أن تستمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهرين، ثم توقف عن تناول الدواء. وقطعاً عملية الدفع وتحقير الوسواس واقتحامه وتفتيته هذه -إن شاء الله تعالى- معلومة بالنسبة لك ويجب أن تمارسها.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر ahmed

    شكرا دكتور محمد
    وجزاك الله خير الجزاء

  • مصر عمار المصري

    وليعلم الله عز وجل انك نفس مشكلتي تكاد تكون بالملي متر يا حبيبي يالملي متر على راي المعلق رؤف بن خليف ههه...ربنا يبارك في الدكتور ويشفينا يا رب جمعيا ..والله ما في احلى حاجه في الدنيا غير ذكر الله ثم راحه البال والباقي كله على ربنا وان لانسان الا ما سعى ..

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً