الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد الزواج مع كثرة الفتن لكن دخْلي ضعيف، فما الحيلة؟!

السؤال

السلام عليكم
شكرًا على هذا الموقع الرائع.

أنا شاب، عمري 27 سنة، أريد الزواج، لكن دخْلي ضعيف، وأقطن مع أسرتي، وأخبرني أبي أنه يمكن إصلاح طابق غير مستخدم، إذا أردت الزواج، لكنْ مع ذلك لا زلت أدخر المال، ولم أكمل بعدُ تكاليف الإصلاح.

لقد ضعف تركيزي في العمل، أينما أذهب أجد الفتيات، وشدة الشهوة ترهقني، وكما تعلمون أن المغريات كثيرة إضافة إلى وساوس الشيطان والنفس الأمارة بالسوء، مع العلم أني لم أرتبط في حياتي قط مع فتاة؛ فطبيعتي أني خجول، لا سيما مع الفتيات، وأفكر في الطريقة التي أجد بها فتاة ملتزمة.

شكرًا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ youssef حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أخي الحبيب- في موقعك إسلام ويب، وإنه ليسرنا تواصلك معنا في أي وقت، ونسأل الله أن يحفظك، وأن يبارك فيك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.

بخصوص ما تفضلت به، فإننا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:

أولًا: ما أجمل أن ينشأ الشاب في طاعة الله بعيدًا عن المغريات، ما أجمل أن يشتري بعفته وطهارته وبُعدهِ عن الحرام رضا الله -عز وجل-، ما أجمل أن يستشعر أنه قد أصبح قريبًا من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.

ثانيًا: اعلم -أخي الحبيب- أن الله قدر الأمور قبل أن يخلق الله السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، ومكتوب مَن ستكون زوجتك، والله لا يقدّر لعبده إلا الخير، فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب، فكتب مقادير كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء)، فأبشر وأمّل في الله خيرًا، وما عليك إلا بذل الجهد، والله سيبارك في الدراهم القليلة، وسيفتح عليك لا محالة.

ثالثًا: اعلم -أخي الحبيب- أنك مُعانٌ من الله ما دمت تريد الزواج طلبًا للعفاف، قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (ثلاثة حق على الله أن يعينهم: المكاتب الذي يريد الأداء، والمجاهد في سبيل الله، والناكح يريد أن يستعف).

رابعًا: إننا ندعوك -حتى تتغلب على هذه الشهوة- أن تقوم بعدة أمور:

1- زيادة التدين عن طريق: الصلاة (الفرائض والنوافل)، والأذكار، وصلاة الليل، وكثرة التذلّل لله -عز وجل-، واعلم أن الشهوة لا تقوى إلا في غياب المحافظة على الصلاة، قال الله: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات}، فكل من اتبع الشهوة يعلم قطعًا أنه ابتعد عن الصلاة كما ينبغي، وبالعكس كل من اتبع الصلاة وحافظ عليها وأدّاها كما أمره الله أعانه الله على شهوته.

2- اجتهد في الإكثار من الصيام، فقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة، فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع، فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء).

3- ابتعد عن الفراغ، عن طريق شغل كل أوقاتك بالعلم أو المذاكرة أو ممارسة نوع من أنواع الرياضة، المهم ألا تسلّم نفسك للفراغ مطلقا، وأن تتجنب البقاء وحدك فترات طويلة.

4- ابتعد عن كل المثيرات التي تثيرك، واعلم أن المثيرات سواء البصرية عن طريق الأفلام، أو السماعية عن طريق المحادثات، أو أيًا من تلك الوسائل لا تطفئ الشهوة بل تزيدها سعارًا.

5- ننصحك باختيار الأصدقاء بعناية تامة؛ فإن المرء قوي بإخوانه ضعيف بنفسه، والذئب يأكل من الغنم القاصية، فاجتهد في التعرف على إخوة صالحين، واجتهد أن تقضي معهم أوقاتًا أكثر في الطاعة والعبادة والعمل المجتمعي.

6- كثرة الدعاء بأن يصرف الله عنك الشر، وأن يقوي إيمانك، وأن يحفظك من الوقوع فيما حرم الله، هذا كله بالتوازي مع العمل والحرص على التعجيل بالزواج.

خامسًا: أما حديثك عن كيفية اختيار الزوجة، فاعلم -حفظك الله- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبر عن مرغِّبات الرجل في المرأة ومرغبات المؤمن من المرأة، فقال: (تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين، تربت يداك)، والدين هنا يشمل العقيدة والخلق.

من الصفات المرغوبة كذلك ما ذكره النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه: ( نساؤكم من أهل الجنة: الودود، الولود، العؤود على زوجها, التي إذا غضب، جاءت حتى تضع يدها في يد زوجها ثم تقول: لا أذوق غمضًا حتى ترضى)، الشاهد أن المرأة المتدينة الصالحة الخلوقة التي نشأت في بيت طاعة وفضل، هي من أشار الإسلام إلى المؤمن مرغّبًا إياه في البحث عنها والظفر بها، ولا بأس أن يجمع بعد ذلك الجمال أو ما شاء، المهم أن يكون المعيار الأول هو الدين والخلق.

سادسًا: بعد الاختيار، عليك -أخي الحبيب- أن تستخير الله -عز وجل- قبل أي عمل، فعن جابر -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن، وكان يقول -صلى الله عليه وسلم-: (إذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ, وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ, وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ, وَتَعْلَمُ وَلا أَعْلَمُ, وَأَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ, اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ (هنا تسمي حاجتك) خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ: عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ, فَأقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ, اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ (هنا تسمي حاجتك) شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ: عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ, فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ ارْضِنِي بِهِ. وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ).

نسأل الله أن يغفر لك، وأن يسترك في الدنيا والآخرة، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • أمريكا وليد كشك

    جزاكم الله كل خير .

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً