الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تربيتي الشديدة جعلتني شخصية غير متوازنة، أشيروا علي ماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة عمري 31 سنة، عزباء، وناجحة كثيرا في عملي بالتدريس، ولكنني في الحياة أواجه الكثير من الصعوبات، وذلك بسبب تربية أهلي الخاطئة، من حرص شديد والانعزال عن الناس، وتضخيم الأمور، والانتقادات السلبية المستمرة.

عندما أواجه الناس، أعاني من أعراض مثل الخجل والتعرق الشديد، وتغير نبرة الصوت وانطباعات وجه، مما يدل على الخوف أو العدوانية، أو الارتباك، مما يجعل الناس تنفر مني، حتى عندما يمدحني الناس يحمر وجهي كثيرا وأرتبك، وكذلك عندما يسألونني عن حياتي، مع العلم أن هذا يحدث لي فقط في العلاقات الجديدة، أما العلاقات القديمة فأنا طبيعية جدا.

كما ترهقني أفكار سلبية تدمرني أسبوعا من كل شهر، أتوهم أشياء تجعلني أفقد الشعور بالأمل في الحياة، وأحس أن الجميع يكرهونني، وأحتقر نفسي دوما، وأتحدث عن أخطائي للجميع، وأصدق اتهامات الناس لي، مما يجعلهم يستغلونني في البيت والعمل، ويلقون الأخطاء علي، مما يجعلني أكره الحياة، وأفكر سلبيا في كل شيء، ودوما أشعر الأمور تنقلب علي بالسوء، مع أنني أنوي الخير، وأحيانا أتوقف عن الصلاة بسبب إحساسي بالظلم في هذه الحياة، وبسبب توفيق الله للناس السيئين.

تقدم لي العديد من الشباب، ولكنني فشلت في الخطبة، مع أنني غاية في الجمال، وذلك بسبب تفكيري في الأمور السلبية، وخوفي من المستقبل، بسبب نضجي في الحياة، ومعرفتي أن الحياة مصالح، وأنه لا يوجد حب حقيقي، وأنا أريد شخصا يرغبني بقوة، ويحبني كما أحبه، وليست رغبته بي تحقيقا لمصلحة، ويضرني ويقيد حريتي حسب مزاجه، مما يجعلني أتعامل مع الشباب بعدوانية، مما سبب في نفور العرسان مني، ومع ذلك أحزن لأنني لم أتزوج، وأشعر بالفشل.

ذهبت إلى طبيب نفسي، فأعطاني زولوسير 100، حبة صباحا وحبة مساء، وإندرال 20، حبة صباحا، ولكنني أخذت فقط زولوسير عيار 100، لمدة ستة أشهر، حبة صباحا، وحبة مساء.

وبعد التحسن والراحة النفسية، بدأت أعراض جسدية سيئة، كانقباض مفاجئ في العضلات، وكثرة التبول، وانضغاط الأسنان والنوم الكثير، وإرهاق دائم، جعلتني أتوقف عن العلاج تدريجيا، حيث أخذت حبة فقط، لمدة شهر، ثم نصف حبة، لمدة 15 يوما، وثم نصف حبة يوما بعد يوم، وبدأت بأندرال بسبب إحساسي بأعراض خجل وقلق في الفترة الأخيرة -التي أخذت فيها زولوسير نصف حبة-.

لا أحب مراجعة الطبيب؛ لأنه غير لطيف، ومضى على انقطاعي عن دواء زولوسير أربعة أيام، ومنذ الأمس أشعر بدوخة غريبة جدا، دامت يومين، والآن عادت لي الأعراض السابقة، فترات قليلة في الشهر، ولكن بمستوى أقل، لأنني غيرت كثيرا من أفكاري الخاطئة أثناء العلاج السلوكي، وأعطيت لكل فكرة أسبابها، وتحررت من كثير من القيود التي كانت ترهقني، مثل لوم أهلي، وأصبحت أتحمل مسؤولية كل شيء دون تذمر، ولكن ما زلت أدخل في نوبات من البكاء، عندما أتذكر الماضي، أو عندما أشعر أنني لن أتزوج، حيث أنني سلبية تجاه الزواج.

أتمنى أشياء كثيرة، وأخاف من عدم تحققها، وأشعر بسوء الحظ، وأحزن على الماضي، وأحيانا أخجل كثيرا لدرجة يصبح وجهي أحمر ملفتا للنظر، ومحرجا جدا، وأتعرق، وأتمنى الخلاص من الشعور السلبي، وأتحرر من أمراضي؛ لأكمل الحياة بهدوء وروية، أشيروا علي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سوسن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكر لك الثقة بإسلام ويب، رسالتك واضحة جدًّا.

أيتها الفاضلة الكريمة: أنت محتاجة بالفعل أن تتفهمي ذاتك، وأن تتقبَّليها، وأن تطوري من مستوى الذكاء العاطفي لديك، اقرئي عن الذكاء الوجداني؛ فالذكاء الوجداني هو الذي يقودنا إلى فهم ذواتنا وأنفسنا وتطويرها إيجابيًا، وكذلك فهم الآخرين، وبناء علاقات إيجابية معهم.

أنت ذكرت أن الحياة مصالح، أقول لك نعم، الحياة مصالح، الحياة منافع، الحياة اجتهاد، الحياة عمل، الحياة مثابرة، الحياة عبادة، الحياة أخذ وعطاء، وحين نُرسِّخ هذه المفاهيم أعتقد أننا نستطيع أن نُدير حياتنا بصورة طيبة، وأن نستمتع بها، وأن نكون نافعين لأنفسنا ولغيرها.

إذًا: اكتشفي مصادر القوة لديك وطوّريها، واكتشفي بنفسك مصادر الضعف عندك وتجنبيها.

أيتها الفاضلة الكريمة: الثقة بالناس مهمة جدًّا، لأنها تُساعدنا في تطوير أنفسنا، وأن نُحسن الظن بالناس هو أمرٌ جيد مطلوب، قال تعالى: {يا أيهَا الذين آمنوا اجتنبوا كثيرًا من الظنِّ إن بعض الظنِّ إثم}، وضعي لنفسك أهدافاً، وضعي الوسائل التي توصلك إليها، وأحسني إدارة وقتك، واسألي الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح، الأمر في غاية البساطة.

عملية التخبُّط في المشاعر الوجدانية، وعدم حسم أمر الزواج، أعتقد أنه من الأخطاء الجسيمة جدًّا، لا تحزني أبدًا، الله تعالى سوف يرزقك الزوج الصالح، اجتهدي في بر والديك، فهذا يعود عليك بنفع عظيم جدًّا.

بالنسبة للعلاج الدوائي: لا تجعليه شيئًا أساسيًا في حياتك، فأنت تمتلكين المقدرات النفسية والطاقات المختبئة التي إذا وظَّفتيها توظيفًا صحيحًا تستطيعين أن تنجحي نجاحًا كبيرًا.

أريدك أن تقرئي عن الذكاء العاطفي - كما ذكرت لك – واقرئي أيضًا كتاب الشيخ عائض القرني (لا تحزن)، اقرئيه بتمعنٍ وتدبُّرٍ، وكذلك اطلعي على كتاب ديل كارنيجي Dale Carnegie (دع القلق وابدأ الحياة).

العلاج الدوائي: شاوري فيه طبيبك، ولا مانع من مواصلته لمدة ستة أشهر مثلاً.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً