الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من يفعل الخير من الكفار..ما جزاؤهم بعد موتهم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أود أن أطرح سؤالا يخطر دائمًا علي، وأتمنى أن أحصل على إجابة.

عندما أرى أشخاصًا من النصارى أو اليهود يعانون الكثير من المشاكل، ومن يعاني منهم بالأمراض المزمنة، وأصاحب الإعاقات - كشخص اسمه نيكولاس مخلوق بدون أطراف، ويفعل الكثير من الخير للناس وتحدى إعاقته -؛ أتساءل: هل هؤلاء الناس الذين ابتلاهم الله بهذه الابتلاءات إن ماتوا سيدخلون النار؟! فأجد نفسي في حيرة من الإجابة على مثل هذا السؤال، وأستغفر الله على هذا التفكير، وأريد أن أعرف ما جزاؤهم عند الله بعد أن يموتوا؟

وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حنين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب.

اعلمي -أيتها البنت الكريمة- أن الله تعالى خلق الجنة، وأعدها جزاءً لمن عرف حقه سبحانه وتعالى عليه وأدَّاه، وهو توحيده سبحانه في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، كما أنه سبحانه تعالى خلق النار وأعدها للذين ضيعوا هذا الحق فأشركوا مع الله تعالى في ربوبيته، أو أشركوا معه في عبادته، أو أضفوا على غيره ما يستحقه سبحانه وتعالى من صفات الكمال، وهذا حكم عدل: (فمن مات يشرك بالله شيئاً دخل النار، ومن مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة) كما قال النبي الكريم (ﷺ).

وأعظم الظلم الذي يقع فيه هذا الإنسان الإشراك بالله تعالى؛ فإنه إذا أشرك يكون قد ضيع حق الباري سبحانه وتعالى وصرفه إلى غيره، وهذا أعظم ظلمٍ يقع كما قال لقمان لابنه وهو يعظه: {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13]، فمن مات على الشرك فإنه لا يستحق إلَّا النار.

أَمَّا ما كان يفعله في دنياه من خير وأعمال صالحة وحسنات ونفع للناس، وإطعام الطعام للفقراء والمساكين فإن الله لا يظلم مثقال ذرة، فإن هذا إذا كان يفعل ذلك من أجل الله فيما يزعم فإن الله تعالى يُثيبه على عمله ذلك في دنياه، كما قال النبي الكريم (ﷺ): (إن الله لا يظلم مؤمناً حسنة يعطى بها في الدنيا ويُجزى بها في الآخرة، وأما الكافر فيطعم بحسناته ما عمل بها لله في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يجزى بها).

هذا هو حكم الله تعالى، وهو كله عدل وحكمة ورحمة، فمن فعل من الكفار شيئاً من الإحسان والحسنات مريداً بذلك وجه الله أثابه الله تعالى عليها في دنياه، أما الآخرة فليس له عند الله تعالى إلا النار؛ لأن الله تعالى حرم الجنة على المشركين الذين أشركوا مع الله تعالى غيره، فيما يختص به سبحانه كما قال الله تعالى حاكياً عن عيسى -عليه السلام- أنه يقول:{إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [المائدة: 72]، وقال: {وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 126].

نسأل الله تعالى أن يبصرنا وإياك بدينه، وأن يستعملنا في طاعته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً