الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تنتابني حالة خوف مفاجئة عند النوم، هل هناك أمل في الشفاء؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

أنا فتاة، عمري 22 سنة، عانيت لأول مرة منذ 12 سنة في أواخر العطلة الصيفية من حالة خوف مفاجئة انتابتني عند الخلود إلى النوم جراء فكرة وسواسية تافهة، ألا وهي عدم القدرة على بلع الريق بصورة طبيعية، هذه الفكرة أصبحت ملحة كثيرًا، عندها أحس بالخوف الشديد، حتى أني أعتقد أن النهاية ستكون إما الموت، أو الجنون. إحساس مخيف لا يحتمل!

بقيت على تلك الحالة لبضعة أسابيع: نوبات هلع في الليل، مع الشعور بالقلق وعدم الارتياح والتوتر في النهار، مع وجود أفكار وسواسية أخرى كعدم القدرة على التنفس بصورة لا إرادية يعني مثلا: لو أكلت أو تكلمت تراودني فكرة أن التنفس سيتوقف، أو كيفية ترميش العين، رغم أنني أعلم أنها أفكار غبية ليس لها أي أساس من الصحة، ولكنها تبقى ملحة.

استمرت حالتي هذه لبضعة أسابيع ثم اختفت فجأة بعد العودة إلى الدراسة والالتهاء بها، حتى أنني لا أذكر كيف ومتى اختفت -والحمد لله- تخلصت منها، ولكنها عادت سنة 2010 واستمرت قرابة الشهرين في نفس الفترة أي نهاية الصيف، وانتهت في أواخر أكتوبر، ولا أعلم كيف انتهت بصفة مفاجئة، ثم عادت هذه المرة، وأنا أعاني منها منذ حوالي أسبوع، بدأت هذه المرة كذلك عندما ذهبت إلى فراشي، وحاولت النوم ولكني أحسست بذلك الخوف الشديد رغم أنني أعاني من تلك الوساوس المعتادة منذ حوالي أسبوعين، ولكني لم أعرها اهتمامًا، ولم أشعر بالخوف منها؛ لأنني أعرف أنها ستزول بمجرد العودة إلى الدراسة، ولكن كما قلت في تلك الليلة شعرت بالخوف الشديد، وتقلبت يمنة ويسرة على فراشي، ولكن لم يزل الخوف موجودًا، بل على العكس تمامًا، حاولت أن أفكر في أي شيء أحبه، ولكن ذلك الشعور كان ملحًا، ولم أستطع النوم، وطوال الليل خوف، وتعرق، وخفقان للقلب بصورة غير طبيعية، وأفكار تشاؤمية غريبة مثلا: سأصبح مختلة عقليًا.

منذ تلك الليلة وأنا أعاني الأمرين: أرق، ونوبات هلع في الليل، وفي الصباح أشعر بتوتر كالتوتر الذي يسبق الامتحان، وقلق، وفقدان الشهية، وعدم الشعور بالعطش، وعدم الشعور بطعم الحياة، حتى الأشياء التي أحبها وأهتم بها لم تعد تسعدني، أصبحت أتحسر على حياتي السابقة، مثلاً: أفكر بأنني قبل شهرين من الآن كنت سعيدة ومرتاحة البال، ولا أعاني من هذا الشعور، وأصبحت أحسد الناس على عدم معرفتهم لهذا الشعور المزعج، لا يريحني أي مكان حتى لو أخرج، وعندما أفكر فيها تأتيني وتفسد عليّ متعتي حتى لو ارتحت قليلا تعود بسرعة إليّ.

في الأخير: أود أن أشير أني أطلعت أمي على حالتي هذه المرة؛ لأنني لم أعد الاحتمال وفقدت صبري، وقد عرضت حالتي على طبيب العائلة الذي أكد لي أنها حالة عادية، وغير خطيرة، ناتجة عن الملل والفراغ وحساسيتي الزائدة، ولا تحتاج لطبيب نفسي، كما وصف لي مهدئًا lysanxia، والذي حسن من حالتي، ولكني لا زلت أحس بقليل من التوتر، وأخاف أن أبقى هكذا للأبد، كما أشعر أنني لن أستطيع التخلص منها هذه المرة، هل هناك أمل في الشفاء منها وكيف؟ وإذا لم أستطع الشفاء منها، هل هناك أدوية تجعلني أنسى هذا الشعور؟

شكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ yousra حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكر لك الصلة بإسلام ويب.

حالتك -إن شاء الله تعالى- حالة بسيطة جدًّا، وهي نفسية قلقية ناتجة من بعض المخاوف الوساوس البسيطة، والذي يحدث لك ويمنعك من البلع هو نوع من التقلصات العضلية التي تحدث في المريء، والتي تكون ناتجة من التوتر النفسي ومخاوفك المرضية.

وهذه الحالات - كما تفضلتِ وذكرتِ - تتبدَّل وتتغيَّر، في بعض الأحيان قد تختفي فجأةً ثم تظهر، وهي انعكاس تام للحالة النفسية، وليس لها أي علاقة بمرض عضوي، وهي ليست ناتجة عن اكتئاب نفسي.

أيتها الفاضلة الكريمة: أفضل علاج هو التجاهل، والتناسي التام للأمر، فلا تربطي هذه الحالة بوقتٍ معين في اليوم، حيث إن لديك رابطًا، وهو أنك حين تذهبين إلى النوم يبدأ تفكيرك على مستوى العقل الباطني أن الحالة سوف تأتي، وهذا قطعًا سوف يجلبها، فعليك بالتجاهل التام، واحرصي على أذكار النوم، وعليك بالتطبيق المستمر للتمارين الاسترخائية.

إسلام ويب لديها استشارة تحت رقم (2136015)، أرجو أن تتدارسي هذه التمارين بدقة، وتنفذيها وتطبقيها باستمرار والتزام؛ وسوف تعود عليك بخير كبير جدًّا

أود أن أضيف أيضًا أنه من المستحسن أن تعبِّري عن نفسك، ولا تكتمي؛ لأن الكثير من العلماء يرون أن الكتمان النفسي يؤدي إلى احتقانات نفسية داخلية، فقد تظهر هذه الاحتقانات في شكل أعراض عضوية كالانقباضات العضلية التي تحدث في المريء أو في القفص الصدري، وتؤدي إلى أعراض مشابهة لأعراضك، فكوني معبِّرة عن نفسك؛ فالتفريغ النفسي نراه علاجًا ممتازًا.

وبصفة عامة: عليك بالتفكير الإيجابي، وبما أنك صغيرة في السن، وفي بدايات الشباب، فلديك طاقات عظيمة يمكن توجيهها والاستفادة منها من أجل مستقبل طيبٍ وجميل.

بقي أن أقول لك: إن العلاج الدوائي، وبالنسبة لعقار (lysanxia) الذي وصفته لك طبيبة الرعاية الصحية الأولية: هو دواء لا بأس به، لكن نخاف أن الإنسان قد يتعوّد عليه، هذا مع احترامي الشديد للطبيبة، فلا تتناوليه لمدة طويلة، وإن استمرتْ معك الحالة ربما تحتاجين لدواء آخر مضاد لقلق المخاوف، وهنالك دواء يعرف تجاريًا باسم (ديروكسات Deroxat CR)، ويسمى علميًا باسم (باروكستين Paroxetine) تناوله بجرعة صغيرة سيكون هو الأمثل، والجرعة هي 12.5 ملجم يوميًا لمدة شهرين، ثم 12.5 ملجم يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً