الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أرجو تشخيص حالتي، وما هي الحالة التي أعاني منها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشكلتي بدأت في أواخر شهر أغسطس من العام 2014م، استيقظت صباحاً وأفطرت فطوري المعتاد، وبعدها ذهبت للحلاق، وأنا على كرسي الحلاقة؛ شعرت بمغص في البطن مع شعور بالكتمة، ازداد الألم وازدادت معها الكتمة حتى فقدت الوعي لمدة تتراوح من 15-20 ثانية. بعدما عاد إلي الوعي؛ ذهبت إلى الحمام حتى أرتاح من المغص، وفعلاً ذهب المغص.

بعد هذه الحادثة بثلاثة أيام؛ وأنا أتغدى شعرت بمغص خفيف ودوخة خفيفة، فخفت أن تتكرر نفس الحادثة فقمت، وبدأت بالمشي قليلا حتى ذهبت الأعراض، وهذا ما لم أكن قادراً على فعله عند الحلاق.

في 23 سبتمبر من نفس العام، ذهبت إلى الحمام للتبول، وشعرت باحتباس وحرارة، ولم يخرج البول إلا بعد بضع ثوان، وبعدها بدقيقة تقريباً شعرت كأن الدم يصعد من أسفل الجسم إلى الأعلى وفقدت الوعي، كنت لوحدي لذلك لا أعرف كم المدة التي فقدت فيها الوعي، ولكن تحليلي -نظراً لشكل الجروح التي من أثر السقوط- أقول إلا تتجاوز الثلاثين ثانية، بعد هذه الحادثة ذهبت لطبيب مسالك بولية، وقال بعد التحليل إن كل شيء سليم.

شعرت في تلك الفترة بهبوط وخمول وأعراض كثيرة نسيتها الآن، وبدأت أوسوس، ذهبت لاستشاري باطنة وذكرت له القصة كاملة، فطلب تحليل شامل للدم والبول والبراز، وكل شيء كان سليما، باستثناء الفيتامين د فقد كان ناقصاً.

بعد نتائج التحليل ارتحت، وذهبت المخاوف وذهبت معها الأعراض، حتى 16 سبتمبر من العام 2015، شعرت بألم خفيف بالبطن ودوخة خفيفة تزداد وتنقص، وكنت أشعر أنني سأفقد الوعي في أي وقت، ذهبت للطوارئ وأنا في الطريق اكتشفت أن الدوخة تزداد مع الجلوس وتخف مع الوقوف والمشي، قام المستشفى بعمل تحليل دم وأشعة لمنطقة البطن، وتخطيط قلب، وفحص السكر والضغط، وكل شيء كان سليم بحمد لله. قال لي الدكتور إن كل فحوصاتي سليمة، وأنه يوجد غازات في البطن، أعطاني أدوية للغازات، وسألني إن كنت قد تعرضت لحالة شبيهة من قبل، فذكرت له الحالة التي حدثت لي عند الحلاق.

استغرب من فقدان الوعي، فأوصاني أن أعمل تخطيطا ًللمخ عند طبيب مخ وأعصاب، وفعلا من الغد ذهبت للطبيب وذكرت له القصة كاملة، فطلب تخطيطا للمخ وأشعة مقطعية للرأس، وكانت النتيجة سليمة بالنسبة للأشعة، لكن التخطيط أظهر اضطراب في كهرباء المخ أو زيادة شحنات في المخ كما سماه الطبيب، وأعطاني علاج الديباكين كرونو، نص حبة في اليوم لمدة أسبوع.

أسئلتي:

(1) تخطيط المخ غير الطبيعي لوحده لا يعني أن الشخص مصاب بالصرع، فهل البدء بالعلاج بدون نوبة تشنج عمل صحيح؟ وهل فقدان الوعي بدون تشنج يدخل في اضطرابات كهرباء المخ كما قال لي الطبيب؟

(2) ظهر عرضان بعد استعمال الدواء وهما: رفرفة في أماكن مختلفة في الجسم، وطنين في الأذن اليسرى (تأتي قبل النوم). وهناك عرض ثالث كان موجود قبل استعمال العلاج واستمر مع العلاج وهو: تنميل وضغط شديد في الرأس والوجه، ومركز هذا الضغط هو الأنف، وهذا الضغط يزداد حتى أشعر أن الرأس سينفجر من قوة الضغط، لكن من غير ألم، ويذهب إذا حركت الفك السفلي أو حركت الرأس، وهذا العرض يأتيني وأنا على الفراش قبل النوم، وعندما أكون مستلقيا على ظهري، سؤالي هو: ذكرت هذه الأعراض للطبيب فقال إنها من التوتر والقلق فهل هذا صحيح؟

عذراً على الإطالة، وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

أنا اطلعتُ على رسالتك، وكل الأعراض التي ظهرتْ عليك من الواضح أنها تحمل الطابع النفسي لدرجة كبيرة، وعمومًا أنت قمت بمقابلة عددًا من الأطباء، وأجريتَ الفحوصات اللازمة، وكانت كلها - الحمد لله تعالى - سليمة.

أما التغيرات الموجود في تخطيط الدماغ هي تغيرات مهمة، لكنها ليست مخيفة، وقرار الطبيب أن يُعطيك عقار (دباكين Depakine) هو قرار سليم جدًّا، وفي مثل حالتك تكون مدة العلاج عام، ويكون هنالك التزام تام بمتابعة الطبيب وتناول الدواء، والقصد والمهم هو ألا تتكرر النوبات.

الدواء من الأدوية السليمة والبسيطة، وألاحظ أن الجرعة التي أعطاها لك الطبيب جرعة صغيرة، وهذا دليل على قناعته أن حالتك بسيطة جدًّا.

بالنسبة لسؤالك: تخطيط المخ الغير طبيعي لوحده لا يعني أن الشخص مُصاب بالصرع؟ هذا الكلام صحيح، لأن الاضطراب الكهربائي يمكن أن يكون ناشئًا من منطقة ليس بها بؤرة صرعية، لكن عمومًا أي عدم انتظام في كهرباء الدماغ حتى وإن لم تُوجد بؤرة صرعية، يُفضَّل أن يتناول الإنسان الأدوية المضادة للصرع بجرعة صغيرة، وذلك حتى يصل وضع الدماغ إلى مرحلة الاستواء والهدوء التام، وتختفي الاضطرابات الكهربائية، هذا أمرٌ متفق عليه.

سؤالك: هل البدء بالعلاج دون نوبة تشنّج عملٌ صحيح؟
إذا كانت الشهادة العينية صحيحة، يعني أن الصرع وصف يصفه من شاهده للطبيب، وهذه حالة معروفة، وكثيرٌ مَن يأتينا يكون تخطيط الدماغ لديهم سليم جدًّا، لكن القناعات الإكلينيكية - أي ما يُوصف لنا - يدل على وجود الصرع، وفي هذه الحالة نُعطي العلاج الدوائي، وبالفعل تكون النتيجة اختفاءً تاماً للتشنجات.

سؤالك: وهل فقدان الوعي بدون تشنج يدخل في اضطرابات الدماغ؟
نعم هو نوع من أنواع الصرع، ولا شك في ذلك، وغالبًا يكون هذا النوع من الصرع ناشئ من منطقة في الدماغ تُسمى بالفصِّ الصدغي، وهذه الحالة تكون مصحوبة بالقلق وبالخوف في كثير من الأحيان، وأنا أرى في ختام رسالتك أن الطبيب الأخير قد ذكر لك أنك بالفعل تعاني من القلق والتوتر، وأنا أؤمِّن تمامًا على ما ذكره لك، فالأعراض التي ذكرتها كلها أعراض نفسوجسدية، ناتجة من القلق، فأعتقد يجب أن يُضيف لك الطبيب شيئًا لعلاج القلق والتوتر، هنالك أدوية كثيرة جدًّا، أدوية سليمة، عقار مثل الـ (دوجماتيل Dogmatil) والذي يسمى علميًا باسم (سلبرايد Sulipride) بجرعة 50 مليجرام صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم 50 مليجرام صباحًا لمدة شهرٍ، يمكن أن يكون دواء جيدًا وسليمًا وبسيطًا، وليست له تفاعلات سلبية مع الدباكين أو الأدوية المشابهة.

ظهور الأعراض التي تحدَّثت عنها -أيها الفاضل الكريم- وهي: الرفرفة في أماكن مختلفة من الجسم والطنين في الأذن؟

الدباكين قد يؤدِّي إلى رجفة بسيطة في الجسم، لكن بهذه الرفرفة حقيقةً لم تطرأ عليَّ أبدًا في كل المراجع العلمية، أما طنين الأذن نادرًا جدًّا ما يحدث، ويختفي في ظرف أسبوع. فالدواء سليم وممتاز، عليك بمواصلة تناوله ومتابعة الطبيب.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً