الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من مشاعر متضاربة ومتناقضة، فهل أنا مريضة نفسيا؟

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة أبلغ من العمر 18 سنة، أشعر بأن لدي مشكلة نفسية، وأنا محتارة جداً من تصرفاتي وأفكاري، فأنا أحب العزلة كثيراً، وأحب الجلوس في الغرفة لوحدي، ولا أحب الضوء أو الأصوات المرتفعة، فكلها تشعرني بالصداع.

في الكثير من الأحيان تنتابني حالات من الاكتئاب والبكاء المفاجئ بدون سبب، وأشعر بأنني أكره الناس كثيراً، وأشعر بأنهم متخلفون، وأني أفضل من كثير منهم، وأكره حتى الأطفال، وأيضاً الناس المقربون لي، مثل أمي أو أبي، ففي بعض الأحيان عندما أتحدث مع أمي وأضحك معها، أكون في داخلي أشتمها ولا أريد أن أسمعها، وأشعر بتأنيب الضمير، ولكن الأمر ليس بيدي، كما أنني إنسانة حساسة جداً، وأنزعج من أي كلمة، وأبكي كثيراً بسبب كلمات بسيطة وتافهة تقال لي.

هنالك أيضاً مشكلة أعاني منها، وهي التناقض الغريب في الأقوال والتصرفات، فمثلاً: أقول إني ضد موضوع معين، وأكون مقتنعة بهذا الشيء، ولكن عندما أرى أناساً آخرين يقولون إنهم ضد هذا الموضوع أشعر بالانزعاج منهم، وأشتمهم في داخلي.

كما أنه في بعض الأحيان أشعر بأني إنسانة شريرة أو مجرمة، وأحب شخصيات المجرمين، وأحب أن يكون قلبي قاسيا وأن لا أبكي أبداً، ولكن لا أستطيع لأني فتاة حساسة جداً، وقلبي طيب، ولكن وفي بعض الأحيان أكون إنسانة متمردة جدا، وأفكر تفكيراً سلبياً، وأتمنى أن أكون مدمنة كحول أو مخدرات أو مدخنة، أو أتمنى أن أسافر إلى بلاد معينة، وأعيش لوحدي بعيدا عن الناس.

أشعر بالاستياء الشديد من أفكاري، وأشعر أني إنسانة سيئة جدا من الداخل، بالرغم من أنني هادئة جداً ومهذبة بطبيعتي، وأحترم الآخرين، وأيضاً محافظة على صلواتي وقراءة القرآن الكريم، وقد عشت طفولة عادية وجميلة، ولم أتعرض للظلم من قبل أي شخص، فحياتي حياة عادية جداً ومريحة، ولكن لا أستطيع أن أتحكم بتصرفاتي، فهل أنا مريضة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أسيل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنت بعمر ثمانية عشر سنة، وهذا طبعًا عمر المراهقة عند الشباب والشابات، وكثير من الخبراء النفسيين يقولون إن معظم الشباب والشابات يمرون بمرحلة من الصراع النفسي، والانفعال العاطفي، والتفكير الكثير، والمشاكل النفسية في هذا الطَّوْرِ، بل بعضهم يقول: إن الإنسان إذا اجتاز هذا الطَّور وهذه المرحلة دون صراعات نفسية داخلية به فليس بالشيء الطبيعي.

أنت الآن في هذا العمر تمرين بهذه المرحلة وهذا الطور من الأطوار، وما يعتمل في صدرك جزء من الفكر الوسواسي، والانفعالات الداخلية، وكما ذكرتِ أنك إنسانة مهذَّبة ورقيقة وحسَّاسة، فهذه أشياء تحدث في هذا العمر –يا ابنتِي– من التفكير، وعند الشباب أحيانًا تكون في صورة سلوكية، وأحيانًا يكون هناك نوع من العنف اللفظي أو العناد –وهلمَّ جرًّا–، وهذا كله حصل في داخلك في شكل أفكار وسواسية، أو كثرة التفكير، والجنوح أحيانًا في التفكير، بمعنى أنها بدلاً ما أن تكون سلوكية صارتْ داخلك، صارت في نفسك، وأنا أعلم أنك تتألمين من هذا، لكن تحملي بعض الشيء، وهي فترة ومرحلة ستنتهي -بإذنِ الله تعالى-.

ما تمرين به أو تشعرين به ليس مرضًا، فهذه فترة عابرة يمر بها معظم الشباب، فترة المراهقة، يحدث فيها تغيرات هرمونية وتغيرات فسيولوجية ووجدانية وجسمانية ونفسية، والحمدُ لله أنك ملتزمة بصلاتك، ومتدينة، فحاولي أن تشغلي نفسك بأشياء أخرى مفيدة، وحاولي دائمًا أن تنشغلي، يعني حتى وإن كنت لا تختلطين كثيرًا بالناس، ولكن يمكنك الانشغال بعمل أشياء مفيدة تُبعدك عن التفكير في كثير من الأحيان.

وفَّقك الله وسدَّد خُطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • ألمانيا ام سلمان السودان

    اسال الله ان يثبت الاخت وان يصرف عنها كل سوء سدد الله خطاكم وان يوفقكم الي كل خير

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً