الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من ضيق تنفس مستمر، فما هذه الحالة؟

السؤال

السلام عليكم.

عمري 21 عاما، أعاني منذ سنة ونصف من قلق، وتوتر، وضيق في التنفس طوال اليوم، وضربات القلب السريعة طوال اليوم، وأيضا أعاني من التلعثم منذ الطفولة، وهذا جعل مني شخصا خجولا غير قادر على التعامل مع أي أحد.

أنا شخص يحب الحياة، والعمل، والدراسة جدا، ولكن منذ 3 سنوات توقفت عن كل شيء، حتى الصلاة، أصبحت حزينا جدا، كثرت عاداتي السلبية، أصبت بانتفاخ، وتجشؤ مستمر، ذهبت إلى أربعة أطباء، عملت تحليل دم شامل، وغدة، ووظائف كبد، وكولسترول، وتخطيط كهرباء على القلب، وأشعة إيكو، كلها سليمة ولله الحمد، لكن ظهر أن عندي كولسترول.

ذهبت إلى طبيب نفسي منذ عدة أيام، أعطاني إندرال 10 وزولام، وseroxat cr وبيزولو للمعدة.

أريد أن أعرف سبب ضيق التنفس المستمر، وضربات القلب العالية، مع أن كل الأطباء أكدوا أني لا أعاني من أية أمراض، وكيف أخرج من هذه الحالة؟

والله أنا أعاني جدا، وأمي أكثر مني، فماذا أفعل؟

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فحالتك واضحة جدًّا، وبالفعل كان من المفترض من الأخوة الأطباء -الذين قمت بزيارتهم- أن يشرحوا لك بتفصيل مفيد طبيعة هذه الحالة، وحقًّا فهم مثل هذه الحالات من جانب الشخص الذي يُعاني منها هو أفضل وسيلة لعلاجها.

أيها الفاضل الكريم: الذي بك هو حالة نفسية نسمّيها بـ (قلق المخاوف)، وهذا القلق أدَّى إلى أعراض جسدية، لذا تُسمَّى الحالة بـ (حالة نفسية جسدية) أو (نفسوجسدية)، يعني أن هنالك أعراضا عضوية مثل تسارع ضربات القلب، والشعور بالضيقة في الصدر، وضيق التنفس، هذا كله سببه نفسي وليس عضويًّا.

والتفسير العلمي هو: أن القلق النفسي -والذي قد يكون ليس له أي مسبِّبات أو هو جزء من البناء النفسي للإنسان- يؤدي إلى توتّر نفسي، والتوتر النفسي يؤدي إلى توتر عضلي، وأكثر عضلات الجسم التي تتأثّر هي عضلات القفص الصدري، والجهاز الهضمي، وفروة الرأس، وأسفل الظهر، لذا تجد كثيرًا من الناس يشتكون ممَّا نُسمّيه بـ (الصداع العُصابي/القلقي)، وكثير من الناس يشتكون ممَّا يُعرف بـ (القولون العصبي/العُصابي)، وضيق التنفس هذا الذي تعاني منه هو من الانقباض العضلي الذي يُصيب القفص الصدري نتيجة للتوتر النفسي، أمَّا ضربات القلب الزائدة أو العالية فسببها أن القلق يؤدي إلى إفراز مادة تُسمَّى (أدرينالين) وهذا يؤدي إلى تنشيط الجهاز العصبي اللاإرادي (السمبثاوي)، وهذا ينتج عنه تسارع في ضربات القلب.

إذًا هذا هو شرح حالتك ولطبيعتك، وأتمنى أن تكون قد تفهّمت ذلك، الأمر لا علاقة له بأي مرض عضوي، قلبك -إن شاء الله- سليم، كلّ أعضائك الجسدية سليمة، والحالة التي بك هي حالة (نفسوجسدية)، والعلاج الأساسي ليس في الأدوية، الزيروكسان نعم قد يكون مفيدًا، لكن أهم علاج هو: ممارسة الرياضة، والتمارين الاسترخائية، وعدم الكتمان؛ لأن التعبير عن النفس يُجنّب النفس الاحتقان ويفتح محابسها، ويؤدي إلى ما نسمّيه بالتفريغ النفسي.

التواصل الاجتماعي المستمر، والقيام بالواجبات الاجتماعية أيضًا له عائد كبير جدًّا من حيث المنفعة العلاجية، الصلاة في وقتها، الذّكر، والانكسار في العبادة لمرضاة الله تعالى، وصِلة الرحم، ومساعدة الضعيف... هذه كلها توجّه طاقات القلق والخوف من طاقات نفسية سلبية لتجعلها طاقات إيجابية، فاحرص على هذه المبادئ الحياتية، واجتهد في دراستك، وكن بارًّا بوالديك، ولا تتردّد بين الأطباء كثيرًا.

أمَّا الزيروكسات والزولام، فالزولام دواء يفيد في القلق، لكنه قد يؤدي إلى التعوّد، ولا بد أن تتخلص منه.

الزيروكسات: دواء جيد، لكن التوقف عنه يجب أن يكون بتدرُّج، وأنا سوف أترك هذا الأمر لطبيبك، إن أراد أن يُوقف هذه الأدوية أو يُغيّرها إلى أدوية أخف منها، لكن علاجك الرئيسي والأساسي هو ما ذكرتُه لك من إرشاد، وأرجو أن تكون الحالة قد وضحت بالنسبة لك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً