الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التخلص من المشاكل الناجمة عن الرسوب الجامعي

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أود من حضراتكم أن تسمعوا قصتي وتضعوا لي الجواب الشافي.

أنا شاب عندي 20 سنة دخلت كلية لا أحبها من عام 2002، ثم وصلت بها إلى السنة الثالثة، فإذا مرض جدتي الشديد ووفاتها رحمها الله، والظروف الصعبة التي حلت علي من جراء مرضها ووفاتها (لأني كنت متعلقاً بها بشدة)، وظلم أعضاء هيئة التدريس في الكلية لي في المواد؛ جعلني أرسب هذا العام وأعيد السنة.

المشاكل الحالية من هذا الموقف الصعب:

1- أنا لم أقل لهم في البيت أني رسبت، بل قلت لهم إني في السنة الرابعة وصدقوا.

2- خطيبتي التي أحبها فسخت الخطوبة عندما قلت لها هذا الحوار والظروف الصعبة التي أدت إلى رسوبي، وكم أثر هذا في نفسيتي وقالت لي بالحرف: أنا لا أرتبط بفاشل!
(أنا قلت لأهلي في البيت إن هناك خلافاً وانتهي الأمر)

3- أصحابي الذين عملت لكل واحد منهم معروفاً سواء عمل بحث أو مذاكرة أو تلخيص المناهج لا يكلمونني كما سبق، حتى أصدقائي المقربين، كلهم صار الكلام من بعيد لبعيد هكذا، ماعدا صديقاً واحداً مخلصاً.

4- الوحدة.

5- لم أجد أحداً أتكلم معه (لأن صديقي الوحيد هذا قليل الحيلة).

والله يا شيخ وأنا أكتب هذه المشكلة أبكي بشدة، نظراً لما وصلت إليه من هذه المرحلة الحرجة، بعد أن كنت مشهورا بطيبتي وتديني وخفة دمي، وخدمتي للآخرين وتفوقي، ويحسدني الجميع على خطيبتي التي أحبها وتحبني.

أصبحت شبه إنسان من كثرة الحزن والبكاء الذي يغمرني في وحدتي على كثرة هذه المشاكل التي تقع على كاهلي، ولا أعرف ماذا أعمل؟ ولست قادرا أن أحكي لأي أحد هذا الحوار، لأني ليس عندي أحد أحكي له ما حدث، ولا أستطيع أحكي لأهلي لأني خائف عليهم من رد الفعل العنيف الذي قد ينتابهم، خصوصاً أن والدتي مصابة بالسكر ووالدي بالضغط.

دائماً والله أتذكر الذكريات الجميلة – السابقة - في البيت والكلية وخطيبتي، فأبكي على حالي الآن، أحس أني ضائع وفاشل، وسأصاب بالاكتئاب من كثرة ما أشعر به من حزن ويأس في قلبي، وقاعد أفكر في مستقبلي القادم، هل سأعمل وأتزوج وأعيش مثل الناس العاديين، أم لن يرضى أحد بـالفاشل مثلي؟

والله أنا أدعو الله أن يفرج عني، إنه ابتلاء صعب جداً، كيف أتحمله يا شيخ؟ أنا لم يعد لي نفس أن أعمل أي حاجة، أعمل ماذا؟
جزاكم الله خيراً، آسف على الإطالة، وأرجوك أن ترد علي بسرعة!


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل / أيمن حفظه الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يأخذ بيدك وأن تنهض من عثرتك، وأن يعيد إليك ما فقدته، وأن يعوض عليك.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فإنه ومما لا شك فيه أن طعم الفشل أمر من العلقم؛ خاصة إذا ترتب عليه ضياع أمور جميلة وذكريات رائعة، وكم أنا فعلاً متعاطف معك لظروفك التي تمر بها حالياً، ولكن اسمح لي أن أقول لك: هل هذا الحزن وهذه الكآبة سوف تحل مشكلتك؟ قطعاً لا وألف لا! بل إن ما أنت عليه الآن لن يزيد الطين إلا بلة، ولن يزيد المرض إلا علة، ولابد ومن الآن اتخاذ قرار قوي وجريء بتغيير هذا الواقع المؤلم؛ بدلاً من أن تظل تبكي على الأطلال وتغني (ظلموه)!
قم يا رجل وانفض عنك غبار الضعف والاستكانة والتخاذل والانهزامية، واملأ رئتيك بالهواء النقي الذي يسبح في أجواء السماء، وكرر وبصوت قوي: لن أنهزم أبداً ولن أتخاذل ولن أضعف، ولم ولن أستسلم مهما كانت التحديات!

قم يا أيمن الآن وقرر أن تعيد إلى نفسك ثقتك بها، فأنت الوحيد القادر على مساعدة نفسك، ومهما حاول الأصدقاء أو غيرهم فلن يعدو دورهم الدعوات والتمتمات والنصائح، أما أنت فأنت الوحيد القادر على إخراج نفسك من هذه الدوامة المؤلمة وهذا المستنقع الآسن.
لا تبك على ما مضى، وتأكد من أن هذه الفتاة لو كانت فعلاً من نصيبك ما تخلت عنك، ومن يدري ربما ترجع إليك إذا وقفت على قدميك وأثبت لها أنك لم تستسلم، وأنك قادر على صنع الكثير والكثير، وعندها تعتذر لها بأن من تتخلى عن خطيبها في وقت الشدة لا تصلح أن تكون له زوجة.

ابدأ من جديد وانتظم في دراستك، واجتهد في الأخذ بالأسباب، ولا تلتفت وراءك مطلقاً، ولا تعبأ بأصدقائك الذين تخلوا عنك، لأنهم لم يكونوا صادقين في صداقتهم لك، فمثلهم لا يبكى عليه.
إياك أن تستسلم! فأنت الوحيد القادر على إعادة كل شيء والقادر على أن تكون متميزاً، وكم من العظماء من أخفق في بعض سنوات الدراسة، وكان الإخفاق حافزاً للنبوغ والعبقرية والتفوق.
لا تجلس وحدك، وتوقف عن البكاء، واستعن بالله، وحافظ على الصلاة والأذكار خاصة أذكار تفريج الكربات والصباح والمساء، واجعل لك وردا يومياً من القرآن، واذهب الكلية واحضر المحاضرات وذاكر أولاً بأول، وأنا واثق من أنك ستكون الأول إن شاء الله، وأتمنى ألا تخيب ظني فيك يا أخي.

والله والموفق.



مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً