الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحس أن الحياة لا طعم لها وأني في حلم.. ما الحل؟

السؤال

بنت خالتي أصابها مرض نفسي، وكأن شيئًا أصبح يوسوس لها، وذهبوا بها لشيخ، وأصبحت تقول لهم كل أسرارنا التي قلتها لها أيام زمان، وهي ليست بوعيها، حينها خفت أن أصاب بنفس الشيء، وحاولت أن أشغل نفسي عن هذه الوساوس بالتلفون، وبعد ذهاب هذه الأفكار أردت أن أذهب إلى الدكان، ولكن لم أستطع الخروج، خفت ولم أذهب، وثاني يوم أحسست أني لست أنا، أحسست أني اختلفت، لم أعد أعرف نفسي، أحسست أن الحياة لا طعم لها، وأني أحلم، وحتى أحاول أن أستعيد نفسي، حاولت أن أتذكر كل كلمة قلتها بالماضي، وإذا أحد أقترح عليّ سؤالاً، أسأل نفسي كيف كنت أجيبه في الماضي؟ وفي الليل أسمع القرآن، وأقرؤه، ولم أرجع مثلما كنت!

وأنا الآن أريد العلاج، هل بعد أن أتعالج سوف أرجع كما كنت؟ وقالت لي صاحباتي: اذهبي عند أحد يعالج الخوف.

ماذا أفعل لحالتي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Jana حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في استشارات إسلام ويب، وأسأل الله تعالى لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

الذي حدث لك طبعًا هو ليس بانتقال للأعراض التي أُصيبت بها بنت خالتك، إنما هو تخوّف ورهبة وتوجُّس ووسوسة أن الذي حدث لها من علَّةٍ نفسيَّة جعلتها تفشي أسرار الأسرة، وقطعًا في هذه الحالة تكون قد فقدت الاستبصار والارتباط بالواقع.

فأنت الذي حدث لك هو مجرد تخوّف، والتخوف لا يعني أبدًا أن الإنسان قد أُصيب بالحالة، وطبعًا نسبةً لقُربك لقريبتك هذه – التي نسأل الله لها العافية – تأثّرت أنت، وهذا شيء طبيعي، لأن الأعراض النفسية كثيرًا ما تكون غريبة جدًّا، وتؤدي إلى إثارة الفضول والتخوّف؛ لأنها في كثيرٍ من الأحيان تكون متعلقة أيضًا بأشياء غيبية قد يتحدَّث عنها المريض، ظواهر ليست طبيعية.

فالذي حدث لك هو تخوف وسواسي قهري وليس أكثر من ذلك، والخوف ليس بمعنى الإصابة، يعني: أنت لم تُصابي أبدًا بما أُصيبت به بنت خالتك، وإحساسك بالتغرُّب عن ذاتك، وأنك قد اختلفت ... هذه كلها وساوس، وليس أكثر من ذلك، وأنا أؤكد لك أن صحتك النفسية متكاملة، صحتك النفسية على أفضل ما يكون، وهذا التأثير -إن شاء الله تعالى- هو تأثير عارض، حدث نوع من التأثير الإيحائي - أو ما نسميه بالتماهي - مع الشخص الذي أُصيب بالظاهرة النفسية، وذلك نسبةً لقُربها منك.

الذي أريده منك هو التجاهل التام لهذه الأفكار وتحقيرها، وأن تسألي الله تعالى لبنت خالتك الشفاء والعافية، وأن تسألي الله تعالى لك العافية وألَّا تُصابي بأي مكروه، وعليك أن تحرصي على الصلاة في وقتها، والأذكار، خاصة أذكار الصباح والمساء، فهي حافظة تمامًا -إن شاء الله تعالى-، واصرفي انتباهك إلى دراستك وإلى ما هو مفيد، انخرطي في أنشطة مختلفة، تجنّبي السهر، مارسي رياضة المشي، تواصلي مع صديقاتك على أسس إيجابية، وليس على أسس سلبية وسواسية، أي: لا تتحدثي عن موضوع هذه الفتاة، وإن شاء الله تعالى الأمر ينتهي تمامًا، هذا مجرد تأثير نفسي وليس أكثر من ذلك.

لا أراك في حاجة لعلاج دوائي، نعم هنالك أدوية ممتازة جدًّا لعلاج المخاوف الوسواسية، لكن أريدك أن تعتمدي على نفسك، وأن تكوني أكثر قوة، وأن تتجاهلي كل هذا الذي يحدث، وإن شاء الله تعالى أنت بخير.

وإذا – لا قدّر الله – لم تتحسّني بصورة ملموسة بعد أسبوعين يمكنك أن تتواصلي معي، أو تذهبي إلى طبيب نفسي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً