الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حين أنصح الناس يأتيني وسواس أن نصحي رياء، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

إخوتي في الله: غمرني الله بكل ما أحبه، وأحب المساجد، وأحب أن أذهب إليها قبل الأذان، وفيها أحفظ القرآن منفرداً، رغم أن عندي ذنوب خلوات، أسأل الله أن يبعدها عني.

سؤالي: أنصح الناس كثيراً داخل المسجد، كلما رأيت أحدهم يخطئ في صلاته، طريقة التكبير إلى الحركات إلى أي شيء يفعله، وخصوصاً بعد التأكد من صحتها أو أنها منهي عنها، وعندما يسمع مني أحدهم أفرح وأستبشر، ويأتيني وسواس أني مذنب، وأنصح! وهذا من النفاق أو أني أفعل ذلك رياء.

انصحوني، رحمكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ المصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك - أخي الحبيب - في استشارات إسلام ويب.

نحن سعداء بتواصلك معنا، كما أننا سعداء أيضًا بما مَنَّ الله تعالى به عليك من التوفيق لهذه الأعمال الصالحة، والأخذ بيدك، والإعانة على الطاعة، ونسأل الله أن يزيدنا وإياك هُدىً وصلاحًا، وأن يُعيننا على ذكره وشُكره وحُسن عبادته.

قد أحسنت - أيها الحبيب - غاية الإحسان بمباشرتك لنصح الآخرين، وتعليمهم ما تعلمه من أمر الشرع، وأمور صلاتهم، وهذا من علامة الخير فيك، فإن الله تعالى شهد لهذه الأمة بالخير لقيامها بوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولكن الشيطان حريص على أن يصدّك عن هذا الطريق الذي سلكته، وأن يصرفك عنه، فهو كما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه كلِّها)، فيريد أن يُزهّدك في هذا العمل الجليل النافع، فجاءك من هذا الباب، وهو التخويف من النفاق والرياء، والتذكير بأنك من أهل الذنوب والمعاصي، وهذه كلها حيل شيطانية، يريد من خلالها أن يثبطك ويصرفك عن هذا العمل الصالح.

كلُّنا له خطأ، وكلُّنا له ذنوب، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (كلُّ بني آدم خطَّاء، وخير الخطّائين التوّابون)، والشاعر يقول:
إذا لم يعِظْ في الناس من هو مُذنبٌ ** فمن يعظُ العاصينَ بعد محمّدِ
صلى الله عليه وسلم.

قَالَ الْحَسَنُ لِمُطِّرِفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: ‌عِظْ ‌أَصْحَابَكَ، فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ أَنْ أَقُولَ مَا لَا أَفْعَلُ، قَالَ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ! وَأَيُّنَا يَفْعَلُ مَا يَقُولُ! وَيَوَدُّ الشَّيْطَانُ أَنَّهُ قَدْ ظَفِرَ بِهَذَا، فَلَمْ يَأْمُرْ أَحَدٌ بِمَعْرُوفٍ وَلَمْ يَنْهَ عَنْ مُنْكَرٍ) وقَالَ مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ: لَوْ كَانَ الْمَرْءُ لَا يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ حتى لا يكون فيه شيء، ما أمر أَحَدٌ بِمَعْرُوفٍ وَلَا نَهَى عَنْ مُنْكَرٍ.

لو عملنا بهذا المبدأ الذي تتخوّف أنت منه، وقلنا بأن الشخص المُذنب لا ينصح الآخرين، فلن يقوم أحدٌ بالنُّصح؛ لأن كل واحد من بني آدم مُذنب.

دع عنك إذًا هذه الأفكار السلبية، وتجاوزها إلى فعل ما تقدر عليه من فعل الخيرات، وأهم ما ينبغي أن تعتني به أن تتعلَّم ما تريد أن تُعلّمه للآخرين، حتى تكون على بصيرة، وقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً