الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد قراري لفراق من أحببت لم أستطع تجاوز آثار ذلك القرار

السؤال

خطبت فتاة، وكنت أحب هذه الفتاة حباً جماً، ولكنني في بعض الأحيان كنت أقسو عليها؛ وذلك نتيجة ضغوطات الحياة؛ فأنا كنت أعمل في مجال الطب، ووضعي المادي متوسط، وكانت هذه الفتاة تحبني، وكثرت المشاكل بيننا كثيراً وبين أهلي وأهلها، فكلاهما يرى أن الطرف الآخر هو المقصر، ورغم ذلك صبرت، ولكن في نهاية المطاف قلت لها أننا لن نستطيع أن نكمل سوياً، وندمت على هذا القرار، ولكن أهلي وأهلها كانوا مقتنعين بهذا القرار، لدرجة أن لا أحد يحاول أن يصلح بيننا، ولكنني متعلق بهذه الفتاة كثيراً، وأعرف داخلياً أن الأمور لن ترجع كسابق عهدها، ولحد الآن لم أستطع تجاوز الشعور الداخلي تجاهها، فلقد كانت بالنسبة لي حب حياتي، وكأنها لا مثيل لها.

حاولت من إصلاح العبادة، ولكنني متعلق بها، لدرجة أنني أعرف أن لا أحد سوف يعوض مكان هذه الفتاة بقلبي، ولكن مهما حاولت فلقد ضاع كل شيء، وأعرف أن الخطأ كان مني، حاولت أن أصلح من نفسي ولكنني أصبحت مشتتاً ضائعاً، وكنت قد بنيت آمالي على هذه الفتاة التي كانت حب حياتي.

أرجو المساعدة، سمعت كثيراً من كلام المواساة والتقرب من الله ولكن كل ذلك لم يفلح!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يامن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.

وبخصوص ما تفضلت به فاعلم -بارك الله فيك- ما يلي:
أولاً: العين ترى غير المقدور عليه على غير ما هو عليه، أعد قراءة هذه الجملة أكثر من مرة، فإن فهمها هام في تفهم حالتك التي أنت عليها.

أخي الكريم: من الوسائل التي يتبعها الشيطان لتحزين مسلم أن يريه أن ما مضى منه لا يعوض، وما فات منه لا يأتي مثله، وأن النهاية قد أوشكت، والسعادة مع من رحلت قد رحلت، ويبدأ يظهر لك كل جوانب حسنة كانت فيها ثم يضخمها، وكل أخطاء كانت منك ثم يعظمها، حتى يصل لك إلى ما يريده.

ثانيا: نحن هنا لا نصوبك أو نخطئ الفتاة، وإنما نقول لك لماذا وصلت إلى تلك المرحلة التي ذكرت فيها أنك أصبحت مشتتاً وضائعاً، نخبرك بذلك حتى يعود الاتزان الفكري إلى موضعه، وتفكر بتؤده من غير تهويل ولا تهوين.

ثالثا : أخي الكريم: ضع هاتين القاعدتين في رأسك:
1- صلاح أي فتاة لا يعني خلو غيرها من الصلاح؛ فالخير باق في الأمة والحمد لله.
2- قد يكون الرجل خلوقاً متديناً، والمرأة كذلك، ولكنهما لا يصلحان للزواج، فهذا لا يعني بالضرورة قدحاً فيهما.

رابعا: سنضع لك الآن خطوات للسير عليها، ونرجو منك أن لا تبدأ في الثانية حتى تحسم أمر الأولى.

1- هل هناك مجال للصلح أو إمكانية للعودة من قبل الفتاة وأهلها أم لا؟ إن كانت المسألة قد انتهت بالنسبة لهم، فلا تقرأ بقية الخطوات، وعليك من الفور البحث عن فتاة أخرى صالحة لك، والإيمان الجازم بأن هذا هو الخير لك ولها.
وقد تقول: أنا لا أعلم إن كانت الأمور مهيأة معهم للعودة أم لا؟ ونقول لك ساعتها يجب أن توسط أحداً من أهل الدين والعلم والحكمة ليستنطق الحال دون أن يكون لك فيه يد، فإن قال لك: المسألة انتهت، فجوابنا كما ذكرنا لك، وإن قال لك: إمكانية العودة قائمة فننصحك بأن تكمل القراءة.

2- ما دام الباب لم يغلق ولا يزال هناك إمكانية للرجوع، فإننا لا ننصحك بالتواصل، ولكن ننصحك بالجلوس مع نفسك وعرض صفات الفتاة على عقلك لا عاطفتك، وعرض ميزاتها ومعايبها، بكل حيادية وبدون أي تأثير عاطفي عليك، فإن وجدت ساعتها أن المشتركات بينكما أكثر، وأن الخلافات يمكن أن تستوعب، وأن الأخطاء التي عالجت بها المشاكل يمكن أن تنصلح، فساعتها نقول لك: ابدأ في الإصلاح، وبين لها الأخطاء التي وقعتما فيها، وأظهر لها إمكانية تجاوز تلك الهنات بوسائل أخرى، هذه ستكون البداية.

3- إذا وجدت أن الفتاة عند التحقيق عادية، وأن الذي كان يجذبك إليها هو مجرد أمور عادية، وأن قناعتك بها ليست بالدرجة التي يمكن أن تتحمل أخطاءها أو رأيت أنك لا تستطيع أن تتعايش مع الأخطاء أو أن كلفة الإصلاح ستكون أكثر، ساعتها لا تُقدم، وعليك أن تبحث عن زوجة أخرى، وستجد إن شاء الله.

4- إن اضطرب القرار عندك، ورأيت أنك في صراع بين إيجابياتها وسلبياتها، وأنك لم تستطع الميل إلى العودة إليها أو الرحيل عنها، فاستشر من تثق في دينه وأمانته وحكمته -وإن شاء الله- سيغلب عليك أحد الرأيين.

وأخيراً: أخي الكريم: لا تقدم على أي أمر إلا بعد استخارة، واعلم أن الخير ما قدره الله لك وقضاه.

نسأل الله أن يوفقك وأن يسعدك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً