الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أنصح أهلي للتوقف عن الحلف بغير الله والنميمة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:

يا فضيلة الشيخ إن أهلي عندما يحلفون بغير الله، مثل: (والنبي، وحياتك... إلخ)، أقوم بنصحهم بأن لا يقوموا بذلك، ولكن يستهزئون بي ويقولون شيخ مبارك وما إلى ذلك! وأيضاً عندما أراهم يقومون بالنميمة وأقول لهم هذا خطأ، يقولون نفس الكلام، فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ زياد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -ولدنا الحبيب- في موقعك استشارات إسلام ويب، ونحن سعداء بتواصلك معنا، ونهنئك أولاً -ولدنا الحبيب- بما يسّر الله تعالى القيام به من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذه -إن شاء الله- علامة على وجود الخير فيك؛ فإن الله تعالى شهد لهذه الأُمّة بالخيريّة لأمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر، فقال سبحانه: {كنتم خير أُمّةٍ أُخرجتْ للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله}.

والرسول -صلى الله عليه وسلم- أخبرنا في أحاديث كثيرة أن إنكار المنكرات دليل على وجود الإيمان، فقال عليه الصلاة والسلام: (من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان).

فقيامك بالمعروف والنهي عن المنكر قيامٌ بعبادةٍ جليلةٍ يُحبُّها الله تعالى ويرضاها منك، وإذا رضي الله تعالى عنك فلا تُبالِ بعد ذلك بسخط الناس، واعلم أن إرضاء الله تعالى سببٌ أكيد لجلب رضا المؤمنين.

ونصيحتنا لك -أيها الحبيب- أن تتفقّه في كل شيءٍ تُريد أن تُنكره قبل أن تُنكره حتى يكون إنكارك للمنكرات عن علمٍ وبصيرة، والحلف بغير الله ممَّا حرّمه الله تعالى، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَن كان حالفًا فليحلف بالله)، وقال: (لا تحلفوا بآبائكم)، وقال: (من حلف بغير الله فقد أشرك)، والأحاديث في هذا كثيرة جدًّا.

فإذا أنكرت على شخصٍ كونه يحلف بغير الله تعالى وقابل إنكارك بالاستهزاء فلا تُبالِ بهذا، فقد استُهزئ بأنبياء الله تعالى ورسله من قبلك، والقرآن يُحدِّثُنا في آياتٍ كثيرة عن استهزاء هؤلاء القوم بالأنبياء والرسل؛ فإذا كان الأنبياء قد تعرَّضوا للاستهزاء والسخرية من الناس الذين ينهونهم ويُنكرون عليهم منكراتهم؛ فكيف بالواحد مِنَّا.

ولكن نصيحتنا لك أيضًا -أيها الحبيب- أن تكون رفيقًا حكيمًا في إنكار المنكر بإخوانك المسلمين، وأن تتبع أسلوب اللين ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، عملاً بقوله سبحانه وتعالى: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن}، واعلم أن الرفق دائمًا يكون سببًا في الخير، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ما كان الرفق في شيءٍ إلَّا زانه، وما نُزع من شيءٍ إلَّا شانه).

فإذا قابلت هذا الاستهزاء بالحلم والصفح والعفو، وأبديت لمن يستهزئ حبّك له وحرصك على الخير له، وأن هذا الحب هو الباعث لك على إنكار هذا المنكر، وكنت مترفِّقًا أيضًا في كيفية الإنكار؛ فإنك ستجد بإذن الله تعالى قبولاً من المسلمين، فإن الباري سبحانه وتعالى أخبرنا بأن الذكرى تُؤثّر في المؤمنين، قال: {وذكّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين}.

فالخلاصة -أيها الحبيب- تتمثّل في أنك ما ينبغي لك أبدًا أن تتراجع عن السير في هذا الطريق، وهو طريق التعليم والنصح والتذكير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكرات، ولكن مع الأخذ بالآداب التي ينبغي أن تُرافق هذا الأمر وهذا النهي، وأن يكون الإنسان مخلصًا لله تعالى فيما يقوم به، مُريدًا للخير للآخرين، لا يُشعرهم بالتكبُّر عليهم، كما أنه لا بد أن يكون قد تفقّه وتعلَّم الأحكام المتعلقة بالشيء الذي يريد الإنكار فيه، وبهذا إن شاء الله ستصل إلى بُغيتك وما يُريده الله تعالى.

نسأل الله تعالى أن ييسّر لك الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً