الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضبط النفس وحسن إدارة العلاقات الاجتماعية

السؤال

السلام عليكم

سؤالي حول كيفية ضبط النفس عند التعامل مع الآخرين، ومن حولنا، فالمشكلة تكمن في طريقة تعاملي مع من حولي هي هشاشة شخصيتي، وعدم القدرة على ضبط لساني عند التحدث معهم؛ ففي حين أني أعقد العزم على عدم الغيبة، وإفشاء الأسرار الخاصة بي، وبمن هم مقربين مني، أجد نفسي لا إرادياً أبوح بأشياء لا ينبغي البوح بها، كمشاكلي مع زوجي مثلاً، أو الشكوى من أولادي، وعن بعض المشاكل الخاصة بالمقربين مني، وهذا قد يتضمن غيبة لبعض الناس، مع أن نيتي ليست كذلك، سرعان ما أندم على ذلك التصرف، وأحياناً في نفس الجلسة، وكل هذا يجعلني أشعر بأن شخصيتي ضعيفة وهشة، لا أمتلك القدرة على السيطرة على انفعالاتي، وما أتفوه به.

السؤال هو: كيف أستطيع أن أدرب نفسي على السيطرة على انفعالاتي، وما أقوم به بشكل عام؟ حتى عند التعامل مع أولادي أحياناً أتفوه بكلمات قاسية، وأتصرف بشكل خاطئ، رغم إدراكي لهذا الخطأ، وذلك بسبب العصبية الزائدة.

السؤال الثاني هو: كيف أستطيع ترميم ما سبق؟ وقد كشفت نفسي للآخرين ممن لا يؤتمن جانبهم، وقد يسيئون الظن بي أو يفشون تلك الأسرار.

أتمنى أن تقدموا لي توصية بخصوص بعض الكتب أو المحاضرات التي تخص هذا الموضوع.

جزاكم الله خيراً على تواصلكم معنا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم أمير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكرك على ثقتك واستعدادك للمشاركة في حل مشكلتك، هنا بعض النصائح التي قد تساعدك:

1- التأمل يمكن أن يكون أداة قوية في تعلم كيفية ضبط النفس، والتحكم في الانفعالات، من خلال التأمل، يمكنك تعلم كيفية التركيز على اللحظة الحالية، والتعامل مع مشاعرك وأفكارك، بطريقة أكثر هدوءًا وتحكمًا، وهي إحدى الآليات المطروقة في العلاج النفسي، ونحن كمسلمين لدينا أعظم أداة للتأمل، وهي الصلاة ذات الخشوع والخضوع، وقد ورد في القرآن الكريم أن الخشوع في الصلاة من أسباب صلاح الحال والذرية، كما في قوله تعالى: ﴿فَٱسۡتَجَبۡنَا لَهُۥ وَوَهَبۡنَا لَهُۥ یَحۡیَىٰ وَأَصۡلَحۡنَا لَهُۥ زَوۡجَهُۥۤۚ إِنَّهُمۡ كَانُوا۟ یُسَـٰرِعُونَ فِی ٱلۡخَیۡرَ ٰ⁠تِ وَیَدۡعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًاۖ وَكَانُوا۟ لَنَا خَـٰشِعِینَ﴾ [الأنبياء ٩٠].

2- ممارسة التنفس العميق، عندما تشعرين بأنك على وشك الخروج عن السيطرة، جربي التقاط أنفاسك، والتركيز على التنفس العميق، هذا يمكن أن يساعدك على الشعور بالهدوء والتحكم في الانفعالات.

3- التحدث مع مستشار أو طبيب نفسي قد يكون مفيدًا جدًا، يمكن لهؤلاء الاختصاصيين تقديم استراتيجيات وأدوات محددة للتعامل مع الانفعالات، والسلوكيات، التي تجدها صعبة للسيطرة عليها.

4- إذا كنت قد قلت أو فعلت شيئًا تندمين عليه، فالاعتراف بهذا الخطأ والاعتذار للأشخاص الذين أثرت عليهم هو خطوة مهمة نحو الشفاء والتحسن، والاعتراف بالخطأ من قبل الأب أو الأم أمام الأبناء يعودهم هذه الصفة الجميلة.

5- لا شك أن الغيبة من الكبائر التي ينبغي الابتعاد عنا، وهنا عليك أن تعودي نفسك على عدم الحديث عن شخص في غيبته إلا بخير أو بغرض صحيح، والأسباب التي تدعو للحديث عن الشخص الآخر في غيبته ستجدينها مفصلة في صفحة الفتاوى على هذا الموقع -وليس صفحة الاستشارات- (رقم الفتوى: 150463).

أما بالنسبة لكيفية التدرب على التحكم بالعواطف والانفعالات، فهاك بعض الأمور التي قد تفيدك:

1- ابدئي بالتعرف على الانفعالات التي تشعرين بها، هل أنت غاضبة؟ متوترة؟ حزينة؟ ينبغي من الأساس أن تكوني قادرة على تحديد ما تشعرين به، قبل أن تتمكني من التحكم فيه.

2- حاولي أن تفهمي ما هو السبب الذي يجعلك تشعرين بالطريقة التي تشعرين بها، هل هناك حدث معين يتسبب في شعورك بهذه الطريقة؟ الفهم هو الخطوة الثانية في العملية، مثلا: شعرت بالضيق، وكان هناك سببان: الأول: صراخ الطفل، والثاني: حرارة الجو في الغرفة، قد يكون السبب الرئيسي هو حرارة الجو في الغرفة، وليس صراخ الطفل، فتحديد السبب الرئيسي مهم حتى لا تلجئي للانفعال أمام الطفل.

3- استخدمي تقنيات التحكم في الانفعالات: هذا قد يتضمن العد من 1 - 10 قبل الرد على شخص ما، أو الابتعاد عن الموقف الذي يسبب لك التوتر لبضع دقائق إذا كان ذلك ممكناً، وقد ورد في السنة أن الشخص الغاضب ينبغي له أن يكسر دائرة الغضب بحركة ما، فإن كان واقفاً جلس، وإن كان جالساً اضطجع، أو يلجأ إلى الوضوء أو مغادرة المكان.

4- تأكدي من أنك تأخذين الوقت للعناية بنفسك، هذا قد يتضمن القيام بالنشاطات التي تحبينها، الحصول على قدر كافٍ من النوم، والأكل بشكل صحي.

5- القدرة على التحكم في الانفعالات ليست شيئًا يمكن تعلمه في ليلة وضحاها، ستحتاجين إلى الممارسة والتدريب لتحقيق التحسن.

أخيراً، تذكري أنه من الطبيعي أن نشعر بالانفعالات، والهدف ليس إزالة الانفعالات، بل التعلم كيفية التعامل معها بطرق صحية ومثمرة.

بالنسبة للكتب والمحاضرات، هنا بعض الأمثلة التي قد تجدها مفيدة:

1- تحكم في انفعالات وكن إيجابيا لإبراهيم الفقي.
2- كيف تتخلص من القلق وتبدأ الحياة -ديل كارينجي.
3- كتب الدكتور مأمون مبيض (أحد المستشارين في هذا الموقع).
4- كل الكتب المتعلقة بنظرية الاختيار والعلاج الواقعي لوليام جلاسر، والذي يمثلها في العالم العربي الدكتور بشير الرشيدي (يمكنك البحث عن كتبه عبر النت) وكذلك الدكتور محمد الزامل.

يمكنك أيضاً البحث على الإنترنت عن محاضرات أو بودكاست حول مواضيع مثل الذكاء العاطفي، التواصل غير العنيف، وضبط النفس.

توجد منصة خاصة بطلبة علم النفس الإسلامي على يوتيوب يمكنك متابعتها، ومتابعة برنامج الدكتور خالد الجابر (السكينة) وغيرها من المقاطع المفيدة.

نتمنى لك التوفيق في رحلتك نحو التحسين والنمو. تذكري أن الخطأ هو جزء من حياتنا اليومية، والأهم هو استعدادك للتعلم والتحسن.

وفقكم الله.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً