الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أبي سمح لأختي الصغيرة بالتدريس ولم يسمح لي!

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة، كنت في الماضي أحلم بأن أصبح معلمة، وبعد أن تخرجت كلمت والدي في الأمر، وكلما أتكلم معه عن تسجيلي في مدرسة يوبخني ويخاصمني، ويقول إن لديه مواصلات كثيرة، ونقلي للمدرسة يسبب له التعب الشديد!

حاولت كثيراً معه، وأحصل على نفس التوبيخ والخصام في كل مرة، ولكنه سمح لي أخيراً بالتدريس، ولكن في مركز صغير جداً، ولمدة شهر أو أكثر تقريباً، ثم تخرجت أختي التي تصغرني بعام واحد فقط، وطالبت بأن تصبح مدرسة، ووبخها أبي قليلاً، ولكنه سمح لها بالتسجيل في مدرسة مرموقة، وعندما اقترحت عليه أنا أيضاً أن يسجلني في مدرسة عاد لتوبيخي وتعنيفي من جديد، وبدأ الجميع يتهمني بالحسد والحقد والغيرة، ولكنني لم أطالب إلا بحقي، وأنا الآن أشعر بالظلم الشديد، ولكن لا أحد يرى أنني مظلومة، فهل معي حق أم أنا حسودة وحقودة؟!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هناء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به، ونتمنّى أن تُطالبي بحقك من الوالد، ولكن بمنتهى الهدوء، والكلام الذي صدر منهم ليس صحيحًا، فأنت تُطالبين بأمرٍ طبيعي، مُنح لغيرك من الأخوات، وأرجو ألَّا تُركّزي على مسألة المقارنة، واستمري فيما أنت عليه في المركز الذي أنت فيه، وحاولي من هناك أن تُكرري المحاولات، واطلبي مساعدة الأعمام والعمّات والأخوال والخالات، وكل مَن يمكن أن يُؤثِّر على الوالد، ونسأل الله أن يُعين على الخير.

وعلينا نحن دائمًا تجاه آبائنا وأُمَّهاتنا أن نقوم بما علينا، فإذا قصّروا أو لم يعدلوا فهذا لا يحملنا على الخصام معهم؛ لأن الله سيحاسبهم على ذلك ويُحاسبنا إنْ قصّرنا، وأكرر: أنت لست حسودة، ولست حقودة، أنت تطالبين بحقك قبل أن تتخرّج هذه الأخت الصغيرة، ومستمرة في المطالبة إلى الآن، وسيأتي اليوم -إن شاء الله- الذي يتحقق لك فيه الأماني، وأرجو ألَّا يكون هذا التقصير منهم، وهذا التوبيخ الذي يحصل من الوالد سبب للتقصير في حقه؛ لأن الخطأ لا يُقابل بالخطأ، ويظل الوالد والدًا، ولكن نحن نفعل ما فيه مصلحة، وقبل ذلك نفعل ما فيه إرضاء لله تعالى.

والوالد مهما قصّر ومهما ظهر منه يظلُّ والدًا، وكذلك الوالدة؛ ولذلك الشريعة تقول في مَن والده أو والدته يُجبراه على الكفر بالله: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}، قال العظيم: {فَلَا تُطِعْهُمَا}؛ لأنه (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)، لكن مع ذلك قال: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15]، فلتبق الصحبة بالمعروف، والتعامل الجيد، والقيام بما عليك، ولا مانع من أن تُكرري الطلب والمحاولات، حتى تنالي الموافقة، وأنتِ على خير، ونسأل الله تعالى أن يُعينك على الثبات، وأن يُعينك على الخير، وأن يُعين الوالد أيضًا على أن يعدل بينكم؛ لأنه سيُسأل إذا لم يعدل بين بنيه، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً