الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحب ابنة عمي ولكني غير جاهز للزواج، فكيف أتصرف؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أرجو الإجابة عن سؤالي، وعدم الإحالة لفتوى أخرى؛ نظراً لخصوصيته وحاجتي لإجابة مفصّلة.

أنا شاب أبلغ من العمر 19 عاماً، أحببت ابنة عمي، وهي تصغرني بسنة، لكنّها متقدمة عليّ في السلّم الدراسي، حبّي هذا نشأ منذ الطفولة (قبل أكثر من 5 سنوات)، ولم أستطع التخلص من هذه المشاعر حتى استسلمت لها، وها أنا الآن أبحث عن الآلية المناسبة لأروي لها مشاعري تجاهها بما يرضي الله، والله يعلم أن نيتي تجاهها هي الزواج، والعائق هو أني لم أكمل دراستي، وليس لدي مصدر دخل مستقل، ولا أعلم إن كانت تبادلني نفس الشعور، والظاهر -والله أعلم- أنها لا تبادلني نفس الشعور، فماذا أصنع؟

هل أبوح لها بمكنون قلبي، وأعدها أني سأتزوجها في عاجل الأوقات -بإذن الله-؟ أم أخبر أبي بما يحصل وأطلب منه أن يزوجني إياها؟ فقد بلغت مدًى ليس بوسعي الصبر بعده، ما التصرف السليم وآلية تنفيذه في حالتي هذه؟

أدعو الله دائماً أن يجعلها من نصيبي، أنا على يقين بأنها إن لم تكن لي فإن الله سيرزقني خيراً منها، لكني لا أريد غيرها!

جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.

إننا نتفهم حديثك، وندرك أبعاد هذا الحصار النفسي الذي أحكمت نفسك به، حتى كتبت في آخر رسالتك ما لو عرض عليك بعد سنوات لأنكرته: (أنا على يقين بأنها إن لم تكن لي فإن الله سيرزقني خيراً منها .. لكني لا أريد غيرها)، لذا دعنا نتحدث معك في نقاط بعينها:

أولاً: قدر الله ماض لا محالة، فإن كتبها الله لك زوجة، فستكون لك بلا تعب ولا إرهاق نفس، وإن لم تكن لك فلو جمعت الدنيا ومن فيها لن تكون لك، وأنت من خلال حديثك شاب مؤمن، وتدرك أبعاد قدر الله جيدًا، كما أنك متدين، ولا تريد فعل ما فيه معصية لله تعالى، ولذلك سيكون من السهل عليك فهم معنى (أقدار الله الغالبة)، وهذه الأقدار لا تنفك عن حكمة قط، بل قد يشبع الإنسان نفسه بطلب هلاكه ولا يدري، وقد يرفض ما فيه نجاته وهو لا يعلم، ولعل هذا بعض قول الله تعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم والله يعلم وأنت لا تعلمون)، وأنت في هذه الحياة عبد لله، والله يبتلي عباده بما يشاء ليعلم فيهم الصادق في محبته والمدعي، لذا أول ما نوصيك به: أن تسلم لله أمرك، وأن يكون الدعاء الملازم لك: "اللهم قدر لي الخير حيث كان ورضني به".

ثانيًا: العرب تقول: "ثبت العرش ثم انقش"، فلا يعقل قط أن تتحدث عن الزواج وأنت بعد لم تعد له عدته! فأنت لم تكمل دراستك، وليس عندك دخل ثابت، ومع ذلك حاصرت نفسك بطلب ما لا تقدر عليه، وما لا صبر لك عليه، وهذا هو الشقاء الذي أدخلت نفسك فيه.

ثالثًا: قد ذكرت أنها تصغرك بعام، فلو قدر أنك أنهيت الدراسة، وافترضنا أن لك مصدرًا من الدخل يكفي احتياجاتك كلها، كنا سنقول لك: الأفضل أن تختار فتاة بينك وبينها من خمس إلى تسع سنوات لأسباب كثيرة.

هذا هو رأينا والآن نجيب على سؤالك:
لا ننصحك بالحديث إلى الفتاة لا تصريحًا ولا تلميحًا، فهي ابنة عمك، وقد تحدث مشاكل لها ولك أنتما في غنى عنها، ولكن إن كان الأمر ولا بد فتحدث إلى أبيك أولاً، فهو أدرى بك وبأخيه ويستطيع أن يبصرك بالطريق.

نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً