الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أستطيع النوم ولا لبس ملابس ضيقة بسبب الوساوس، فما علاج حالتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعاني من الوسواس القهري منذ فترة، لكني أقاوم وأحاول التغلب عليه، يتمثل الوسواس لدي في عدم القدرة على لبس ملابس ضيقة، إذ أشعر بضيق التنفس والتوتر والتعرق، وأحيانًا تكون المشكلة في النوم، وهذا ما دفعني لمراسلتك.

بدأ الوسواس بعد أن رسبت في الكلية، وكانت هذه صدمة كبيرة، ولكن هو قدر الله، ولله الحمد في السراء والضراء.

بعد هذه الحادثة بدأ الوسواس يظهر لدي، فعندما أذهب إلى الفراش تتسارع ضربات قلبي بشدة لدرجة تجعلني أشعر أن السرير يهتز من قوتها، وكأني ذاهب لأدفن في قبر لا للنوم، استمر هذا الوضع لفترة ثم اختفى بعد تجاوز الامتحانات.

لكن الوسواس عاد بأشكال مختلفة، كما ذكرت سابقًا، مثل عدم قدرتي على لبس الملابس الضيقة نسبيًا، رغم أنها مقبولة، لكني أشعر بأنني أختنق.

كما أنني أجد صعوبة في الجلوس في السيارة، فبدلاً من ركوب سيارة واحدة (مواصلات) كنت أغادرها وأركب ٣ أو ٤ سيارات بسبب التوتر الشديد والتعرق وضيق التنفس.

اختفت الأعراض لفترة تتراوح بين ٣ إلى ٥ سنوات، وكانت تظهر في مواقف بسيطة فقط، لكن هذه الفترة -وعمري 35 عامًا- عادت الأعراض مرة أخرى، وتركزت تحديدًا في النوم، حيث أنام في جلسات وأوضاع وملابس غير مريحة للنوم، لكني أنام.

وعندما أذهب إلى فراش مرتب، ألبس ملابس مريحة وأستلقي للنوم، لا أستطيع النوم رغم مرور يومين بدون نوم إطلاقًا، أو ٣ أو ٤ ساعات نوم فقط خلال يومين.

أخاف أيضًا من تناول أدوية الوسواس، ولم أذهب إلى طبيب حتى الآن، لكنني قرأت كثيرًا عن أدوية لعلاج الوسواس واشتريت بعضها، ولم أتناولها لخوفي من أعراضها الجانبية، مثل الأرق وأعراض أخرى.

أرغب في مساعدتكم في اختيار أدوية تعالج الوسواس، ولا تسبب التعود عليها، وأعراضها الجانبية بسيطة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب.

أنت وصفت حالتك بدقة، والتشخيص الذي توصلت إليه هو أنك غالبًا تعاني من (قلق المخاوف الوسواسي)، وليس وسواسًا قهريًّا كاملاً، بل أعتقد أن القلق والمخاوف -وخاصة القلق التوقعي- هو الذي يُهيمن على حالتك، وهذه حالات بسيطة إن شاء الله.

أهم علاج للوسواس هو:
- التجاهل، والتحقير، وصرف الانتباه عن الوسواس.
- إدارة الوقت جيدًا لتجنب الفراغ الزمني أو الذهني؛ لأن الوسواس ينشط من خلال الفراغ،
- أن تجعل لحياتك أهدافًا واضحة، وتضع الخطط والآليات للوصول إلى أهدافك.
- أن تتجنّب السهر.
- أن تمارس الرياضة، وتطبّق تمارين الاسترخاء.
- أن تكون حريصًا على أداء العبادات، خاصة الصلاة في وقتها.
- الالتزام بالواجبات الاجتماعية.

بهذه الطريقة تستفيد من القلق، وتحوّله من قلق سلبي إلى قلق إيجابي، وقطعًا المخاوف سوف تختفي تلقائيًا، وكذلك الوسواس والقلق المصاحب.

بالنسبة للعلاج الدوائي: بالفعل الأدوية مهمة في حالتك، والحمد لله تعالى أن الأدوية النفسية الحديثة أدوية سليمة وآمنة وغير إدمانية وغير تعودية، ومن أفضل الأدوية التي سوف تناسبك دواء يعرف باسم (سيرترالين، Sertraline)، وهذا هو الاسم العلمي، وله أسماء تجارية متعددة منها (زولفت، Zoloft) أو (لوسترال، Lustral)، وربما تجده أيضًا تحت أسماء تجارية أخرى.

بداية تناول هذا الدواء؛ بأن تبدأ بجرعة 25 ملغ -نصف حبة إذا كانت الحبة 50 ملغ- يوميًا لمدة أربعة أيام، ثم اجعلها 50 ملغ -حبة كاملة- يوميًا لمدة شهر، وبعد ذلك اجعلها حبتين يوميًا - أي 100 ملغ- وهي الجرعة العلاجية المناسبة في حالتك، واستمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم بعد ذلك خفّض الجرعة إلى حبة واحدة -50 ملغ- يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم 25 ملغ -نصف حبة- يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول الدواء.

الجرعة القصوى للدواء هي أربع حبات -أي 200 ملغ- يوميًا، لكنك لست بحاجة لهذه الجرعة في حالتك.

عادةً تبدأ الفوائد العلاجية بعد حوالي 6 أسابيع من بدء العلاج؛ لأن الدواء يحتاج إلى وقت لإعادة بناء التوازن الكيميائي في الدماغ، وأؤكد لك مرة أخرى أن هذا الدواء من أفضل وأنقى وأسلم الأدوية، وأكثرها فائدة -بإذن الله تعالى-.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً