الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اشترطت علي أموراً لا أستطيع تحملها، هل أخطبها أم أنسحب؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

خطبتُ فتاة ذات خُلق طيب، لكنها اشترطت عليّ عدة أمور لا أظن أنني سأستطيع تحمّلها، من بين هذه الشروط: أنها تعمل ثلاثة أيام في الأسبوع في مكان بعيد نسبيًا، وتود زيارة أهلها أسبوعيًا رغم بُعد المسافة، وكل ذلك يتعارض مع طبيعة عملي وحاجتي للاستقرار في المنزل، كما أنها لا تفضّل ارتداء النقاب، وقالت إنها قد تفكر فيه لاحقًا، وقد ختمت حديثها بقولها: (إن لم يناسبك كلامي، فابحث عن أخرى)، ما أشعرني بالإحباط وقلّة الاهتمام، وكأنها لا تحمل مشاعر حقيقية تجاهي، فهل ترون أن أستمر معها أم أنسحب؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أيها الابن الكريم، والأخ الفاضل- في الموقع، ونشكر لك اهتمامك وحرصك على السؤال، ونسأل الله أن يُقدِّر لك الخير ثم يُرضيك به.

يبدو أن كلام الفتاة واضح، والأمر بالنسبة لك واضح أيضًا، وفي هذه الحالة أرجو أن تقف مع نفسك، فتستخير الله وتستشير أهل الخبرة والرأي، ولا داعي لإكمال المشوار في حياة مليئة بهذه التناقضات، فكونها تعمل ثلاثة أيام في مكان بعيد، ومع ذلك تريد زيارة أهلها رغم بُعد المسافة، وهذا يتعارض مع عملك واستقرارك الأسري؛ والإنسان أصلًا يتزوج ليستقر في حياته وبيته.

كذلك كونها لا تلتزم بالنقاب ولا تحب النقاب، وتقول إنها تفكر فيه لاحقًا؛ كل هذا من الأمور التي تدعوك إلى التريث والتوقف، وأنا أعتقد أن النساء غيرها كثير، فلا تُقدِم إلَّا إذا قَبِلتْ بشروط واضحة، خاصة مسألة الحجاب، وتقليل فرص الذهاب للعمل، أو اختيار وضع يناسبكم جميعًا، هذه كلها أمور لا بد من حسمها في البداية، أمَّا أن يدخل الإنسان الحياة بهذه الطريقة، فليس في ذلك مصلحة.

لا تنزعج من قولها: "إن لم يناسبك كلامي، فابحث عن أخرى"، بل هذا وضوح منها، وما ينبغي أن يُشعرك بالإحباط، بل هذا وضوح ينبغي أن تشكرها عليه، وتكون الأمور بالنسبة لك واضحة وجليّة، ونسأل الله أن يُعينك على الخير.

طبعًا الخطبة الآن ما هي إلا وعد بالزواج، ولا تلزمك بشيء شرعًا، كما لا تلزمها أيضًا بشيء، وأصل الخطبة الهدف منها أن يحصل التفاهم، وأن يحصل التقارب والاتفاق على أسس الحياة القادمة، فإذا لم يحصل هذا فلا مانع من أن تبحث عن فتاة أخرى، ونسأل الله أن يسهل لها أيضًا من يُناسبها ويُسعدها، فالحياة الزوجية تُبنى على الرضا التام، والقبول التام، والاتفاق التام، والانسجام التام، وما لم تتوفر هذه الأمور لا ننصح بالاستعجال في مثل هذه العلاقات.

لذلك يجب أن تتوقف مع نفسك، وتضع النقاط على الحروف، فإذا كانت مُصِرَّة على هذه الأمور -خاصةً في مسألة الحجاب والنقاب- فإن هذه المسائل يجب أن تُوضع في ميزان الشرع، ويُراعى فيها أيضًا مصلحتك واستقرارك؛ فالإنسان إنما يؤسس أسرة ليَسعد ويستقر، وأنت صاحب الخيار، وصاحب القرار، لكن الإنسان دائمًا في هذه الأمور ينظر إلى أبعادها الشاملة، تُراعى فيها الإيجابيات والسلبيات، والفرص المتاحة مع هذه الفتاة أو مع غيرها، هذه كلها لا بد أن تنظر فيها؛ لأن القرار الصحيح هو الذي يُبنى على دراسة شاملة ونظرة شاملة، ونظرة في البدائل، والتأمل في مآلات الأمور ونتائجها.

نسأل الله لنا ولك ولها التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً