الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاستعانة بالسحرة ومحاذيره الشرعية

السؤال

السلام عليكم.

هل يمكن لأحد أن يتعامل مع قرين ابني ليرده عن الطريق الخطأ؟ وهل يعتبر ذلك سحرًا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سمر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في إسلام ويب، ونسأل الله أن يحفظك ويحفظ ولدك، ويجعله من الصالحين المهتدين.

سؤالك الكريم ينبع من قلب مشفق يتألم لانحراف ولده، ويتمنّى له الهداية، وكم هو جميل أن تسألي وتستفتي، لتكوني على بيّنة من أمرك.

أما عن التعامل مع القرين لصرف شخص عن طريق الخطأ، فإن هذا لا يجوز، وهو من ألوان الاستعانة بالجن، وهي محرّمة شرعًا، قال تعالى: ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا﴾ فالتعامل مع القرين، أو محاولة التأثير عليه لأجل التحكم بالإنسان -حتى ولو بقصد الإصلاح- هو باب من أبواب السحر، ولا يُفتَح إلا بمفسدة أكبر، بل قد يوقع صاحبه في الشرك.

الأخت الكريمة: القرين لا يُؤثّر، ولا يُطاع إلا إذا استسلم الإنسان له، والشرع لم يطالبنا بمحاربة القرين، بل بمجاهدة النفس، والتمسّك بالهُدى، والاستعانة بالله، قال النبي ﷺ: "ما منكم من أحدٍ إلا وقد وُكّل به قرينه من الجن" قالوا: وإياك يا رسول الله؟ قال: وإياي، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم، فلا يأمرني إلا بخير" والهداية لا تأتي من الجنّ، وإنما من الله وحده، وبالسعي والتربية والدعاء، قال تعالى: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ﴾.

فاشتغلي بدعاء الليل، وبتقوية الوازع الإيماني في قلب ولدك، وباختيار الصحبة الصالحة له، ومتابعته دون قسوة، وتوجيهه بالحكمة، ولو وجدت راقيًا شرعيًا، ثقةً، ومعروفًا بالتقوى واتباع السنة، ولا يستعين بالجن، ولا يفتح أبواب الشعوذة، فلا بأس أن يرقي ولدك بنية الصلاح والهداية، لا بنية السيطرة على القرين، وكم من شاب نهج هذا النهج فشفاه الله تعالى، وصارت أوجاعه من الماضي.

وفي الختام، نوصيك بالدعاء الصادق؛ فهو سلاح الوالدين، وقد قال النبي ﷺ: "ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده".

نسأل الله أن يصلح ولدك، ويثبّت قلبه على الهداية، ويقرّ به عينك عاجلاً غير آجل.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات