الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تراودني وساوس وأفكار مزعجة خاصة في فترة الليل، فما تشخيصكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شخص ملتزم، وأُؤدي صلواتي، وكنت أتحدث مع أحد الأشخاص، فطرح مسألة لا أعلم هل أصابتني بسببها شبهة، أم أنها فتحت باب الوساوس عليّ!

بدأت بعدها أعاني من أفكار مزعجة، وضيق في الصدر، لكن الحمد لله بدأت أتحسّن تدريجيًا، ومع ذلك، ما زالت تراودني أحيانًا بعض الأفكار المقلقة، خاصة في أوقات الليل، فقد أستيقظ فجأة من النوم وتهاجمني تلك الأفكار، وأحيانًا وأنا مستيقظ أشعر كما لو أنني أقف على حافة مكان مرتفع، وأحيانًا أخرى أنظر إلى المباني وأتساءل: لماذا لا أُلقي بنفسي، وأتخلّص من كل هذا؟ – أعوذ بالله – هذه الأفكار تزعجني كثيرًا.

أنا حائر في أمري، وأرجو منكم النصح والإفادة، هل ما أعاني منه وسواس ناتج عن الشبهة؟ أم أنها تساؤلات يفرضها عقلي وتحتاج إلى تفنيد وتطمين؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بدر الدين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

الذي يظهر لي أنه بالفعل ربما يكون لديك بعض السمات الوسواسية والقلقية البسيطة، وأن تكون شخصيتك أيضًا شخصية حساسة، وهذا ليس مرضًا نفسيًّا، إنما هي مجرد ظواهر.

الآن أنت -الحمد لله- بدأت بالتحسن، والذي أنصحك به هو أن تتجاهل هذه الأفكار تمامًا، وما ذكرته حول أنك تنظر إلى المبنى لتقول: "لماذا لا ألقي نفسي وأتخلص من هذا؟" طبعًا هذا فكر وسواسي، ولا أعتقد أبدًا أن لديك أفكارًا انتحارية، وهذه الفكرة أيضًا يجب أن تحقّرها، ويجب أن تصرف انتباهك عنها، بأن تتذكّر ما هو جميل في حياتك، وتصرف انتباهك عنها من خلال استبدالها بفكر آخر يكون أكثر إيجابية.

وأنصحك -أيها الفاضل الكريم- بأن تعيش (قوة الآن)، فقد أجمع علماء النفس على أن الآن، أي الحاضر، هو الأقوى، وليس الماضي ولا المستقبل، لأن الحاضر نستطيع أن نتحكم فيه، ونفصّله، ونديره، ونخطط لحياتنا من خلاله، فركّز عليه جيدًا، وطبعًا الإنسان الذي ينجح في حاضره -بإذن الله تعالى- ينجح في مستقبله أيضًا، فالحاضر هو الأهم، وهو في الحقيقة ماضي المستقبل، فأقبل عليه بكل عزم.

إن هيمنت عليك هذه الأفكار وأصبحت مزعجة لك، فلا مانع من تناول أحد الأدوية البسيطة جدًّا والآمنة، التي تعالج مثل هذا النوع من الفكر الوسواسي القلقي، والدواء يسمى (فافرين،Faverin) هذا هو اسمه التجاري، ويُسمى (فلوفوكسامين، Fluvoxamine)، وأنت تحتاج له بجرعة صغيرة، تكون البداية 50 ملغ ليلاً لمدة عشرة أيام، ثم تجعلها 100 ملغ ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم تجعلها 50 ملغ ليلاً لمدة أسبوعين، ثم 50 ملغ يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

كما ذكرتُ لك، هو دواء غير إدماني، غير تعوّدي، ولا يزيد الوزن، والجرعة التي وصفت لك هي الجرعة الصغرى، حيث إن الجرعة القصوى هي 300 ملغ يوميًّا، ولكنك لست بحاجة لمثل هذه الجرعات، وهناك أدوية أخرى أيضًا فعّالة، لكن هذا هو الأقرب والأحسن لحالتك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً