الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

متردد في الزواج من امرأة بسبب قرب طليقها من محيطها، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب أعزب عمري 32 سنة، وقد تعرفت إلى امرأة مطلقة، عمرها 30 سنة، بعد أن أعجبت بها وخططنا للزواج، اكتشفت بعض النقاط عنها:

- علمت أن زوجها السابق يعتبر أخًا لزوج أختها، أعتقد أنه سيكون موجودًا بصورة مستمرة، ولكنها تقول إن العلاقة متوترة معه، وأهلي لا يرحبون به بعد الطلاق، علمًا أنه كان موجودًا عندها في قائمة الأصدقاء على الفيسبوك، وعندما سألتها لماذا هو عندك في الأصدقاء قامت بمسحه، وقالت إنها لم تلاحظ ذلك.

- علمت أن لديها بنتًا، عمرها 6 سنوات من زوجها السابق.

- تقيم في محافظة بعيدة عني، وابنتها لا تحب أن تكون معها، وتقيم في بيت أختها، وعندما سألتها عن سبب ذلك، تقول إنها تحب أن تلعب مع أولاد أختها، علمًا بأن البنت التي تعيش معها أغلب الوقت بنت أخيها بدلاً من ابنتها.

- عندما سألتها عن سبب الطلاق، قالت: بسبب خيانته لها.

أفتوني وانصحوني، هل أتزوجها أم لا، كما نصحني أبي وأمي وأخوتي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يحفظك، وأن يبارك فيك، وبعد:

دعنا نقسم الجواب إلى ثلاثة أقسام:
- معايير تقييم الزواج.
- النقاط التي ذكرتها.
- الخلاصة والنصيحة.

معايير تقييم الزواج الصالح في الشريعة: الزواج ليس مجرد إعجاب، بل هو شراكة حياة، وأهم ما يُنظر فيه عند اختيار الزوجة: الدين والخلق: قال ﷺ: (فاظفر بذات الدين تربت يداك)، والتوافق العقلي والفكري والاجتماعي؛ لأن الزوجة ستكون أمًا، ومربية، ورفيقة طريق، والقبول الأسري، فالزواج لا يكون بين شخصين فقط، بل بين عائلتين.

تحليل النقاط التي ذكرتها:

- صلة قرابة طليقها بزوج أختها: نعم، هذا يحتمل أن يُبقيه قريبًا من دائرتها الاجتماعية، وقد يُوجد توتر مستمر في حياتك، خاصّةً مع رفض أهلك لها.

- وجود بنت من زواج سابق: هذا أمر طبيعي ومقبول شرعًا وعقلًا، ولكن له تبعات عملية، فهل أنت مستعد نفسيًا لتكون زوجًا لامرأة عندها بنت؟ هل البنت ستعيش معك؟ كيف ستكون علاقتك بها؟ هل الأم مؤهلة لأن تُوازن بين دورها كزوجة لك، ودورها كأم؟

- أنت تسكن في محافظة بعيدة عنها، وهذا يؤثر على الاستقرار، من سيضحي؟ هل ستنتقل هي؟ أم أنت؟ وهل ستتخلى عن ابنتها؟ وهل أنت مرتاح لأن تكون في بيئة غريبة؟ الزواج لا يُبنى على بعد المسافة فقط، بل على القدرة على تجاوزها.

- علاقة الأم بابنتها ضعيفة، وهذه أخطر نقطة، حين لا تكون البنت مرتاحة مع أمها وتُفضل البقاء في بيت أختها – وهي صغيرة – فهذا قد يدل على ضعف علاقة الأم بابنتها، أو عدم قدرتها على أداء دورها كأم بشكل كامل، كما أن تربيتها لابنة أخيها بدلًا من ابنتها نفسها، تطرح تساؤلات: هل تعاني من مشاكل نفسية؟ هل هناك تقصير أم اضطرار؟ إذا لم تجد تفسيرًا منطقيًا لهذا، فهذه علامة سلبية.

- سبب الطلاق: "الخيانة من الزوج"، ربما يكون صحيحًا، ولكن هذا لا يُمكن التأكد منه من طرفٍ واحد، وغالبًا من تروي القصة تُبرئ نفسها دائمًا، والطلاق قد يكون نتيجة تراكمات من الطرفين، فإذا لم يكن عندك دلائل على صدق روايتها، فلا تعتمد فقط على كلامها.

- رفض أهلك للزواج بها مع أنه ليس ملزمًا شرعًا، إلا إن له وجاهته من حيث ما مضى، ومن حيث كونها ثيبًا، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (هلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك) لكن إن حدث الزواج، فلا بد أن تعلم أنه ستكون له آثار اجتماعية ونفسية.

الخلاصة والنصيحة: استخِر الله تعالى بصدق، صلّ صلاة الاستخارة، وادعُ بدعائها، وانظر بعدها إلى ما يفتح الله لك فيه، ثم استشِر أحد العقلاء ممن يعرفها – إن أمكن- ويعرف أهلك جيدًا، ووازن بين قلبك وعقلك، ولا تجعل العاطفة وحدها تقود القرار، خصوصًا إذا كان في الأمر بنتًا صغيرة، وعلاقات اجتماعية معقدة، وكن صريحًا مع نفسك، هل هذه المرأة تصلح أن تكون شريكة عمري؟ وأمًا لأطفالي؟ هل سأكون مرتاحًا معها بعد سنة أو سنتين؟

إذا قررت الموافقة بعد ما مضى، فلا تقدم حتى تقنع أهلك جيدًا، أما غير ذلك، فلا ننصحك بالمضي قدمًا في هذا الزواج، وقد قال رسول الله ﷺ: "دع ما يَريبك إلى ما لا يَريبك".

نسأل الله أن يوفقك، وأن يسعدك، وأن يختار لك الخير، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً