الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الأفضل مواصلة تدريس القرآن، أم التفرغ لحفظه؟

السؤال

ما الأفضل لي، أن استمر في تعليم القرآن بالتجويد للأطفال والنساء، أم أدخل في حلقات حفظ القرآن؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم عبد الرحمن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أولاً: هنيئاً لك أنك من ضمن قوافل أهل القرآن، فهم أهل الله وخاصته، ولا سيما أن الإنسان إذا شرف بالقرآن وتعلمه وتعليمه، فهي المنقبة العظمى والفائدة الكبرى، فاحمدي الله على ما أعطاك ربك من هذه النعمة، نعمة القرآن الكريم، وقد جعل الله تعالى أهل القرآن -أو صاحب القرآن- في عداد العلماء قال الله تعالى: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم) (العنكبوت:49) وقد استدل بعض أهل العلم بهذه الآية الكريمة أن حافظ القرآن معدود من العلماء.

ثانيًا: بالنسبة لسؤالك أيتها المعلمة الفاضلة، الوارد في الرسالة، وهو: هل تستمرين في تعليم القرآن الكريم للنساء والأطفال، أم تلتحقين بحلقات حفظ القرآن الكريم؟
فأقول: لا شك ولا ريب أن لكل واحد من هذين الأمرين فضل عظيم، فأما تعليم القرآن للأطفال والنساء، فلا يخفى عليك ما فيه من الأجر العظيم، ففي حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) رواه البخاري.

وأما دخولك والالتحاق بحلقات حفظ القرآن الكريم، ففيه أيضا الفضل العظيم، وقد وردت الأحاديث الشريفة المطهرة بذلك، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرأها) رواه الترمذي، وقال حديث حسن صحيح، وظاهر الحديث أن هذا في حفظ القرآن، فإنه يقرؤه عن ظهر قلب.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران) متفق عليه، والحديث الذي أوردته سابقًا، وهو (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) يشمل تعلم القرآن، وحفظه، وتعليم الآخرين القرآن كالأطفال والنساء، وجميع الأحاديث الواردة في فضل قراءة القرآن تشمل الأمرين معًا، التعلم والتعليم.

ثالثًا: الذي أراه -والله أعلم- في هذه المسألة، أنه إن استطعت أن توفقي وتجمعي بين الأمرين، التعلم والتعليم معًا، فهذه المنقبة العظمى والريادة الكبرى، وإن لم تستطيعي فاستمري على تعليم النساء والأطفال القرآن الكريم، وأما حفظه فبالإمكان مع الجهد الذاتي، أن ترتبي حفظ القرآن مع نفسك، أو مع زميلتك في أوقات أخرى؛ لأن تعليم النساء والأطفال فيه الأجر الأعظم، والنفع المتعدي إلى الآخرين.

ومعلوم من الشرع الحكيم تفضيل الأعمال الصالحة، التي يتعدى نفعها إلى الآخرين، بخلاف الأعمال التي نفعها قاصر على الإنسان نفسه، وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدهم يتعلم سورة من القرآن ثم يعلم الآخرين، ولا ينتظر إلى أن يحيط بالقرآن كاملاً، فهذا ما ورد عن الصحابة رضوان الله عليهم، ولا سيما أن النساء والأطفال بحاجة عظيمة إلى رفع الجهل عن أنفسهم، بتعلم القرآن الكريم.

وهنا إشارة مهمة، وهو أنني قرأت أنك معلمة متقاعدة، فأقول يا معلمة القرآن: لن يضيعك الله عز وجل، ولن يضيع الله أجر تلك السنوات التي أمضيتها في تعليم الناس الخير، وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله وملائكته يصلون على معلم الناس الخير) صحيح الجامع.

وفي الأخير: أسأل الله تعالى أن ينفع بك الطلاب من النساء والأطفال، وأن يفتح عليك في حفظ القرآن وإتقانه، وأن يبارك في عمرك، اللهم آمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً