الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أواجه مضايقات شديدة من زملائي في العمل، فكيف أتصرف معهم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا مهندس مدني حاصل على درجة الماجستير في إدارة المشاريع الهندسية، بالإضافة إلى ماجستير في الإدارة، أعمل في مؤسسة حكومية منذ تسع سنوات، ولله الحمد، أحقق نجاحًا في عملي، وقد حصلت على ترقيات في الدرجة الوظيفية.

ورغم ذلك، أواجه مضايقات متكررة من بعض الزملاء في العمل، لا تقتصر على الجوانب المهنية فحسب، بل تمتد إلى حياتي الشخصية، فهم يسعون باستمرار إلى إيذائي بالكلام، ويحثونني على ترك عملي والبحث عن وظيفة أخرى، رغم أن هذا العمل يتناسب تمامًا مع مؤهلاتي وتخصصي.

أود منكم التكرم بتوجيهاتكم ونصائحكم حول كيفية التعامل مع هذا الوضع.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك -أخي الكريم- في إسلام ويب، وردًا على استشارتك أقول وبالله أستعين:

نبارك لك هذه الدرجة العلمية الرفيعة، ووظيفتك المشرفة، ونسأل الله لك المزيد من الرفعة لتقوم بخدمة بلدك وأمتك.

غالبًا ما يكون الشخص الناجح المثابر، والمتميز في عمله، صاحب المنجزات الظاهرة محسودًا، وقد يجد مضايقات من بعض أصحاب النفوس المريضة، فعليك أن تلجأ إلى الله تعالى ليدفع شرهم وضرهم.

نوصيك بالمحافظة والمداومة على أذكار اليوم والليلة كاملة في أوقاتها دون انقطاع، ففيها تحصين من كل حسد وعين وشر -بإذن الله تعالى-، ويمكنك الاستفادة من كتاب حصن المسلم للقحطاني، فقد جمع أغلب الأذكار.

أكثر من دعاء: «اللهم إني أعوذ بك من شر الأشرار، وكيد الفجار، وطوارق الليل والنهار»، فهو من الأدعية الثابتة في السنة النبوية.

وثّق علاقتك مع الله تعالى بالمحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها، وأكثر من النوافل وتلاوة القرآن الكريم، وصيام الأيام الفاضلة كالاثنين والخميس، والأيام البيض من كل شهر عربي، وتضرع بين يدي الله تعالى وأنت ساجد، وفي الثلث الأخير من الليل، وإن صحوت أثناء النوم، وفي الساعة الأخيرة من يوم الجمعة، وغير ذلك من أوقات استجابة الدعاء، مع تحري الشروط والآداب والابتعاد عن الموانع، فالله تعالى مع المؤمنين يتولاهم ويدافع عنهم.

ظنّ بالله تعالى خيرًا، وأيقن بأن الله سيجيب دعاءك، ففي الحديث الصحيح: «أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما يشاء، إن ظن خيرًا فله، وإن ظن شرًا فله».

وثّق علاقتك مع كبار المسؤولين في الدائرة التي تعمل فيها، وأنجز عملك على أكمل وجه، وأبدع في مجال عملك، فهذا ما يجعلك ذا مكانة وقبول لديهم، ويجعلهم يتمسكون بك ولا يتخلون عنك، بل إن إبداعك وبروز ذلك الإبداع سيجعل لك صيتًا حسنًا في بلدك، وبالتالي قد تجد عروضًا للعمل في دوائر أخرى، وقد تنقلك الدولة إلى دائرة أخرى أو ترقيك إلى منزلة أرفع.

عليك أن تكون صاحب شخصية قوية – وهذا ما نظنه فيك – تفرض احترامها على الآخرين، فضعف الشخصية يجعل الآخرين يتنمرون، فالعمل والجد والمثابرة يضجر منها الكسالى، ونجاح الشخص في عمله لا يكفي إن كان ضعيف الشخصية.

لا تُصغِ للنميمة، فالنمّامون يضيّقون الصدر ويشوّشون العقل، وتعامل مع زملائك برقي وحسن خلق، وأحسن إليهم قدر استطاعتك، وقدم لهؤلاء الذين يتكلمون فيك ويزعجونك بكلامهم، الهدايا ما بين الحين والآخر، فللهدية تأثيرها على القلوب كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «تهادوا تحابوا».

ادعُ هؤلاء الذين يؤذونك – كلًّا على حدة – لتناول وجبة عشاء أو غداء معك، فهذا يزيل ما في صدورهم من حسد وغل، ويقرّب القلوب من بعضها -بإذن الله تعالى-.

قرار خروجك من عملك ليس بأيدي هؤلاء الزملاء، بل هو –بعد الله تعالى– بيد من يدير الدائرة التي تعمل فيها، وإذا كانت بيئة العمل عندكم فيها بعض الفساد المالي والإداري، وأنت من الصنف النزيه، فلا غرابة في أن يبغضوك ويقولوا لك مثل هذا الكلام، فالعادة أن يكون الشخص النزيه في البيئة الفاسدة مُبغضًا.

احذر من الخروج من عملك لأجل هذه المضايقات، فذلك قرار خاطئ، وعليك الثبات على عملك -مع القيام بما ذكرناه لك سابقًا-، فإن استمرت المضايقة –ونحن نتوقع زوالها بإذن الله تعالى– فلا بأس أن تستمر في عملك وتبحث عن بيئة أفضل، فإن وجدتها فانتقل إليها، وقد تجد عروضًا أفضل مما أنت فيه.

نسأل الله تعالى أن يوفقك في عملك، ويرزقك الثبات والاستقامة، ويدفع عنك كل سوء ومكروه، آمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً