الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حاولت أن أثني أخي عن إزعاج زوج أختي، فهل تسببت بفتنة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لدي أخ مغترب يجلس مع زوج أختي في الشقة، وأختي دائمة الشكوى منه، فأخبرتُ أمي بطريقة غير مباشرة ألَّا يفعل الأشياء التي تزعج زوج أختي، فتأثرت أمي بكلامي وأخبرت أخي، فقال لي نصًا: "والله ليكبَّ الله وجهي في النار، ليتساقط لحم وجهي بسبب فتنتي ونقلي للكلام".

سؤالي: هل ما فعلته أو ما قلته يُعد فتنة؟ مع العلم أن الله شاهدٌ على أن ما قلته كان بسبب شكوى أختي منه، ومضايقة زوجها من وجوده.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم تميم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب، وقد قرأت رسالتكِ وفهمتُ مشكلتكِ، وتجاوبًا معكِ، إليك حلّها مع تقييم كلام أخيكِ بميزان الشرع:

أولًا: أخوكِ المغترب عليه أن يحمد الله تعالى على استقبال أخته وزوجها له في بلد الغربة، فالإنسان قد يعاني الشيء الكثير أثناء غربته، وكون أخيك قد كُفِيَ مؤنة السكن في الغربة - وغالبًا أيضًا الطعام- فعليه أن يحمد الله تعالى، وأن يتأدب مع أخته وزوجها، وأن يعرف فضلهما عليه بعد فضل الله تعالى، فإنه إذا زالت عنه هذه النعمة فسيعرف قيمتها.

فعلى أخيك أن يراجع نفسه، وألَّا يكون سببًا في مضايقة أخته، خاصةً أنها قد أكثرت الشكوى منه؛ وهذا دليل على أن عنده مشاكل، فعليه أن يراجع نفسه قبل زوال هذه النعمة، وقبل أن يتسبب بمشاكل بين أخته وزوجها.

ثانيًا: إخبارك والدتك بما يسببه أخوك من مضايقة لأختك وزوجها، أمر سليم، وهذا من باب النصيحة والمصلحة؛ لأن زوج أختك قد ينفد صبره وتحصل مشاكل بينه وبين أختك، وربما يتطور الأمر إلى طرد أخيك من بيتهم.

ثالثًا: أما كلام أخيك حالفًا بالله، من أن الله تعالى سيكب بوجهك في النار ليتساقط لحم وجهك بسبب كلامك؛ فهذا تألي على الله تعالى، وكلامه هذا لا يجوز شرعًا ولا عرفًا، بل ثبت الوعيد الشديد لمن تألى على الله - سبحانه وتعالى - أن يعذب نفسًا أو أن لا يغفر لشخص معين؛ فقد ورد أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَدَّثَ «أَنَّ رَجُلًا قَالَ: وَاللهِ لَا يَغْفِرُ اللهُ لِفُلَانٍ، وَإِنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: مَنْ ذَا الَّذِي ‌يَتَأَلَّى ‌عَلَيَّ أَنْ لَا أَغْفِرَ لِفُلَانٍ، فَإِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِفُلَانٍ، وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ» (رواه مسلم).

وهذا التألي المتوعد به في الحديث في حال وقوع الذي دعي عليه، أي في حال كونه عاصيًا، وأنت لم تفعلي خطأً، بل مجرد نصيحة، فالوعيد شديد على من تألَّى على الله، سواء قلنا بأن إحباط العمل على حقيقته، أو أن هذا الوعيد خرج مخرج الزجر والتنفير.

لذلك، لا تبالي بدعاء أخيك؛ فهذا من باب السب، لأن دعاء الإنسان على من لا يستحق الدعاء يكون من باب السب والشتم، والله تعالى طيب لا يقبل إلَّا طيبًا، وحاولي إصلاح علاقتك مع أخيك بسبب سوء فهمه، وإفهام أخيك أن المقصود من إيصال هذا الموضوع للوالدة هو من أجل وضع حد لبعض التصرفات التي قد تزعج أختك وزوجها، وحتى لا تحصل مشاكل بينه وبين أخته وزوجها، ولا تنزعجي مما ذكره من دعاء، وابقي على تواصل معه والإحسان إليه بالكلمة وإظهار المحبة له، وإن شاء الله تعود الأمور كما كانت وأفضل.

نسأل الله تعالى أن يصلح الأحوال، وأن يهدي أخاك إلى سواء السبيل، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً