الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطبت فتاة ثم اكتشفت أن لها صوراً مع زملائها، فما رأيكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تقدمت لخطبة فتاة، ثم اكتشفت بعد الخطبة أنها كانت غير ملتزمة؛ فلها صور مع زملائها في الكلية، والقصد هنا الأولاد، كما أن لباسها آنذاك لم يكن شرعيًا، وكانت تنشر صورها على مواقع التواصل الاجتماعي بهذا اللباس.

هي الآن لا تفعل هذا، وقد حذفت جميع الصور، وغيرت طريقة لباسها، ولكن شعورًا ما يراودني بخصوص ما حدث من قبل، وأيضًا أرى بعض الصور عند زملائها كصور حفلات التخرج.

سؤالي هو: هل أنا آثم شرعًا لوجود صور لها عند زملائها، فأنا لا أستطيع محوهم؟ وكيف أتصرف في هذا الموقف؟ فمن حين لآخر ينتابني شعور يضايقني بسبب ذلك.

الفتاة مطيعة، وفيها من الصفات الحسنة الكثير، ولم أر منها شيئًا آخر غير ذلك، ولكن كلما تذكرت ذلك الأمر شعرت بالضيق، فانصحوني كيف أتصرف؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ضياء حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أخي الكريم- في إسلام ويب، وردًا على استشارتك أقول، وبالله تعالى أستعين:

التعامل مع الناس لا يكون بحسب ما كان عندهم من الصفات، وإنما بما يحملونه منها الآن، فما من إنسان إلا وله صفات سابقة ولاحقة، وإذا نظرت إلى مجتمع الصحابة -رضوان الله تعالى عليهم- لعرفت ذلك، وهم أطهر جيل بعد الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، وما من أحدٍ إلا وله ماضٍ لا يُرتضى، ولم يعصم الله سوى الأنبياء.

من أهم الصفات التي يجب توفرها في شريك الحياة الدين والخلق؛ لقوله -عليه الصلاة والسلام-: (تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ)، فإذا كانت هذه الفتاة صاحبة دين وخلق فاحرص عليها.

صور هذه الفتاة التي لدى زملائها هي المسؤولة عنها، ويمكن أن يُطلب منها أن تخبر زملاءها بمحوها من صفحاتهم، ولكنهم وإن فعلوا فقد يكونون محتفظين بها في أجهزتهم، وعلى كل حال، فكل امرئ بما كسب رهين، وهي مسؤولة عن تصرفاتها السابقة، وقد ذكرتَ في استشارتك أنها قد تابت، وغيَّرت من تصرفاتها، ومن ذلك لباسها، وحذفت صورها، وربك هو الغفور التواب الرحيم بعباده، وأنت غير مسؤول عن ذلك.

شعورك بالضيق عند تذكّر ماضيها أمر طبيعي، خاصةً إذا كنت تحلم بالمثالية في العلاقات الزوجية. لقد كانت هذه الفتاة في تلك الفترة في حالِ تيهٍ وجهل، وبما أنها قد تابت فيجب أن تُعامَل برحمة، والراحمون يرحمهم الرحمن.

وجود تلك الصور عند زملائها قد يسبب لك نوعًا من الإحراج في المستقبل إذا قام بعضهم بإعادة نشرها، أو استعمالها بطريقة مسيئة باستخدام الذكاء الاصطناعي؛ ولذلك ننصحك –ما دمت لا زلت خاطبًا– أن تصلي الاستخارة، وهي ركعتان غير الفريضة، وتدعو بالدعاء المأثور:
(اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تعلم ولا أعلم، وتقدر ولا أقدر، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن زواجي بهذه الفتاة خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه، اللهم وإن كنت تعلم أنه شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاصرفه عني واصرفني عنه، ثم اقدر لي الخير حيث كان، ثم رضِّني به).

ثم امضِ في استكمال الإجراءات، فإن سارت بسلاسة كما تريد فاعلم أن هذه علامة على اختيار الله لك هذه الزوجة، ولا تلتفت لموضوع الصور، ولا لوساوس الشيطان؛ فإنه يغضبه أن يحصن الشاب نفسه، وإن حصل نوع من الاختلاف فيما بينك وبين وليها؛ فهذه علامة تدل على أن الله يصرفك عنها.

اعلم أنه ما ندم من استشار، ولا خاب من استخار، وأن اختيار الله للعبد خير من اختيار العبد لنفسه. إذا لم تجد طمأنينةً في نفسك للاستمرار، أو لم تتفق مع وليها، فلا تقدم على الزواج في هذه الحال؛ والانسحاب هو الحل حتى لا يحدث طلاق مبكر، فتتضرر الفتاة، ويتكلم فيك الناس، وتُشوَّه سيرتك.

الزواج في النهاية أمر مكتوب ومقدَّر، فإن كان الله قد قدّر أن تكون زوجةً لك فسوف يكون، وإن لم تكن من نصيبك فلن يحصل الاتفاق. تضرّع بالدعاء بين يدي الله تعالى، وتحين أوقات الإجابة، وسَل ربك أن يختار لك الخير ويصرف عنك الشرور.

نسأل الله أن يُلهمك الصواب، وأن يعطيك من الخير ما تتمنى، ويصرف عنك كل مكروه، إنه سميع مجيب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً