الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أبناء زوجي يثيرون أعصابي بأسلوبهم المستفز!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا أعاني من أبناء زوجي؛ فهم لا يحترمونني، وقد تعبت من هذه المعاناة، ولديّ طفلة بدأت تتعصب بسبب كثرة المشاكل، أمّا والدها فلم يتمكّن من فعل أي شيء تجاه أبنائه.

الابن الأكبر عمره 18 سنة، ولم يتحدث معي منذ سبعة أشهر، أمّا الابن الأصغر (14 سنة) فيتعبني داخل البيت دائمًا؛ إذ يثير أعصابي بأسلوبه المستفز، ويتعامل مع أخته بعنف.

كلما اشتكيت إلى والدهم يُلقي اللوم عليّ، مع أنني كنت قد ربيتهم وعلّمتهم قبل أن يأتوا للعيش معنا، لكنهم للأسف تغيّروا عليّ تمامًا، وأصبحت تربيتهم صعبة، والأب عاجز عن فعل أي شيء.

وشكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا وسهلًا بك في إسلام ويب.

بداية -أختي الكريمة-: نسأل الله أن يكتب لكِ الأجر، ويريك الحق حقًّا ويرزقك اتباعه، ويريكِ الباطل باطلًا ويرزقك اجتنابه، وأن ينزل عليك من الصبر والثبات ما يكفيك لتخطي مشاكل الحياة، ونيل ثواب الصبر على تحمّل العناء، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ (الزمر: 10).

وبما أننا لم نفهم ما قصدتِه بقولك: "إنك ربيتهم وعلَّمتِهم قبل مجيئهم إليك"، فكيف ربيتِهم قبل أن يأتوا إليك، ثم انتكسوا وهم معك؟ على أي حال ننصحك بما يلي:

أولًا: ما يخص الطفلة، فمشكلة غضبها منفصلة، فعليك تهدئتها؛ فليس من الطبيعي أن تغضب بسبب إخوانها، ولو كان الأمر كذلك لكان كل من له إخوة أكبر بعشر أو خمس عشرة سنة عُرضة للعصبية.

ثانيًا: ما يخص الأبناء المراهقين، فقولك: إنك تعانين من عدم احترام الابنين (14 و18 سنة) ومن الأسلوب المستفز للابن الأصغر؛ فهذا للأسف شائع في هذه المرحلة العمرية، سواء كانوا أبناءك أو أبناء زوجك أو أبناء أقاربك، ومرحلة المراهقة صعبة لكنها مؤقتة، ويظهر فيها أثر التربية السابقة.

فإذا كنت قد ربيتِهم تربية حسنة، فلا تقلقي؛ بالصبر والحلم والدعاء ستمرّ هذه الفترة، والأسلوب العنيف مع أختهم الصغيرة أمرٌ ينتشر بين الإخوة، وليس لكونه غير شقيق لها.

عامليهم كما لو كانوا أشقاء، أشغلي وقتهم بما يقلل الملل، مثل الألعاب المشتركة، واجعلي الأخ يقرأ قصصًا لأخته، أو يساعدها في أشياء بسيطة؛ فخدمة الغير تُنمّي الحب.

علّمي الطفلة مشاركة إخوتها، كأن تتقاسم الحلوى معهم، واحذري التفرقة بينهم، وهو أمر صعب مع فارق العمر والجنس، فكيف إذا لم تكوني أمًّا للكبيرين! احرصي على العدل بمساعدة الأب؛ فتمييز الصغيرة عليهم يُنفّرهم منك ومن أختهم.

ثالثًا: ما يخص الأب والبيت، فإذا كان الابن الأكبر (18 سنة) لا يكلّمك، فلا تُظهري انزعاجك أو حاجتك لحديثه، بل اتركيه حتى يضطر هو إلى كسر الصمت، أمّا الأب؛ فإن كان لا يستطيع فعل شيء لأنه يعاني مثل معاناتك، فقفي معه وسانديه؛ فمصيبته أكبر لأنه مسؤول أمام الله عن أبنائه.

وإن كان سبب عدم تدخله كسلًا أو إحساسًا بالعجز، أو لاختلاف الروايات، فاصبري وقلّلي الشكوى، ولا تدخليه إلَّا في الأمور الضرورية، وحاولي أن يرى ويسمع بنفسه قلة احترامهم لك، وإن كانوا يتأدبون أمامه، فاستغلي ذلك، واجعلي أغلب طلباتك وحواراتك معهم بوجوده؛ حتى يرى سلوكهم ويشعر بمسؤولية العدل.

وأخيرًا: اعتبريهم أبناءك وتعاملِي معهم على هذا الأساس، فشكاوى الأمهات من أبنائهنَّ في هذا العمر متشابهة، والتزمي الدعاء، وألحي على الله أن يهدي قلوبكم جميعًا، وأن يجعل بيتكم سكنًا ورحمة، وأن يجعل زوجك سندًا لك، وأن يجعلهم أرحم بك من الأبناء بأمهاتهم وأعطف على أختهم من الأشقاء، ولا يفوتنا أن ننصحك بثلاثة أشياء:

- استغلال أي موقف حسن منهم، بالتشجيع والثناء والهدية.
- التغافل عن بعض الزلات والهفوات.
- قراءة ومطالعة المحتوى النافع من أهل هذا الفن، والذي يتكلم عن كيفية التعامل مع هذه الفئة، وسوف تستفيدين كثيراً؛ فراحتك النفسية مهمة جداً؛ لأننا نخشى أن يكون هؤلاء الأبناء قد عرفوا كيف يستفزونك، ونقاط ضعفك؛ لذلك كما ذكرنا نرجو أن تكون عندك خلفية عن كيفية التعامل في مثل هذه الأمور.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة