الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وعدت زميلتي بالزواج وأنا غير مستعد لذلك بسبب ظروفي!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب عمري 23 سنة، تعرفت على فتاة منذ ثلاث سنوات في الجامعة، وحدث بيننا الكثير من الاختلاط، حيث كنا ندرس معًا ونلتقي يوميًا في نفس القسم، صراحةً؛ أعجبت بهذه الفتاة، وللأسف؛ غرّني الشيطان فأخبرتها بمشاعري قبل حوالي ستة أو سبعة أشهر، وكانت نيّتي الزواج بها.

منذ ذلك الوقت، نشأت بيننا علاقة شبه محرّمة، نحاول قدر الإمكان تجنّب التلامس وارتكاب الذنوب، أنا مدرك تمامًا أن ما نفعله لا يجوز، ولكن من الصعب جدًا علينا أن نبتعد عن بعضنا، خاصة أننا ندرس في نفس القسم، وسنظل كذلك لمدة سنتين قادمتين.

لم أعدها بالزواج؛ لأني أعلم أن ذلك لا يجوز في وضعي الحالي، حيث لا أستطيع الزواج الآن ولا أعلم متى سأكون قادرًا عليه، أوضحت لها هذا الأمر، وبقينا نستغفر الله وندعوه أن ييسر لنا الزواج إن كان فيه خير.

في الفترة الأخيرة، تقدم لها رجل ورفضته، لكنه ظل يغازلها ويتحدث معها في مكان عملها الصيفي الذي اشتغلت فيه لمدة شهر تقريبًا، كانت تخبرني بكل التفاصيل، وكنت قلقًا جدًا، والغيرة أثّرت عليّ بشدة حتى أنني فقدت شهيتي، وتدهورت حالتي النفسية؛ لأني لا أملك أي حق شرعي تجاهها.

خوفي من أن أفقدها دفعني إلى أن أعدها بالزواج، وكان ذلك قبل أسبوع تقريبًا، والآن أشعر بالندم، لأن هذا الوعد قد يجعلها ترفض كل من يتقدم لها بسببي، وأنا لا أستطيع تحمّل هذا العبء، خاصة أنني لا أعلم إن كنا سنكون من نصيب بعضنا في النهاية، ولا أريد أن أظلمها.

لا أعلم ماذا أفعل، خاصة أننا ندرس في نفس القسم وسنلتقي باستمرار، هي فتاة حساسة جدًا، وأخشى أن أجرحها.

أرجو منكم النصيحة، وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حمزة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يردك والفتاة إلى الحق ردًا جميلًا.

وهذا الذي يحدث من الأمور الخطيرة، والعلاقة التي تُبنى بهذه الطريقة لها أضرار وآثار خطيرة جدًّا، حتى لو حصل الزواج، ولذلك ننصحكم بالتوقف عن هذه العلاقة، والحرص على التوبة النصوح، ثم بعد ذلك الاهتمام بدراستكم، ولا مانع بعد التوبة من التخطيط لتأسيس حياة على قواعدها الصحيحة، عبر المجيء للبيوت من أبوابها.

وما يحصل منك أو من الرجل المذكور مع الفتاة؛ كل ذلك مما لا ترضاه الشريعة، ونحن لا بد أن ندرك أن الفراق قد يكون صعبًا، لكن الأصعب والأخطر والكارثة والمصيبة هو أن تستمر هذه التجاوزات وهذه المخالفات، والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم؛ ولذلك يجب التصحيح، والطبيب أحيانًا يعمل عملية فيها قسوة، قد يقطع فيها جزءًا، لكنها تكون سببًا في العلاج.

وكذلك نحن نحتاج أحيانًا إلى قرارات صعبة في حياتنا، لكنها تحمل في طياتها العافية والخير؛ ولذلك ننصحك بأن تجعل الفتاة تتواصل مع الموقع حتى تسمع التوجيه الشرعي، نقول لها: هذا الذي يحدث لا يمكن أن يُقبل من الناحية الشرعية، وليس فيه مصلحة لا لكِ ولا لهؤلاء الشباب؛ لأن العلاقة التي تُؤسس بهذه الطريقة لا يسعد أهلها، وقد يفتقدون للفلاح في حياتهم حتى لو تزوجوا؛ لأن البدايات الخاطئة لا تُوصل إلى نتائج صحيحة.

ولا أدل على هذا ممَّا يحدث في بلاد الغرب، حيث تبدأ العلاقة بالطريقة المذكورة، وتكون هناك معاشرة، وربما يحدث ما هو أكثر من ذلك، فيُنجَبون طفلًا قبل الزواج الرسمي عندهم أو الشرعي عندنا، ومع ذلك الدراسات تقول: 85% من الزيجات فاشلة، والتي فيها علاقات عاطفية قبل العلاقة الرسمية وقبل العلاقة الشرعية.

ولذلك أتمنى أن يكون كلامي هذا واضحًا، وأنتم في مقام أبنائي، فأنت ابن وهي بنت لي، ونحن لا نرضى لكم هذا الوضع لما فيه من المخالفات.

فانصحها بالابتعاد، وابتعد عنها، وتُب إلى الله، وعليها أن تتوب إلى الله، وأقبلوا على دراستكم، وحافظوا على أنفسكم، واعلموا أن هذا بابٌ من أبواب الخير، فقد تكون التوبة الصادقة والتوقف عن الخطأ سببًا لتوفيق الله -تبارك وتعالى- في أن يجمع بينكم في الحلال، وليس هناك ما يمنع، لكن عندما نريد الحلال لا بد أن نأتي البيوت من أبوابها، ونتأكد أن العلاقة يمكن أن تكتمل، وأن هذا الزواج يمكن أن يتم، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

ولا مانع بعد التوقف بعد ذلك أن تُعطيها الخيار - إذا جاءتها فرصة وجاءها من يخاف الله ويتقيه- ألَّا تُضيع الفرصة؛ لأن التوبة والتوقف والبعد سيجعلكم مهيئين لمراحل أخرى، وللتفكير بطريقة صحيحة تُرضي الله تبارك وتعالى.

المهم أن تعلم أن هذا الذي يحدث خطأ وخلل، والاستمرار فيه كارثة، فتوقفوا عن المعصية والمخالفة لله -تبارك وتعالى- وأبشروا بالخير عندما تصدقون مع الله، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق، ونبشّركم بأن التوبة تَجُبّ ما قبلها، وأن (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، فعجّلوا بالتوبة والرجوع إلى الله، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً