الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كلما طلبت الطلاق من زوجي المدمن تمسك بي، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

من فضلكم، أرجو منكم نصيحتي.

زوجي يتعاطى الحشيش والمهلوسات، وهو غارق في الديون، لكنه إنسان حنون وكريم، يحب ابنه كثيرًا، ويرغب في الإقلاع عن التعاطي، لكنه لا يستطيع بسبب غياب الإرادة، وتراكم الديون، والضغوط الأسرية، وتردي الحالة الاجتماعية.

لقد نصحته كثيرًا، لكنه في كل مرة يطلب مني الصبر والوقوف إلى جانبه، دون أن أرى أي تحسن أو نتيجة، وفي كل مرة أطلب الطلاق، يقول إنه لا يستطيع التخلي عني وعن ابنه، وأنه يجاهد نفسه، أنا حائرة، لا أعرف ماذا أفعل، وكيف أتصرف، لقد أثقل كاهلي بالديون، ويحزنني أن أراه في هذه الحالة النفسية، ولا أجد حلاً واضحًا للتعامل معه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منال حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يشرح صدرك، ويعينك على ما ابتُليت به، ويهدي زوجك، ويقرّ عينك بصلاحه، ولا شك أن ما تمرّين به ابتلاء كبير، ولكن الله لا يضيع من صبرت، واحتسبت وسعت في الإصلاح، وعسى الله أن يوجد لك المخرج فهو القائل: (ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب).

ودعينا نجيبك من خلال ما يلي:

أولاً: فهم حال الزوج ووضعه:
زوجك -كما وصفته- يعاني من إدمان نفسي وسلوكي، وهذا النوع من الإدمان يضعف الإرادة فعلًا، ويجعل صاحبه في دائرة مغلقة من الندم والعجز، ثم العودة للتعاطي من جديد، لكن وجود رغبته في التوبة ومحاولته -ولو ضعيفة- هو بذرة خير يمكن البناء عليها، ما دام لم يتكبر، ولم يبرّر المعصية.

ثانيًا: واجبك تجاهه الآن:
لا تكوني شريكته في الألم دون أن تكوني أولاً عونًا في العلاج، فتعاطيه للمخدرات لا يمكن علاجه بالكلمات فقط، بل يحتاج إلى علاج نفسي، وطبي، وإشرافي، لذا إن استطعت أن تُشجّعيه على مراجعة مركز علاج الإدمان، أو طبيب مختصّ بالأمراض النفسية والإدمانية، فافعلي ذلك بلطف وود، وحرص عليه، ذكّريه بالله دون تهديد، واجعلي تذكيرك بالله نابعًا من الحب لا من الغضب، فالإدمان يرهق النفس، ويجعل صاحبه حساسًا جدًا للنقد، قولي له أحيانًا: أنا مؤمنة أنك أفضل من هذه الحال، وربنا قادر يبدّل ضعفك قوة، لكن لا بد من خطوات عملية.

ثالثًا: حدود الصبر المشروع:
الصبر مطلوب، لكن ليس إلى درجة أن يُهدَّم دينك، أو نفسيتك، أو مستقبل ابنك، فإن استمرّ في التعاطي، ورفض العلاج، وأساء النفقة، وضيّع حقوقك وحقوق ولدك، فلك أن تستشيري عالمًا، أو مفتيًا موثوقًا في بلدك، مع بعض الصالحين من أهلك حول مشكلتك، وما الذي يجب عليك فعله؛ لأن الطلاق قد يكون في بعض الحالات رحمة للطرفين إن انقطعت سبل الإصلاح، أما إن وجدت عنده صدقًا ولو بطيئًا في التوبة، فالصبر مع خطة واضحة أفضل، على أن تضعي له شروطًا واضحة:

- أن يبدأ في برنامج علاجي، أو استشارة مختص.
- أن يلتزم بعدم إدخال المال الحرام إلى البيت.
- أن يتعهد بعدم العودة، أو على الأقل أن يُريَك تقدّمًا حقيقيًا.

وأخيرًا: أكثري من الدعاء له في سجودك، فالدعاء سلاح المؤمن، نسأل الله أن يهديه، وأن يشفيه، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً