الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وقعت في المقارنات بعد أن خطبت من ارتضيتها، فما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تقدمتُ لخطبة فتاة ذات قدر عالٍ من الخُلق والدين والاحتشام، لا تضع المكياج خارج المنزل، وتضع حدودًا واضحة في تعاملها مع محارمها، ولا تختلط بالرجال، والحمد لله ارتضيتها زوجة، وهي كذلك ارتضتني، وذلك بعد أن صليتُ صلاة الاستخارة أكثر من مرة.

ولكن هناك بعض الأشخاص كنت قد طلبتُ منهم سابقًا مساعدتي في البحث عن زوجة، وبعد أن ارتضيتُ بهذه الفتاة أخبرني بعضهم بوجود فتاة أخرى، وفي اعتقادي أنها قد تكون أنسب منها، وأكثر توافقًا مع ما أريد وأهوى.

وأنا أيضًا بدأتُ أفكر في المقارنة بينها وبين فتيات أخريات، وأقول لنفسي: ربما لو صبرتُ قليلًا، أجد من هي أجمل شكلًا أو أكثر مناسبة.

أنا الآن في حيرة شديدة من أمري، وأرجو من حضراتكم النظر في حالتي، وتقديم النصيحة لوجه الله تعالى.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال قبل اتخاذ القرار؛ فإن القرار الصحيح هو الذي ينبع عن دراسة راسخة ومتينة، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يُقدّر لك الخير، وأن يجمع بينكم في الخير وعلى الخير.

بدايةً: أرجو -وأنت تدخل على بيوت الناس- أن تُقدّر هذا المعنى، وهو في غاية الأهمية، فالإنسان لا ينبغي أن يتعامل مع بنات الناس بما لا يرضاه لأخته أو عمته أو خالته، فهذا الإقبال الذي حصل منك وطرق الباب، وكون الفتاة مناسبة، ارتضتك وارتضيتها، وصليت استخارة أكثر من مرة، هنا سيكون من الصعوبة بمكان أن تكسر خاطرها، ولا أعتقد أن هناك سببًا جوهريًا لذلك.

والناس هؤلاء الذين كلموك لا ينظرون بعينك، أنت صاحب الفكرة، أنت صاحب النظرة الصحيحة، فما يراه الآخر حسنًا قد لا تراه أنت كذلك، أمَّا هذه الفتاة فقد خضت تجربة عملية، ارتضيتها، ورضيت بك بعد أن صليت استخارة أكثر من مرة، فلا تلتفت إلى كلام هؤلاء الأشخاص مهما كانوا، وحاول أن تُكمل هذه التجربة.

وأنت ولله الحمد تُشكر على حرصك على الدين والخلق، وهي على الاحتشام، وأنها لا تضع المكياج خارج المنزل، وأنها تضع حدودًا مع محارمها، وأنها لا تختلط مع الرجال، لا توجد مواصفات أعلى وأغلى من هذه التي وجدته في هذه الفتاة؛ ولذلك أرجو أن تتعامل مع الوضع بمسؤولية، ودائمًا ضع هذه الفتاة مكان إحدى أخواتك أو عمّاتك أو خالاتك، فما لا نرضاه لأنفسنا ما ينبغي أن نرضاه لبنات الناس.

ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يُعينك على إكمال هذا المشروع، واطلب من الآخرين أن يتوقفوا عن البحث، واستمر في هذا الطريق، وأنت، ولله الحمد بدأت بدايات صحيحة.

وتجنب المقارنات؛ لأنها ظالمة، ولا يصح أن تُقارن الزوجة بغيرها، كما لا يصح للزوجة أن تُقارن زوجها بإخوانها أو غيرهم، وعلينا أن نعلم هذه القاعدة: أن كل إنسان -رجلًا كان أو امرأة- عنده إيجابيات وفيه سلبيات، فمن الذي ما ساء قط؟ من الذي له الحُسنى فقط؟ وبالتالي كل مقارنة ظالمة، المقارنة دائمًا ظالمة؛ لأن الناس مختلفون، والله خلقهم مختلفين.

وأنت ولله الحمد دخلت تجربة، رضيتها، ورضيت بك، وحصل ارتياح وانشراح وقبول مشترك، فهذه مؤشرات غاية في الأهمية، وهي مؤشرات تؤكد -بحول الله وتوفيقه- نجاح هذا المشروع (مشروع الزواج) فلا تُفكّر في غيره، واحذر أن تعلم الفتاة -أو يعلم أهلها- أنك لا زلت تبحث أو لا زلت تسأل؛ لأن هذا سيهدم عناصر الثقة، وهذا من الخطورة بمكان.

نحن نميل إلى إكمال المشوار مع الفتاة المذكورة، صاحبة المواصفات العالية، والتي طرقت بابها، ورضيتها، ورضيت بك، وشكرًا لك على حرصك على الاستخارة والاستشارة، ولن يندم من يستخير ويستشير، وإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين.

نسأل الله أن يُقدّر لك الخير، وأن يجمع بينكم على الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً