الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مضطر للعمل..فهل تركي لطفلتي ليلاً قد يؤثر سلباً عليها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شابٌ مغترب، توفيت زوجتي قبل ثلاث سنوات، وتركت لي ابنتنا التي كان عمرها آنذاك أربع سنوات، لكني توقفتُ عن العمل لأنني لا أستطيع تركها وحدها في المنزل، وقد أنفقتُ تقريبًا كل ما ادخرته خلال هذه السنوات الثلاث.

والآن بلغ عمرها سبع سنوات تقريبًا، ولا بد لي من العودة إلى عملي، علمًا بأن عملي يبدأ في الساعة الثانية بعد منتصف الليل ويستمر حتى الرابعة فجرًا.

سؤالي هو: هل ذهابي إلى العمل وترك ابنتي وحدها في المنزل في هذا التوقيت، مع اتخاذ جميع احتياطات السلامة، قد يؤثر سلبًا على نفسيتها إذا استيقظت ولم تجدني؟

منذ أكثر من أسبوع وأنا أخبرها بأنني سأذهب إلى العمل ليلًا؛ كي تعتاد على الفكرة، أبدت فرحًا عند سماع ذلك، إلَّا أنني أخشى أن يكون في داخلها شعور آخر، أو أن يُسبب لها ذلك ضررًا نفسيًا، ولكن لا بد لي من العودة إلى العمل -إن شاء الله- ولا يوجد لدي أحد في غربتي يمكنني أن أتركها معه.

شكرًا لكم، وأرجو منكم نصيحة كاملة ومتكاملة للتعامل مع هذا الوضع.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -أخي الفاضل- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال، أدعو الله تعالى بالرحمة لزوجتك، وأدعو لك بالثواب العظيم لرعاية هذه الابنة، حفظها الله، وبارك الله فيك.

أخي الفاضل، قبل أن نسأل عن الآثار النفسية التي يمكن أن تتعرض لها ابنتك إن ذهبت للعمل ليلًا وتركتها بمفردها، أقول: قبل أن نتحدث عن الجوانب النفسية، لا بد أن نتحدث أولًا عن سلامتها، وفي بعض البلاد يُعاقب الأب إن ترك طفلًا بهذا العمر دون مشرف أو رقيب؛ لأن الطفل في هذه المرحلة لا يُقدّر المخاطر مهما اتخذت من الإجراءات؛ لذلك لا أنصح بهذا أبدًا.

فلو حصل شيء كالحريق -لا قدّر الله- أو أنها استيقظت مرعوبة ففتحت الباب وخرجت من البيت ليلًا لتبحث عنك.. إلى آخره، هناك سيناريوهات كثيرة تمنعنا من أن ننصح بهذا، هذا بالإضافة إلى الآثار النفسية والصدمة والرعب إذا استيقظت ليلًا ولم تجدك في البيت.

أخي الفاضل، ذكرت في نهاية سؤالك أنه لا يوجد لديك أحد في غربتك لتتركها، وطالما أنك في بلد الغربة -أعتقد أنه بلد أوروبي- فهذا الأمر يُعاقب عليه في معظم الدول الأوروبية، وربما في بعض البلاد العربية أيضًا، لذلك لا أنصحك به.

أنت بحاجة إلى أن تعود إلى العمل لتكسب رزقك ورزق هذه الابنة -حفظها الله-، ولكن طالما هي في سن المدرسة، لماذا لا تعمل في هذا الوقت مثل كثير من الناس؟ كثير من المغتربين يعملون في النهار أثناء وجود أطفالهم في المدارس، ثم مع نهاية المدرسة يأخذونهم ويعودون بهم إلى البيت.

أيضًا في بلاد الغربة هناك مراكز إسلامية فيها بعض السيدات الفاضلات اللواتي يعملن في رعاية الأطفال، فيمكن أن تتبادل معهم في هذه المراكز الإسلامية ما هو متوفر لمثلك في هذه الحالات.

لذلك: نعم عُد إلى العمل، ولكن ليس العمل الليلي، ابحث عن عمل بديل؛ تَجنُّبًا لما يمكن أن يُعرِّض ابنتك إلى الخطر الذي يمكن أن يُهدد حياتها، وأنت في النهاية تريد لها السعادة والسلامة.

أيضًا هناك خيار آخر: لماذا لا تبحث عن الزواج؟ رحم الله زوجتك، ولكنك تحتاج إلى زوجة؛ أولًا لرعاية الطفلة، وثانيًا لتعيش الحياة الأسرية الطبيعية.

فأمامك عدة خيارات غير أن تتركها ليلًا وتذهب إلى العمل، وأرجو أن يكون في كلامي ما يُفيد.

أدعو الله تعالى أن يشرح صدرك، ويُيسر أمرك، ويحفظك ويحفظ ابنتك، ويكتب لكما تمام الصحة والسعادة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً