الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

متردد في الزواج والإنجاب لاقترابي من الخمسين، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا الآن على أعتاب الخمسين، وإلى الآن غير متزوج، أفكر حاليًا في الزواج، لكن تراودني أفكار بأن الوقت قد فات؛ لأنني إذا أنجبت أطفالًا فلن أتمكن من الاهتمام بهم الاهتمام المناسب، وذلك بسبب سني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فوزي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أخي الكريم- في إسلام ويب، وردًّا على استشارتك أقول، وبالله تعالى أستعين:

بارك الله فيك، وشرح صدرك، ويسّر لك الخير حيث كان، أسأل الله تعالى أن ييسر أمرك، ويشرح صدرك، ويرزقك الحياة الطيبة السعيدة، وسوف أكتب لك ردًّا يشتمل على الجانب الشرعي والنفسي والأسري، وسأجعله مختصرًا ووافيًا بإذن الله تعالى.

أولًا: الجانب الشرعي:
ليس للزواج وقت ولا عمر محدد، وليس مرتبطًا بسن معينة طالما والإنسان قادر على الزواج وتكاليفه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من استطاع منكم الباءة فليتزوج". ثبت أن بعض الصحابة والتابعين، ومن بعدهم تزوجوا في سن متأخرة، ورزقهم الله تعالى أبناءً، وكان في ذلك خير لهم.

إنجاب الأبناء هبة ورزق من الله تعالى، ومسألة الاهتمام بهم وتربيتهم -وإن كنت تشعر بأنك لن تستطيع الاهتمام بهم- فهذا بسبب أنك تأخرت في الزواج، ولكن النفس سوف تتهيأ في حال رزقك الله أبناء، وسيعينك الله على ذلك، وكبر السن قد يكون أنسب لتربية الأبناء كونك صاحب عقل راشد، وفكر ناضج هادئ؛ فلا تتهيب وتمتنع عن الزواج بسبب تخوفات، وربما وساوس شيطانية تريد أن تمنعك من إعفاف نفسك.

ثانيًا: الجانب النفسي:
الخوف من عدم القدرة على التربية — كما سبق — هو أمر طبيعي جدًّا، فكثير ممن بلغ سن الثلاثين ولم يتزوجوا يشعرون بخوف مشابه، ومع ذلك يتزوجون، فكيف وأنت في الخمسين؟ لكن المعتبر في ذلك هو الاستعداد النفسي وليس العمر.

لا شك أن نضج فكرك، ورشد عقلك وحكمتك، واستقرارك النفسي، واكتسابك القدرة على إدارة المشاكل، وحصول الرغبة الحقيقية في العطاء، وتجربتك في الحياة، سيساعد كثيرًا في حسن تربية أولادك؛ فالتربية لا تعتمد على الجهد البدني فقط، غير أننا ننصحك في أن يكون عمر من ستتزوج بها يتراوح ما بين خمسة وعشرين وثلاثين عامًا؛ لأن ذلك سوف يساعد كذلك في تربية الأبناء.

إن أهم ما يحتاجه الأبناء: الحب والحنان والتوجيه والقدوة والحضور، وهذه — ولله الحمد — متوفرة فيك.

ثالثًا: الجانب الأسري والعملي:
من الأهمية بمكان أن تكون منتبهًا لما سيأتي:
أ- اختيار الزوجة المناسبة.
ب- أن تكون صاحبة دين وخلق.
ت- أن تكون متفهمة لفارق العمر بينكما.
ث- أن تكون راغبة في تكوين أسرة.
ج- أن تكون مستعدة للتعاون معك في تربية الأبناء وإدارة شؤون البيت.
هذه الأمور ستخفف عنك ما يقارب (80%) من أعباء التربية.

إدارة الوقت هي المفتاح لتربية الأبناء، إذ ليس المطلوب أن تظل تركض وراء الطفل طوال اليوم، بل المطلوب هو أن تخصص وقتًا ثابتًا يوميًّا للحديث والاحتضان واللعب، وأن تكون أنت منبع الأمان وليس منبع القوة الجسدية، فهنالك الكثير من الأبناء نشأوا مع آباء مسنين وكانوا من أنجح الناس.

رابعًا: إعادة صياغة الفكرة الأساسية:
فليست المشكلة في سِنّك، بل في تصورك عن الأبوة، فهنالك الكثير من الرجال تزوجوا بعد الأربعين، وكانوا آباء ناجحين، وربّوا أبناءهم تربية حسنة.

ننصحك بأن تصلي صلاة الاستخارة قبل الإقدام على الزواج، وأن تدعو بالدعاء المأثور، ثم ابحث عن المرأة الصالحة ذات الدين والخلق وتقدم لخطبتها؛ فإن سارت الأمور بسلاسة، ويسر، فاعلم أن الله قد اختار لك تلك المرأة لتكون زوجة لك، وإن تعسرت الأمور، فاعلم أن الله صرفها عنك وصرفك عنها، فابحث عن غيرها.

أخيرًا: ما ننصحك به هو: إن كانت عندك القدرة والرغبة في الزواج، فعليك بالمبادرة وعدم التأخر أكثر، ولا تلتفت للأوهام والوساوس.

ونسأل الله تعالى أن يوفقك، وأن يرزقك الزوجة الصالحة التي تسعدك وتسعدها في هذه الحياة، وأن يرزقك الذرية الصالحة، إنه سميع مجيب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً