الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كلما ارتحت لفتاة وتقدمت إليها أفاجأ بالرفض

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسولنا الكريم، وبعد:
فيسعدني أن أتشرف بهذا الموقع الرائع، وجزى الله القائمين عليه خير الجزاء.

بصراحة أنا إنسان أبحث عن شريكة حياتي، وقد حاولت جاهدا ولكني لم أجد، علماً بأني ولله الحمد أمتلك صفات وأخلاقا حسنة؛ فأنا ولله الحمد متدين وملتزم بالأخلاق العالية، ومن أسرة محافظة وملتزمة، وأنهيت دراستي الجامعية بامتياز بعد حصولي على بعثة دراسية في قطر، وأنا الآن أعمل بمهنة مبرمج نظم في شركة برمجة، ومرتاح مادياً وعمري الآن 25 سنة ونصف.

بدأت رحلتي في البحث عن شريكة الحياة؛ انطلاقا من قوله صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب: من استطاع منكم الباءة فليتزوج) كما أن وجودي في الغربة وحدي بعيداً عن أهلي جعل شعوري بالرغبة بالزواج ملحا جدا.

ومنذ سنتين وأنا أبحث من خلال أهلي وأصدقائي، وكل مرة أنزل إجازة عند أهلي أرى بعض البنات ولكن لا أشعر بالراحة تجاههم بعد الاستخارة؛ مما جعل بعض الناس يتهمونني بأنني معقد، ويقولون لي أن عمرك صغير وعش حياتك، وغيرها من الأقوال.

علماً بأن مواصفات شريكة حياتي بسيطة وهي الأخلاق والتدين، وأن تكون جامعية ومتعلمة أو على وشك التخرج، وأن يكون منظرها جميلا، ولا أقصد الجمال الكثير، والمشكلة كلما أعجبت بفتاة أقول لأهلي أن يبدؤوا بمراسم، وبعد أن أشعر براحة تجاهها أفاجأ أن أهلها أو هي قد رفضوا.

وقد حاولنا أكثر من مرة ولا أعرف لماذا، مما جعلني أحبط أكثر، ولكني أرجع وأقول: إن كل شيء نصيب، وإنني لن أيأس وسأبقى أحاول، والمشكلة أن إجازتي عند أهلي لا تتعدي الشهر سنويا؛ لذا أرجو منكم أن تساعدوني في بناء الأسرة الصالحة بإذن الله، علماً بأنني أردني الجنسية ومقيم في قطر، وجزاكم الله كل خير، وآسف جداً على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الباحث حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فقد أحسنت بطلبك لصاحبة الدين، وتلك وصية رسولنا الأمين، ولن يخذلك رب العالمين، ولكن لكل شيء أوان وحين، فكرر المحاولات واطلب مساعدة الصادقين المحبين، وأكثر من التوجه لمن يجيب دعوة المضطرين، ومرحباً بك في موقعك ومع آبائك وإخوانك الناصحين، ونسأل الله أن يصلح لنا ديننا وأن يثبتنا على الحق والدين.

اعلم يا بني أن الكون ملك لله، وأنه لن يحدث في كون الله إلا ما أراده، ولكل أجل كتاب، وسوف يأتيك ما قدره لك ربنا الوهاب.

وهذا الإمام أحمد أرسل أحد قريباته لتخطب له، فقالت له: وجدت لك فتاتين، إحداهما بارعة في جمالها متوسطة في دينها، والثانية متينة الدين متوسطة الجمال، فقال الإمام رحمة الله عليه: أريد صاحبة الدين، فعاش معها ثلاثين سنة، فلما ماتت قال الإمام: والله ما اختلفنا في مسألة.

ونحن نريد أن نقول لك إذا وجدت صاحبة الدين فلا تتردد، واعلم أن كل نقص وخلل يجبره الدين، كما قال الشاعر:
وكل كسر فإن الدين يجبره وما لكسر قناة الدين جبران
ولا داعي للانزعاج، فإن الفرص أمامك واسعة، وأرجو أن تحرص على أن تأتي البيوت من أبوابها، فإذا أعجبتك فتاة فلا تكلمها، ولكن اطرق باب أهلها، واحرص على أن تصطحب الكرام العقلاء من أهلك، فإن حصلت الموافقة فمن حقكما طلب الرؤية الشرعية (فإنه أحرى أن يؤدم بينكما) ولبس من المصلحة الحديث عن محاولاتك السابقة وعن الرفض المتكرر، فإن حصل التوافق وكان الانطباع جيداً فعجل بإتمام مراسيم الزواج، واعلم أن المشاعر الحقيقية هي التي تكون بعد الرباط الشرعي.

وإذا أدى الإنسان ما عليه واستخار واستشار فإن عليه أن يسعد بالنتائج ويرضى بما قدره الله لأنه فيه الخير، وعجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمنن إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، أو أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، ولعل الله أراد بك خيراً عندما حال بينك وبين أولئك الفتيات.

وأبشر فإن الله يعين طالب العفاف، ومثلك يشكر على حرصه على الحلال، ويطلب عند العقلاء الذين يحرصون على الستر والعفة والكمال.

وهذه وصيتي لك بتقوى الله، فإن الله وعد أهلها بتيسير الأمور وتفريج الكروب.
فقال سبحانه: ((وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا))[الطلاق:4] وقال سبحانه: ((وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ))[الطلاق:2-3].

وعليك بكثرة الدعاء فإن الله وعدنا بالإجابة، وأشغل نفسك بكثرة الذكر لله والصلاة والسلام على رسول الله.
ونسأل الله أن يسهل أمرك ويغفر لك ذنبك، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً