الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العصبية وشدة الغضب عند الوالد كبير السن ومضاعفات الأدوية المهدئة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أسكن بجوار والدي، وهو شخص كبير في السن يبلغ من العمر 80 عاماً، وهو عصبي جداً، ويعيش مع والدتي في شقة مستقلة عن شقتي، وبحكم أني في نفس المنزل ولا أستطيع الانتقال إلى منزل آخر لحاجته لي.

والمشكلة تكمن في أنه يغضب علي لأتفه الأسباب أو بدون سبب، ويطرق علي الباب بشدة وبطريقة مفزعة في جميع الأوقات، وإذا تأخرت في فتح الباب غضب علي مهما كان عذري، ودائماً يؤنبني على كل صغيرة وكبيرة وفي كل الأماكن والأوقات، علماً أنه دائماً يحدث مشاكل مع والدتي بدون أسباب رغم أنها من أحسن الناس خلقاً، ولكن مشاكله معها - بدون مبالغة - من الممكن أن تكون بمعدل خمس مرات يومياً.

وتتلخص حالة والدي في أنه خلقه غير حسن وعصبي ومتقلب المزاج، وقد ذهبت إلى طبيب نفسي وشرحت له حالة والدي دون علم والدي بذلك، فصرف له الطبيب (رسبردال) 1 مل مرة واحدة يومياً، بالإضافة إلى 2.5 مل (فاليوم) مرة واحدة يومياً أيضاً.

والآن له ما يقارب الستة أشهر على هذا الدواء وأصبح هادئا ولم يعد يحدث مشاكل، ولكن المشكلة أنه أصبح ينام بكثرة ويشعر بخمول دائماً ويتصرف بطريقة غير طبيعية، وأنا أصبحت بين نارين، إما أن نتركه على هذا الحال لكن ضميري يؤنبني، وإما أن نسحب منه العلاج فيرجع كما كان لمشاكله السابقة، فهل العلاج الذي يستخدمه له ضرر ولا يتناسب مع حالته؟!

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Workshop حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فجزاك الله خيراً على اهتمامك بأمر والديك، ولا شك أنه إن شاء الله من البر أن تتحمل تصرفات والدك، وبالطبع فإن الإنسان في هذا السن ربما تحدث له بعض التغيرات النفسية، وهناك حقيقة علمية نعرفها تماماً أن بعض الأشخاص الذين كانوا في مقتبل شبابهم يعانون من التوتر أو القلق - حتى وإن كان بسيطاً - قد تظهر لديهم هذه الأعراض بشدة مع الكبر، وكما يقولون تظهر الألوان الحقيقية للشخصية مع تقدم العمر.

ولا شك أن تحمل الوالد مهما كان وضعه يعتبر أمراً هاماً وضرورياً، وإن شاء الله هو نوع من الطاعات، وعليك أن لا تتفاعل سلبياً مع تصرفاته، وبالطبع العلاجات الدوائية تفيد في تهدئة الإنسان وفي امتصاص غضبه، ولكن لابد أن تكون متوازنة كما ذكرت، بحيث لا تؤدي إلى نوع من التفاعل الشديد والسلبي، خاصةً أن والدك من كبار السن، ولابد أن نحذر كثيراً في استعمال الأدوية في حالته، وأسأل الله أن يكون والدك بحالة جسدية طيبة من ناحية وظائف الأعضاء الرئيسية كالقلب والكبد والكلى، ومن الواضح أنه لا يعاني من شيء ما دام بفضل الله تعالى بكل هذه القوة والحركة التي ذكرتها.

ولا شك أنك سوف تسدي لوالدتك النصح بأن تصبر وبأن تحتسب، وبأن تعامله بكل مودة ورحمة، فهي إن شاء الله مأجورة على ذلك.

وبالنسبة لهذه الأدوية التي ذكرتها، فلا شك أن الفاليوم والذي يتناوله والدك بمعدل 2.5 ميلجرام ليلاً أو يومياً لا يعتبر دواءً مناسباً، الفاليوم يهدئ الإنسان وقد يزيد من نومه، ولكن يعرف أنه يقوم بفعل معاكس في كبار السن، وذلك بعد أن تنتهي فترته ربما يؤدي إلى نوعٍ من العصبية والعنف الداخلي، ولا شك أن ما يحدث لوالدك الآن من تهدئة أكثر مما يلزم ومن زيادة في النوم هي من هذا الدواء.

والرزبريدال أيضاً ربما يسبب ذلك ولكن بدرجة قليلة، والذي أراه أن والدك ربما يحتاج أيضاً لدواء يحسن من مزاجه، فهذه التفاعلات وهذه العصبية والفورات التي تأتي له كما ذكرت لك ربما تكون انعكاسا لشخصيته، ولكن أيضاً الاكتئاب النفسي في هذا العمر ربما يأتي بهذه الصورة، وحقيقةً لا أعرف مدى قوة الذاكرة لوالدك، ولكن يعرف أيضاً أن بدايات ضعف الذاكرة ربما تظهر في شاكلة عصبية، فهذه مجرد معلومات أرجو أن لا تشغلك.

وأفضل أن توقف الأدوية الحالية التي يتناولها والدك، وهي الرزبريدال والفاليم وأن يعطى أدوية أخرى، والدواء الذي أرشحه عقار يعرف باسم هلوبريدول، أرجو أن يتناوله الوالد بجرعة نصف مليجرام صباحاً ومساء، وهذه جرعة صغيرة، هذا الدواء يتميز بأنه يؤدي إلى التهدئة المعقولة دون الشعور بالخمول، وهذه الجرعة ربما تكون صغيرة بعض الشيء، ولكن يجب أن تكون هي جرعة البداية، وإذا كانت هناك حاجة لزيادتها يمكن أن تزاد، علماً بأن هذا الدواء من الأدوية السليمة جداً، خاصةً لو وصل الإنسان إلى 5 أو 10 مليجرام في اليوم لا بأس في ذلك، وإن كنت لا أعتقد أن والدك سوف يحتاج لهذه الجرعة.

ابدأ بهذه الجرعة البسيطة، وإذا كان هناك حاجة للزيادة يمكن أن تزاد الجرعة، وإذا رأيت أن هنالك خمولا يحدث لوالدك حتى مع هذه الجرعة الصغيرة، يمكن أن تخفض الجرعة إلى نصف مليجرام في اليوم، الدواء سليم ولا يؤثر على الأعضاء الأساسية لديه بإذن الله تعالى.

العقار الآخر يعرف باسم بروزاك، وهذا الدواء محسن للمزاج، وكما ذكرت لك لا نستطيع أن ننفي وجود الاكتئاب النفسي مع هذه الصورة والمسلك الذي يقوم به والدك، وإن شاء الله لن نخسر شيئاً أبداً إذا أعطيناه البروزاك، على العكس تماماً ربما يستفيد منه إن شاء الله ويحسن من مزاجه.

وجرعة البروزاك هي كبسولة واحدة في اليوم، وهذه سوف تكون إن شاء الله كافية بالنسبة له، هنالك دواء بديل للبروزاك يعرف باسم سبراليكس، والسبراليكس يمكن أن تكون جرعته 5 مليجرام، أي نصف حبة من الحبة فئة العشرة مليجرام؛ لأن هذا الدواء يوجد في شكل عشرة مليجرام أو عشرين مليجرام، أعتقد أن والدك سوف تكون الخمسة مليجرام كافية بالنسبة له.

إذن الخيار إما البروزاك أو السبراليكس، والدواء الأساسي الآخر هو (هلوبريدول).

أسأل الله له الشفاء والعافية، وجزاك الله خيراً على اهتمامك به، وأرجوك مزيداً من البر، وأنت إن شاء الله مأجور على ذلك.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً