الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إرشادات لطالب طموح يعاني من نوبات الخوف أمام الآخرين

السؤال

الدكتور الفاضل /محمد عبد العليم!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تتلخص مشكلتي في معاناتي من الرهاب الاجتماعي، بدأت العلاج من 4 سنوات استعملت خلالها الإيفكسر واللوسترال والسبرالكس، وكان لها أثر بسيط وتحسن لا بأس به، وتكمن المشكلة أني أصاب بحالة من الهلع الشديد عندما أدخل مكاناً فيه عدد من الأشخاص، وأصاب بتعرق شديد وجفاف في الحلق فلا أستطيع أن أتكلم إلا بكلمة واحدة أو كلمتين ثم أبلع ريقي مرة أخرى، وحينما يطلب مني الإمامة في صلاة سرية لا أستطيع أن أنطق بالتكبير وأشعر بخفقان شديد يكاد أن يقتلني.

ومع استخدام تلك العلاجات قلت تلك المشاعر حتى استخدمت بعدها السيروكسات وشعرت بتحسن كبير وزال ما كنت أشعر به من الحياء والخجل، فأصبحت جريئاً لا أخجل من الحوار والنقاش كما كنت سابقاً، بل إنني أناقش دكاترتي في الجامعة وبكل جرأة.

فأصبحت قائداً لزملائي أتولى طرح أمورهم على الأساتذة ومناقشتها معهم، وحيث إنني استمررت على السيروكسات قريباً من 9أشهر ولم أشعر بالتحسن إلا بعد (5) أشهر من الاستعمال بعد التحسن بشهر واحد زاد وزني (10) كيلو.

فاستمريت على الزيركسات 3 أشهر بعد التحسن ثم قطعته بالتدرج، ولي الآن 3 أشهر أشعر فيها بالتناقض الواضح، فأنا متدرب في مدرسة ثانوية في أول الأيام تناولت الإندرال بجرعة 20 مليجرام ثم أصبحت بعد ذلك من أحسن ما يكون، بل حتى في أثناء حضور الدكتور لا أشعر إلا بخوف بسيط.

أصبحت أشارك في الجماعات المدرسية وأتحدث فيها بكل جرأة، حتى إن بعض المعلمين أصبحوا يقدمونني ويحترمونني لأجل صراحتي وجرأتي.

ومرة كنت خارجاً مع مجموعة من زملائي القدماء فكنت أتحدث معهم، وأنا في حالة طبيعية، فطلبوا مني أن ألقي عليهم كلمة رغم أنهم لا يتجاوزون (10) أشخاص غالبهم أصغر مني سناً، فأصبحت في وضع متناقض مرة أشعر بالخوف الشديد وبرودة الأطراف، ومرة أعود إلى حالتي الطبيعية.

وحينما طلبوا مني أن أبدأ أخذت 20 ثانية لا أستطيع أن أتحدث أبلع ريقي مرات عديدة حتى عدت إلى حالة أقرب إلى الطبيعية.

وقد سبق أن استخدمت الإندرال خلال 3 سنوات الماضية، لكن وجدت أن أثرها وقتي ومحدود، فهي تخفي مظاهر القلق ولكنها لا تعالجه، وقد شعرت منها بأثر سلبي وهو الشعور بانخفاض الضغط لمدة يوم أو يومين بعد الاستخدام.

أنا الآن أفكر في العودة مرة أخرى للسيروكسات، ولكن الأمر الذي جعلني أتوقف عنه سابقاً هو شعوري باللامبالاة في كثير من أموري والجرأة الزائدة.

مع العلم بأني شاب متفوق جداً في دراستي وأملك طموحاً وخيالاً كبيراً جعل البعض يصفني بالخرافة والجنون، وها أنا تخرجت من الجامعة بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف، ولكن تبقى نوبات الخوف عائقاً أمام تقدمي ومواصلة دراستي.

لقد أطلت عليكم كثيراً ولكن الشعور يكاد يقضي على حياتي.

أنقذوني أنقذوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ المتفائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:

أخي الكريم: ما سردته هو التاريخ الطبيعي للرهاب الاجتماعي من الدرجة المتوسطة.

الحمد لله أنت على استبصار كامل بحالتك، وكل الذي أقوله هو أن تكون أكثر ثقة في نفسك، وأن تواجه هذه المواقف الاجتماعية، وعليك أن تعلم علم اليقين أن الآخرين لا يقومون بمراقبتك ولا يرصدون ما يظهر عليك من أعراض، علماً بأن الأعراض التي تحسها هي لا تظهر بنفس القوة والشدة بالنسبة للشخص الذي يلاحظك.

فهذا في حد ذاته يجب أن يكون مطمئناً بالنسبة لك، وأنت لديك فرص عظيمة في أن تتفاعل مع الآخرين، وأنت تعمل في مجال الجماعة المدرسية وتعمل في مجال التدريب، ولديك -الحمد لله- الفرصة بأن تختلط بالآخرين في جميع القطاعات، وهذا يعني أن لديك فرصة علاجية جيدة يجب عليك استثمارها والاستفادة منها لأقصى درجة؛ لأن العلاج السلوكي يعتبر هو العلاج بالنسبة للمخاوف، وحين نتكلم عن العلاج السلوكي لا نعني أي شيء غير أن الإنسان يجب أن يحقر الخوف ويجب أن يواجه الخوف ويجب أن لا يتجنب المواقف التي يخاف فيها، ويجب أن يغير من تفكيره المعرفي بمعنى أنه توجد مبالغة في مشاعره.

هذا يجب أن يقتنع به الإنسان، وهذا بالطبع سوف يخفف كثيراً من وطأة الخوف والقلق.

بالنسبة للعلاج الدوائي أعتقد أن العلاج الدوائي فعال وضروري بالنسبة لكثير من الناس، ولكن في هذه المرة أنصحك بتناول الفافرين وليس السيروكسات، والسبب في ذلك أن الفافرين لا يؤدي إلى زيادة في الوزن، كما أن الكثير من الدراسات تشير أنه علاج جيد جداً بالنسبة للقلق والرهاب الاجتماعي، وجرعة الفافرين التي أنت في حاجة لها تبدأ بـ (50) ملم ليلاً بعد الأكل لمدة أسبوعين ثم بعد ذلك ترفع الجرعة إلى 100 ملم، وأعتقد أن هذه الجرعة سوف تكون كافية جداً، استمر على هذه الجرعة لمدة عام كامل وهذه ليست مدة طويلة، وبعد ذلك خفض الجرعة إلى 50 ملم يومياً لمدة ستة أشهر أخرى، ثم يمكنك أن تتوقف عن تناول الدواء.

بالنسبة للإندرال أتفق معك تماماً أنه يعالج الأعراض، ولكنه لا يعالج ولا يزيل النوبة الأساسية للمرض، وعليه ننصح في بعض الأحيان استعماله مع بعض الأدوية الأخرى مثل السيروكسات والفافرين أو الأدوية المضادة للمخاوف، إذا رأيت أن هنالك خفقاناً أو شعوراً بالرجفة أو الارتعاش لا مانع أن تتناول الإندرال بجرعة 10 ملم؛ فهذه الجرعة بسيطة وصغيرة ولا تؤثر على ضغط الدم، ولكن على قناعة كاملة بإذن الله تعالى أن تطبيقك للعلاجات السلوكية وتناولك للفافرين سوف يكون فعال جداً بالنسبة لك.

وحين أقول لك: إن الفافرين لا يؤدي إلى زيادة في الوزن هذا بالطبع أمر نسبي وهذا يعني أنه من الضروري أن تراقب وزنك وأن تراقب غذاءك، وأن تمارس الرياضة، هذا بالطبع سوف يجعل وزنك وزناً طبياً، والرياضة سوف تفيدك كثيراً في صحتك النفسية، وحتى بالنسبة للقلق والرهاب الاجتماعي وجد أن الرياضة الجماعية وما يصحبها من تفاعل مع الآخرين يفيد كثيراً في علاج القلق والرهاب الاجتماعي.

أسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً