الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علاج القلق النفسي الظرفي ومدى تأثير السيروكسات في التشنجات

السؤال

السلام عليكم
الحمد لله أني وجدت هذا الموقع، والله يوفق القائمين عليه.

أنا أعاني من خوف من الكلام أمام الناس، يعني اثنين أو أكثر، علماً أنني إذا كنت آكل ومعي مجموعة من الناس أتكلم بدون ما تظهر علي الرعشة والقلق، ويحدث لي أعراضا مثل الرجفة وزيادة ضربات القلب والتعرق.

وقد قرأت في النت أن هذه أعراض للرهاب الاجتماعي، وأن علاجها سلوكي ودوائي بالسيروكسات أفضل شيء.

سؤالي: هل السيروكسات يسبب التشنج؟ وهل يخلصني من الرهاب الاجتماعي نهائياً مع العلاج السلوكي، أم لابد أن أستمر عليه طول العمر؟

لأني قبل فترة أخذت علاجاً ضد القيء والغثيان حبة واحدة، وسببت لي تشنجاً، واسم العلاج هو برامبيران، وأنا أخاف أن أستخدم السيروكسات فيسبب لي تشنجاً.

والله يعطيكم العافية على هذا الموقع المميز في بحور النت.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Jmal حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:

فجزاك الله خيراً وبارك الله فيك، ونشكرك كثيراً على ثقتك في هذا الموقع، ونسأل الله أن يجازي كل القائمين عليه كل خير.

فإن الحالة التي وصفتها هي - إن شاء الله تعالى - ليست حالة صعبة ومستعصية، وهي - إن شاء الله تعالى – في متناول العلاج، وسوف تكون النتائج إيجابية جدّاً.

أنت تعاني من نوع من القلق النفسي الظرفي، وهذا القلق النفسي الظرفي يحمل بعض سمات ما يسمى بـ: (الرهاب أو القلق الاجتماعي)، وحقيقة الذي أريده منك أن تركز عليه وتستوعبه جيداً أن هذه المشاعر بأنه لديك خوف من الكلام أو يحدث لك نوع من التلعثم أو تظهر عليك رعشة، فالأبحاث تدل أن أحاسيس الذين يعانون من مثل هذه الحالة تكون مبالغاً فيها، أي أنه ربما توجد رعشة ولكن في الواقع تكون بسيطة جدّاً للدرجة التي لا يلحظها الطرف الآخر، أو ربما يجد تلعثما بسيطاً جدّاً في الكلام للدرجة التي لا تلاحظ.

ولكن الشخص الذي يعاني من القلق الاجتماعي يتصور هذه الأعراض بصورة مجسمة ومضخمة جدّاً، وهذا التهويل والتضخيم والتجسيم للأعراض في حد ذاته يمثل عائقاً نفسياً كبيراً؛ ولذا نحاول دائماً أن نجعل الإخوة والأخوات يكونون على علم واستيعاب لهذه الحقيقة، وفي نظري هذا جزء كبير جدّاً من العلاج.

الشيء الآخر الذي أنصحك به هو أن تواجه مصادر القلق ومصادر الخوف، وهنالك مواجهة نسميها: (المواجهة في الخيال)، وهذه تتطلب منك أن تأخذها بجدية، لأنها مفيدة جدّاً، اجلس في مكان هادئ وتأمل أنك أمام جمع كبير جدّاً من الناس، وأنه قد طُلب منك أن تقدم عرضا لموضوع معين أمام هذا الجمع من الناس وفيهم بعض المسئولين والدكاترة والمعلمون وغيرهم، عش هذا الخيال بجدية لمدة لا تقل عن ربع ساعة، ويفضل أن تقوم بالتحدث، أي تتحدث عن الموضوع الذي سوف تعرضه، وبعض الأخوة ننصحهم بأن يقوموا بتسجيل محتوى الكلام أو المحاضرة التي سوف يلقونها، وبعد ذلك يستمع الإنسان لما قام بتسجيله، وقد وجد أن ذلك محفز ومشجع كبير للقضاء على هذا القلق؛ لأن الإنسان حين يستمع لأدائه يجد أنه أفضل مما كان يتصور، هذا النوع من التعرض في الخيال مفيد جدّاً.

الشيء الآخر الذي أرجوه منك أن تركز عليه هو أن تحقر فكرة الخوف، فاسأل نفسك سؤالاً منطقياً: (لماذا أخاف؟ فأنا لست أقل من الآخرين، فهذا مجرد قلق، ولن أدع مجالاً لهذا القلق ليسيطر عليَّ ويضعفني أمام الآخرين، أنا أقوى منهم)، أجر هذه الحوارات النفسية مع نفسك وإن شاء الله سوف تحسن كثيراً من قناعتك.

يأتي بعد ذلك علاجات أخرى نفسية سلوكية غير مباشرة، منها ممارسة الرياضة الجماعية خاصة مثل كرة القدم، فالناس حين يلعبون كرة القدم مع بعضهم يتفاعلون مع بعضهم بصورة إرادية وغير إرادية أيضاً، فالإنسان مضطر أن يجري وأن يبحث عن الكرة، وأن يقول للزميل: العب لي وهكذا، فهذا نوع من التفاعل الاجتماعي الجيد جدّاً والذي يزيل هذا القلق والتوتر.

أيضاً التجارب التي أمامنا – ونتكلم بكل صدق وأمانة – أن المشاركة في حلقات تلاوة القرآن ذات فائدة عظيمة جدّاً لإزالة الرهاب والخوف الاجتماعي، وهي بالطبع تحسن من ملكات الإنسان ومقدراته الحوارية والكلامية وترفع رصيده اللغوي، وفوق ذلك لك أجر على ذلك بإذن الله تعالى، فأرجو أن تضع لذلك اعتباراً.

أما عن الجزئية التي تسأل عنها والتي تخص الزيروكسات (Seroxat) فنعم الأدوية المضادة للقلق والرهاب الاجتماعي موجودة وهي مفيدة جدّاً، والزيروكسات يعتبر من أفضل هذه الأدوية، وأؤكد لك أن الزيروكسات لا يسبب أي نوع من التشنجات، أعرف أن (برامبيران) بالرغم من أنه دواء بسيط إلا أنه قد يسبب بعض التشنجات خاصة لدى الأطفال.

وعموماً الحقيقة التي أقولها لك أن الزيروكسات لا يسبب أي تشنجات، كل الذي يسببه الزيروكسات فقط ربما يفتح شهيتك نحو الطعام قليلاً؛ ولذا عليك بأن تتجنب الأطعمة التي تحتوي على كمية عالية من النشويات والسكريات، وبممارستك الرياضة لن يزيد الوزن لديك.

جرعة الزيروكسات المطلوبة في حالتك هي الجرعة الصغيرة؛ لأن حالتك حالة بسيطة، والزيروكسات يتم تناوله بمعدل حبة واحدة إلى أربع حبات في اليوم، ولكن أنت سوف تحتاج إلى أقل جرعة، وهي أن تبدأ بتناول نصف حبة (عشرة مليجرام) يومياً ليلاً بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ترفع الجرعة إلى حبة واحدة في اليوم، تناولها ليلاً يومياً لمدة ستة أشهر، وهذه هي الفترة العلاجية المطلوبة في مثل حالتك، وحالتك لا تتطلب جرعة أكبر من ذلك في نظري.

بعد ذلك خفض الجرعة إلى نصف حبة يومياً لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الزيروكسات.

أرجو أن تطبق الإرشادات السلوكية السابقة وتتناول الدواء الذي وصفناه لك، وأؤكد لك أن الزيروكسات دواء سليم ولا يسبب لك أي نوع من التشنجات.

أسأل الله لك العافية والشفاء، وبارك الله فيك، ونشكرك على ثنائك على هذا الموقع، ونسأل الله تعالى أن ينفع بنا جميعاً.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً