الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

انسدال الصمامات وعلاقة الصحة النفسية ببعض الأعراض المصاحبة

السؤال

السلام عليكم.

عندي انسدال بالصمامات، بالرغم أنني أتناول أدوية بيتا بلوكه وأنديرال وغيرها، ومن مدة أسبوع أتناول سبرالكس كما نصحتموني في استشارة سابقة مع الشكر، إلا أن ضغطي يرتفع بشكل مفاجئ ونبضات قلبي بشكل كبير، ويصبح عندي إعياء وضيق نفس ودوخة كأنني في آخر مراحلي!
ولهذا السبب لا أستطيع قيادة المركبة مسافاتٍ طويلة خوفاً من حدوث هذه الحالات معي. ما العمل؟ ولكم جزيل الشكر على ما تقومون به من جهد جبار يشكر عليه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فبارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونسأل الله لك العافية والشفاء.
فإني أود منك أن تعرف أن انسدال الصمامات أو ارتخائها خاصة (الصمام الميترالي Mitral valve prolapse) موجود لدى الكثير من الناس، وهي تعتبر لدرجة كبيرة حالة طبيعية، ونعرف أن هذه الحالة تؤدي إلى شعور بالقلق والتوتر لدى كثير من الناس، وأعراض انسدال الصمام في كثير من الأحيان تشابه أعراض الهلع والهرع النفسي.
إذن الرابط ما بين انسدال الصمام وشعورك بهذه الأعراض في رأيي هو رابط نفسي أكثر مما أنه عضوي، فأي إنسان حين يكتشف أن لديه علة في قلبه حتى ولو كانت علة حميدة وفسيولوجية هذا يسبب بعض المشاغل لكثير من الناس وهذا يظهر في شكل قلق وتوتر وشعور بعدم الطمأنينة، وبما أنه قد اتضحت لك الصورة الإكلينيكية –الصورة السريرية– التي توضح حالة قلبك وهي أن قلبك طبيعي، فيجب أن يكون ذلك عاملاً ومطمئناً لك، واتباعك لهذا المنهج وبناء هذه القناعات الجديدة سوف يقلل كثيراً من الأعراض النفسية التي تعاني منها والتي تظهر في شكل تسارع في ضربات القلق وشعور بالخوف والضيقة.

من الضروري إذن أن تصل إلى هذه القناعة، وهذا نسميه (التغيير المعرفي الفكري)، أن تبني قناعات جديدة، أن تكوّن فكراً جديداً حول حالتك وهي أنها حالة نفسية وليس أكثر من ذلك، وهذا بإذن الله تعالى يؤدي إلى شعورك بالطمأنينة واختفاء هذه الأعراض.
كما أنه لابد ألا تعطل نفسك مهما كانت مشاعرك، فأنت تستطيع أن تقوم بمتطلبات الحياة اليومية، لا تعطل نفسك من عدم قيادة السيارة، عش حياة طبيعية، حقر هذا الخوف، لا تجعله جزءاً من حياتك، اجعل الطمأنينة والانشراح والتفاؤل هي المكونات الأساسية لمشاعرك ولحياتك، هذا يساعدك كثيراً.
بالنسبة لضغط الدم، أولاً أنا لا أريدك أن تعتمد اعتماداً قاطعاً على مقاييس الدم التي تستعمل في البيوت والتي يتحصل عليها الإنسان من الصيدليات أو الأماكن التجارية، هذه الأجهزة بالرغم من أنها ساعدت الناس كثيراً إلا أنها ليست دقيقة كما أن الإنسان لا يمكن أن يكون بالحذاقة والإجادة لمعرفة ضغط الدم ما دام لم يتدرب على ذلك تدرباً طبياً.
أنا لا أريد أن أقلل من قيمة هذه الأجهزة ولكن أعرف أن الكثير من الناس قد أصيبوا بالتوهم نتيجة إما استعمالهم الخاطئ لهذه الأجهزة أو لعدم دقتها.
على سبيل المثال أقول لك: إنه يوجد اختلاف في ضغط الدم ما بين اليد اليسرى واليد اليمنى، هذا لدى الكثير من الناس، ويوجد أيضاً اختلاف في مقاس ضغط الدم حين يكون الإنسان جالساً أو مضطجعاً أو واقفاً، هذه كلها اختلافات كثيرة جدّاً.
فأرجو أن يتم قياس الدم ومراقبته بواسطة الطبيب، ولابد أن يقيسه الطبيب أكثر من مرة وفي أكثر من وضع، هذه هي الطريقة الصحيحة، وبعد ذلك إذا اتضح أن لديك ارتفاعاً في ضغط الدم فهذا ربما يكون ارتفاعاً فسيولوجياً في ضغط الدم، أي أنه لديك القابلية أصلاً للإصابة بارتفاع ضغط الدم، وفي هذه الحالة سوف يعالج، وهذا مرض بسيط جدّاً إذا التزم الإنسان في علاجه.

أما ما يسمى بضغط الدم النفسي العصبي، أي الضغط الذي يرتفع قليلاً مع التوتر والقلق فهذا موجود، ولكنه ليس ارتفاعاً عالياً في الضغط، إنما يكون ارتفاعاً بسيطاً ويظهر مع حالات القلق والتوتر، وبعد ذلك ينخفض، وللتأكد من ذلك: قس الضغط في وقت الانفعال والحركة النفسية الزائدة، ثم قسه حين تكون مسترخياً أو تكون مستيقظاً من النوم، وهذا يعالج كما ذكرنا بالطمأنينة، وأن تعرف أن حالتك حالة نفسية بسيطة، وأن تحاول أن تكون مسترخياً، وأن تمارس رياضة من النوع السهل كالمشي، وإذا كان وزنك زائداً يجب أن تخفضه... وهكذا.
بالنسبة لعلاج السبرالكس لا شك أنه علاج ممتاز وفعال، وأنت بدأت في تناوله فقط من أسبوع، وهذه ليست مدة كافية لتتحصل على الأثر الكامل لهذا الدواء، فالدواء يتطلب بناء كيميائياً والبناء الكيميائي يتطلب وقتاً والوقت يجب ألا يقل عن ثلاثة إلى أربعة أسابيع.
فيجب أن تصبر على الدواء، ويجب أن تستمر على الإندرال، وأن تمارس تمارين الاسترخاء والرياضة، وكما ذكرنا لك التفاؤل والتفكير الإيجابي، هذه كلها رزمة علاجية واحدة ومتكاملة.
إذن: الذي أنصحك به هو اتباع هذه الإرشادات التي ذكرناها لك، وليس هنالك أي داعٍ لأن تعيش تحت أي نوع من القلق، فهذا ليس صحيحاً أبداً، وعليك أن تكون حريصاً على أذكارك؛ لأن أذكار الصباح والمساء وأذكار المناسبات تبعث طمأنينة كبيرة جدّاً لدى الإنسان.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونسأل الله لك الشفاء والعافية، ونشكرك على تواصلك مع استشارات إسلام ويب.
وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً