السلام عليكم.

سؤالي مهم جداً، لقد مررت بحالات اكتئاب حادة جداً، لدرجة أنني كنت لا أستطيع القراءة، أي كنت أقرأ الجملة بصعوبة وأكررها أكثر من مرة، وذلك بسبب وسواس قهري حاد أصابني (الوسواس الذي سأل الصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم عنه) فعانيت من تأنيب الضمير، مما أدى بي إلى الاكتئاب الحاد.

قرأت مرة في الإنترنت أن الاكتئاب يؤدي إلى موت خلايا الدماغ، فأصبت بالقلق مرة أخرى؛ لأنني طالب علم وموت خلايا الدماغ يحد من إمكانياتي الدراسية، وسيحول بيني وبين تحقيق رغباتي لأن موت خلايا الدماغ سيؤدي على القضاء على الكثير من مهاراتي.

لا أعرف ماذا أعمل، وهل أستطيع أن أسترجع إمكانياتي بعد موت كبير لخلايا الدماغ؟

يجدر الإشارة إلى أن حالات الاكتئاب التي مررت بها كانت حادة جداً، وكانت على فترات طويلة في بادئ الأمر ومن ثم بدأت تخف، ولكن ما زالت تأتيني حالات اكتئاب بسبب تأنيب الضمير.

فترات الاكتئاب الأولى كانت مدتها عدة أسابيع حتى نصف شهر أو أكثر لا أدري بالتحديد! ولا أعرف ماذا أعمل! هل انتهى مستقبلي الأكاديمي؟

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سامي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

أتفق معك تماماً أن سؤالك مهم جدّاً، وأود أن أبدأ وأؤكد لك بصورةٍ قاطعة لا جدال فيها أبداً أن الاكتئاب النفسي لا يؤدي إلى موت خلايا الدماغ، فهذا الكلام ليس صحيحاً، وما قرأته على الإنترنت بالرغم من احترامي لمصدره إلا أنه لا يعتبر كلاماً علمياً موثقاً ومقنناً.

الذي يحدث في خلايا الدماغ عند الاكتئاب هو أنه توجد ما يسمى بالمستقبلات العصبية، وهي المنطقة الطرفية في الخلايا الدماغية والتي من خلالها تخرج الومضات الكهربائية لتوصل ما بين الخلايا حتى يتم توفر ما يُعرف بالموصلات العصبية، وهي مواد كيميائية تتوفر في الفراغات التي بين هذه الخلايا.

الذي يحدث في الاكتئاب النفسي أنه يوجد بعض العجز في عمل هذه المستقبلات العصبية، هذا العجز هو نوع من الخمول أو أنها تكون كامنة مثل خلايا (بيتا) في البنكرياس والتي يؤدي خمولها إلى الإصابة بمرض السكر، وحين تُعطى الأدوية تنشط هذه الخلايا في حالة السكر، وهذا ينطبق أيضاً في حالة الاكتئاب، حيث إن الأدوية التي تُعطى والتي تعرف بمضادات الاكتئاب هي في الأصل تعمل على تنشيط المستقبلات العصبية من أجل أن تؤدي وظيفتها، والتي تتمثل في توفير الموصلات أو المستقبلات العصبية بالكميات المطلوبة.

إذن أيها الفاضل الكريم! لا يوجد موت للخلايا الدماغية في حالة الاكتئاب، ولا يوجد حتى ضمور أو تلف في هذه الخلايا، كل الصور المقطعية الخاصة جدّاً وصور الرنين المغناطيسي الوظائفي وما يعرف بـيتسكان (Pet) كلها تثبت أن الدماغ يظل في حجمه الطبيعي، وهو يزن في الرجل ألف ومائتي مليجرام، وفي المرأة حاولي ألف ومائة مليجرام.

فيا أخي الكريم! أرجو أن تصحح هذه المعلومة، وأن تطمئن تماماً أن دماغك سليم، ومهما أصابك من اكتئاب فهو لن يؤدي أبداً إلى تلف أو ضمور أو تعطيل خلايا دماغك.

هي عملية فسيولوجية بحتة وليس أكثر من ذلك.

تلف خلايا الدماغ يحدث في حالات الإصابة بالخرف أو العته مثل علة الزهايمر، وهنا يحدث نوع من التآكل والضعف لبعض خلايا الدماغ، وهنالك حالات تعرف بعصاب ما بعد الإصابة، وهي حالة قلقية توترية شديدة تحدث لبعض الناس بعد الصدمات النفسية، هنا ربما يحدث نوع من الضمور المؤقت في خلايا الدماغ في أماكن معينة، ولكن هذه الخلايا وجد أنها ترجع لطبيعتها التامة بعد أن يتلقى الإنسان العلاج.

فأخي الكريم! أرجو أن تطمئن مرة أخرى، وإن شاء الله تعالى مستقبلك الأكاديمي يكون مشرقاً ووظائفك الدماغية كلها إن شاء الله تعالى تكون سليمة، وأؤكد لك أن الاكتئاب يمكن علاجه بسهولة شديدة جدّاً إذا التزم الإنسان بتناول الأدوية في وقتها وبجرعتها المطلوبة وللمدة المقررة، وكذلك التزم بالممارسات السلوكية الصحيحة لتعديل السلوك، والتي من أساسها التفكير الإيجابي وتطوير المهارات وتطوير الذات.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك على هذا السؤال وأرجو أن تكون هذه الإجابة مقنعة بالنسبة لك.