الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مرتبي لا يكفيني وأعيش في ذل في بيت زوجتي الأجنبية؟

السؤال

عمري 25 عاماً، مغترب تزوجت منذ سنة من امرأة غير عربية ولا مسلمة بعد حب لمدة سنتين، أعيش معها في بيتها, مشكلتي شخصيتي ضاعت لأنني دائماً أعيش في ذل تحت أقدامها، أعمل لكن المرتب قليل جداً، لا يتسنى لي الوقوف على قدمي، ولا الخروج من البيت، ولا أعمل شيئاً، أعتمد عليها وعلى مالها في الأكل وفي 70% من الاحتياجات الشخصية, تنازلت عن كثير من الأشياء عند بدايتي في السكن معها وفي منزلها, لا أعرف ماذا أفعل، لا أستطيع أن أفهمها كل المشاكل التي عندها هي بسببي أنا، هذا حسب كلامها.

أنا مهندس حاسب آلي متخرج بتفوق من جامعة في أمريكا، لا أستطيع أن أجد عملاً في مجالي، حالياً أعمل في غسل السيارات.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ asaad حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع.

وبخصوص ما ورد برسالتك أخي الكريم الفاضل من أنك مغترب في بلدة صربيا، وأنك تعرفت على فتاة، هذه الفتاة ليست عربية ولا مسلمة، إلا أنها قامت بإغوائك والإحسان إليك وإكرامك، وسمحت لك بالإقامة معها، وتتولى الإنفاق عليك في حدود السبعين بالمائة من متطلباتك الشخصية من مالها الخاص، وتزوجتها رغم أنها غير مسلمة كما ذكرت، إلا أنك تشعر بأن شخصيتك قد ضاعت، لأنك دائمًا تعيش في ذلٍّ تحت أقدامها، ولأنك تعمل في عمل لا يدر عليك إلا دخلاً قليلاً بسيطًا، رغم أنك مهندس ومتخرج بتفوق من جامعة أمريكية، ولا تستطيع أن تجد عملاً في مجالك حاليًا إلا في مجال غسل السيارات.

أقول لك أخي الكريم أسعد حفظك الله: إنه مما لا شك فيه أن إقامة الرجل عالة على غيره فعلاً تُشعره بنوع من الامتهان ونوع من الحقارة حتى وإن كان الطرف الآخر لا يُشعره بذلك، وهذه المرأة كما تعلم ليست عربية ولا مسلمة، والبلاد التي تنتمي إليها بلاد مفتوحة لا ترى غضاضة أو عيبًا في إقامة أي علاقات مع أي شخص آخر، لأنها بلاد لا تعرف الحلال ولا الحرام، ولا تعرف اللياقة ولا تعرف شيئًا مما نعرفه نحن معاشر العرب في بلادنا الإسلامية أو في ديننا العظيم الذي أكرمنا الله تبارك وتعالى به، فالمرأة تتصرف معك بطبيعتها، وهذه الطبيعة تشمل كل النساء أو معظم نساء أوروبا، وهذه الحياة التي رأيتها كما لا يخفى عليك هي حياة معظم النساء مع بعضهم بعضًا، يعني هذا ليس معك أنت وحدك على سبيل الخصوص، وإنما هذا مع كل هذا المجتمع، سواءً أكانوا رجالاً أو نساءً، فأنت تعلم أن الصداقات تمثل في علاقات هذه البلاد أكثر من سبعين أو ثمانين بالمائة، وكلها تقوم على هذا الأمر، إذا أرادت أن تقيم مثلاً علاقة مع شخص آخر فإنها لا ترى في ذلك غضاضة وتقليلاً من شأن صديقها القديم، أو العكس، وهو كذلك أيضًا.

فهي تتصرف معك كما ذكرت بتلقائية، وتتصرف معك وُفق المعطيات التي تعيشها في بلادها، وهي في هذه الحال لا نستطيع أن نقول بأنها عاصية أو أنها خائنة أو أنها مخالفة، لأنها ليست عربية، وثانية ليست بصاحبة دين، وثالثة هي متفضلة عليك، فأنت رجل لا تعمل، ومما يلزمك أن تقبل أي شيء تقدمه لك، وأن لا تعترض على أي شيء تفعله أمامك، حتى وإن كان فيه امتهانًا لكرامتك أو اعتداء على شخصيتك.

والحل أخي الكريم أسعد حقيقة يكمن في ضرورة التخلص من هذه الحياة، لأن هذه الحياة أخي الكريم لن تؤدي بك إلا إلى مزيد من الذل والامتهان والهوان والاحتقار والازدراء، لأنك رجل غير منتج ورجل غير عامل، ودخلك أو عملك لا يوفر لك أكثر من ثلاثين بالمائة مما تحتاجه أنت مما يجعلك عالة على هذه المرأة بصفة دائمة ومنتظمة.

ومن هنا فإني أقول لك بارك الله فيك: أتمنى أن تقوم بزيارة المراكز الإسلامية الموجودة في صربيا، وأن تتعرف على إخوانك المسلمين أولاً، لأنك إن كنت صاحب صلاة وصاحب عبادة وصاحب مسجد فقطعًا ستجد من إخوانك كل العون، فأنا أعرف أوروبا وأعرف أحوالها وأعرف أن الإخوة في معظم الأحايين يقدمون خدمات طيبة.

ومن هنا فإني أنصحك أخي الكريم الفاضل أسعد بأن تربط نفسك بالمركز الإسلامي، وقطعًا نوصيك بالمحافظة على الصلاة، وارتباطك بالأنشطة الدعوية هناك، وسوف تتعرف على شريحة طيبة من القائمين على أمر المسجد، وعندها سوف تعرض أمرك عليهم لعلك أن تجد فيهم بعض أصحاب الأموال الذين قد يقبلون عملك لديهم بطريقة مشروعة وبدخل أكبر، أو على الأقل يساعدونك في البحث لك عن عمل، أو في إيوائك مثلاً في المركز الإسلامي حتى ييسر الله أمرك.

لأن هذه المرأة بارك الله فيك قطعًا كما ذكرت طبيعتها تختلف تمامًا عن طبيعتك، وحياتها تختلف تمامًا عن حياتك، وهي حياة ستدمرك نهائيًا، لأنك مع تكرار هذه التصرفات المشينة والمنحرفة بالنسبة لك سوف تشعر بنوع من الذل المركب الذي سوف يدمر معنوياتك وشخصيتك ويجعلك إنسانًا ذليلاً أكثر مما أنت عليه.

فنصيحتي ترك هذا الحال، وإذا لم يتيسر لك بارك الله فيك وجود مركز إسلامي في صربيا، فمن الممكن أن تذهب إليهم في مكان آخر في أوروبا، وستجد إن شاء الله تعالى كثيرا من المراكز الإسلامية التي ترحب بك وتمد لك يد العون والمساعدة، قد لا تكون مساعدة كافية، ولكن على الأقل أنك ستعيش في البيئة المسلمة مع إخوانك المسلمين، وعندما ييسر الله لك أمرك وتبحث عن عمل طيب مناسب وتحصل عليه بفضل الله تعالى أولاً ثم بمساعدة إخوانك لك، سوف تجد بدل الزوجة مائة، لأني أعرف أن هناك العشرات من الأخوات المسلمات من الأوروبيات ومن أبناء المسلمين المهاجرين يبحثون عن الأزواج الصالحين ولا يجدون، وأنت رجل مسلم بارك الله فيك، بمعنى أنك رجل جاهز، فأنت لم تدخل الإسلام حديثًا مثلاً مثل معظم أو السواد الأعظم من مسلمي أوروبا، وإنما أنت رجل تحمل على عاتقك عراقة الإسلام وأخلاق العرب وقيم العرب ومبادئهم التي قوّاها الإسلام ودعمها.

فأنا أرى بارك الله فيك أن تترك هذه المرأة نهائيًا الآن، واجتهد بارك الله فيك، أن تعتمد على الله ثم على نفسك، ولو أن تقلل نفقاتك، بمعنى أنك لا تتوسع في النفقة على حسابها، لأنها بذلك قد لا تزيدك إلا امتهانًا واحتقارًا، لأنك تعلم أنك لا يمكن أن تستغني عنها، وقد تستضيف بعض أصدقائها الأوروبيين وغيرهم أمام عينك وتمارس حياتها الطبيعية معهم وأنت لا تستطيع أن تنطق ببنت شفة، وهذا فيه إذلال لا يقبله الله تبارك وتعالى ولا يقبله أي عاقل أو أي إنسان لديه أدنى قدر من المروءة.

فأرى بارك الله فيك أن تبحث عن عمل أفضل، وأرى أن ترتبط بإخوانك المسلمين، وإن لم تجد فابحث عن أي مكان تجد فيهم تلك الصحبة الطيبة.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات