الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجتي تتابع أفلام الكرتون الخاصة بالأطفال ل7 ساعات يوميا.. فما العلاج؟

السؤال

أشكو من زوجتي التي تتابع برامج الأطفال قرابة 7 ساعات تقريبا، وهذا الأمر يضايقني، ويجعلها تترك واجباتها المنزلية، مع أنها تبلغ من العمر 22 عاما، وهذه السنة الرابعة للزواج، وعندنا طفل عمره 3 سنوات، نصحتها كثيرا، ولكن دون فائدة، وتقول لي كل النساء تشاهد أفلام الكرتون، ولا تهتم كثيرا بترتيب البيت، وقد حاولت معها جاهدا، وكنت في بداية الزواج أعذرها وأقول هي في 18 من عمرها، ولكن الأمر استمر!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ OTH حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

نشكرك حقيقة على إثارة هذا الموضوع المهم، لأن كثيراً من الناس عرضة لمثل هذه الظواهر، وربما يعتبرونها أمرًا عاديًا، ولا يعيرونها أي اهتمام، لكن من وجهة نظري هي أمور مهمة جدًّا.

مشاهدة هذه الأفلام الكرتونية بواسطة الكبار كخبرة مكتسبة من الطفولة أو أن الإنسان قد يكون تعود عليها في مرحلة متقدمة من عمره هي ظاهرة نشاهدها وموجودة، وهذه المشاهدات قد تصل لمرحلة الإدمان، ونحن نقول أن الإنسان إذا استمر في مشاهدة هذه الأفلام الكرتونية طفلاً كان أو كبيرًا لمدة تزيد عن أربع ساعات في اليوم هذا يعتبر إدمانًا، والتبعات بالطبع تكون سلبية أكثر في الكبار.

الذي حدث لزوجتك الفاضلة هي أنها خلال مشاهدتها لهذه الأفلام أصبح يتكون لديها ما نسميه بالمردود أو العائد الإيجابي، والمردود والعائد الإيجابي: هو نوع من الظواهر العلمية الإدمانية التي تعتمد على أن الإنسان حين يرغب في شيء ما تفرز مادة في الدماغ تسمى بالدومامين، وهذه المادة هي التي تتحكم في الغرائز والشهوات والرغبات والميول الإدماني، فالذي يحدث أنه بالاستمرار في المشاهدة تُفرز هذه المادة، وهذا يؤدي إلى نوع من التحفيز، وهو ما نسميه بالإثابة الإدمانية - أي المردود الإيجابي - ويستمر الإنسان في هذه المشاهدة للدرجة التي يُصبح الأمر أمرًا قهريًا استحواذيًا لا يستطيع الإنسان أن يتحكم فيه، وإذا افتقده يشعر بشيء من القلق والتوتر والانزعاج، وهذه هي الشروط الإدمانية، والإدمان ليس فقط للمواد المخدرة، إنما لأشياء كثيرة.

أخي: أرجو أن يكون هذا التفسير واضحا بالنسبة لك؛ لأني أريدك أن تشرحه لزوجتك الكريمة.

طريقة العلاج: أولاً أي شيء مكتسب يُفقد من خلال التعليم المضاد، والتعليم المضاد يتطلب الإصرار والتركيز والتدرج.

إذن نقول لزوجتك الفاضلة: ضعي برنامجا للتخلص من هذه العادة، والبرنامج يمتد لشهرين، أعتقد أن هذا أمر موضوعي جدًّا ومفيد جدًّا، والبرنامج فيه الكثير من السعة والأريحية، وخلال هذين الشهرين تبدأ بتخفيض فترة المشاهدة إلى ستة ساعات ونصف مثلاً في اليوم، وذلك لمدة أسبوع، بعد ذلك تخفضها إلى خمس ساعات ونصف في الأسبوع الذي يليه، بعد ذلك تخفضها إلى أربع ساعات ونصف، ثم إلى ثلاث ساعات ونصف خلال الأسبوع الذي يليه، وهكذا، إلى أن تصل للمشاهدة بمعدل نصف ساعة مثلاً في اليوم، بعد ذلك تجعلها يومًا بعد يوم.

هذا التدرج مُقنع ومفيد، ويمكن تطبيقه للتخلص من هذه العادة الإدمانية، وفي نفس الوقت أنصح أيضًا بأن تحاول أن تجلس معها أنت أيضًا حين تشاهد هذه الأفلام، لا أقول لك اجلس معها طول المدة، لكن قل لها أنا جئت، وجلست معك من أجل مساندتك، وأريدك أن تتخلصي من هذه الحالة الإدمانية، ما رأيك أن نغير إلى برنامج آخر نشاهد أحد القنوات الإسلامية مثلاً لمدة نصف ساعة أو ساعة، أو نستمع للأخبار مع بعضنا البعض، وهكذا.

هذا أيضًا يعزز عملية التخلص من هذه العادة الإدمانية، ولابد لزوجتك الفاضلة أن تُدخل بدائل أخرى في حياتها، تنظم وقتها، تمارس الرياضة مثلاً، الرياضة التي تناسب المرأة المسلمة، فالرياضة تؤدي إلى الإفراز التعويضي لمادة الدوبامين والمواد الأخرى التي تكلمنا عنها، والتي هي سبب الإدمان، هذا يساعدها كثيرًا ويقلل الشعور القهري لديها، وكذلك القلق والتوتر المصاحب، هذه هي طريقة العلاج، وهي طريقة بسيطة جدًّا، وإذا شرحتها للفاضلة زوجتك أعتقد أنها سوف تستجيب، وفي نفس الوقت كن مساندًا لها، واشرح لها أنه توجد أشياء جميلة أخرى في الحياة يمكن للإنسان أن يُدمنها.

ساعدها أيضًا في توزيع وقتها بأن تضع جدولا يوميا تطبق خلاله النشاطات المنزلية المطلوبة، الاهتمام بالطفل، بالزوج، دعها تقرأ قراءات مفيدة، تمارس الرياضة، التواصل الاجتماعي، الذهاب إلى أحد المساجد أو مراكز تحفيظ القرآن مثلاً.

هنالك بدائل كثيرة، ودائمًا في الإدمان إذا أخذنا من الإنسان شيئًا لابد أن نعطيه بديلاً، والبدائل كثيرة كما أوضحت لك.

نشكرك على سؤالك الجيد هذا، ونسأل الله تعالى لكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً