الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أنا رجل ذو قيادة ووظيفة مرموقة ولم أحصل على الزيادة في راتبي.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أسأل الله -عز وجل- كما أرشدني لموقعكم المتميز هذا أن يرشدني، وإياكم لك خير.

أعمل في شركة، ولي خبرة ما يقارب 8 سنوات ( آخر منصب تقلدته هو مدير شؤون موظفين) مرورا بقسم الحسابات والشؤون الإدارية.

تجاوزت السنتين ونصف ولم أحصل على أي زيادة، وعندما بدأت بالمطالبة أعطتني إدارتي زيادة تبلغ 110 ريال، مما زادني تعجبا من هذا الأمر، علما بأني حاصل على درجة البكاليريوس، ولكن في غير تخصص الموارد البشرية، وحصلت على خبرة ممتازة من خلال الدوارات التي حصلت عليها، وأنا رجل لدي قدرة قيادية واتصالي فعال جدا مع زملائي في العمل ومدرائي، وهم يثنون علي، ولكن ما هي المشكلة لا أعلم.

أعتقد أنه يوجد شخص وراء عدم تقدمي في الإدارة ذو منصب عالي قد حصل بيني وبينه خلاف في العمل من قبل، ورغم أنني حاولت التصافي معه، وأظهر لي الود ولكني أعتقد بأنه ما زال يعطي الإدارة العليا تقارير سيئة عني، وأنا والله عكس ما يقول تماما.

أنا محتار تماما من هذا الأمر، وحركة الترقيات القادمة اقتربت، ولا أعلم ماذا أعمل؟

أرشدوني أرشدني الله وإياكم لكل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو جنا حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك -أيها الأخ الحبيب- في استشارات إسلام ويب.

نحن نشكر لك ثقتك فينا وتواصلك معنا، ونسأل الله تعالى أن يعيننا أن نقدم لك ما نتمكن منه مما ينفعك، كما نسأله -سبحانه وتعالى- أن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به.

هناك حقائق مهمة أيها الحبيب إذا تذكرها الإنسان المؤمن أورثته السعادة والسكينة والطمأنينة، من أهم هذه الحقائق تذكره بأن كل ما ينزل به في حياته أو سينزل فإنه قد سبق به قدر الله -عز وجل-، وقد كتبه الله عز وجل قبل أن يخرج هذا الإنسان إلى هذه الدنيا، وقد قال -عليه الصلاة والسلام- لأبي هريرة -رضي الله عنه-: (جفَّ القلم بما أنتَ لاقٍ يا أبا هريرة) فكل ما يلقاه الإنسان من خير وشر وسعة وضيق، كل ذلك قد قدره الله -عز وجل- وكتبه، فاطمئن وأرح فؤادك، واعلم أن ما قدره الله عز وجل لك سيصل إليك ولن يستطيع بشر كائنًا من كان أن يحول بينك وبين ما كتب الله -عز وجل- لك من الرزق، وهذه وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث العظيم المشهور الذي يحفظه أكثر المسلمين حين قال -عليه الصلاة والسلام-: (واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف) وقال -صلى الله عليه وسلم-: (لن تموت نفسٌ حتى تستوفي رزقها وأجلها).

وهذا النوع -أيها الحبيب- من العقائد التي جاء بها القرآن وحث عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا استقر في قلب المسلم استراح باله وهدأت نفسه، ونال سعادة عاجلة، وكذلك يصل بهذه العقائد إلى السعادة الآجلة.

وهذا لا يعني أبدًا الغفلة عن الأسباب، ولا يعني أبدًا التكاسل عن الأخذ بما يوصل الإنسان لرزقه، وقد أمر الله -عز وجل- مريم عليها السلام بأن تهز النخلة وهي تعاني آلام الوضع، وما ذلك إلا لتعليم الناس الأخذ بالأسباب، كما قال الشاعر:

ألم تر أن الله قال لمريم: وهزي إليك الجذع يساقط الرطب، ولو شاء أن تجنيه من غير هزّة جنته ولكن كل شيء له سبب.

فنحن وصيتنا لك -أيها الحبيب- أن تأخذ بالأسباب المشروعة وأن تتقي الله تعالى في عملك وتحاول إتقانه وإحسانه على التمام، مبتغيًا بذلك وجه الله، وإطابة الرزق وأخذ الأجر حلالاً، واعلم بعد ذلك يقينًا أن ما قدره الله -عز وجل- سيصل إليك.

أما هذا المسؤول الذي تتحدث عنه، فنصيحتنا لك -أيها الحبيب- أن تحسن إليه، وتحاول توطيد علاقة الثقة بينك وبينه ابتغاء وجه الله تعالى، فإن نبينا -صلى الله عليه وسلم- نهانا عن التحاسد والتباغض والتدابر والقطع، وأمرنا بأن نكون عبادًا لله تعالى إخوانًا، فإذا فعلت أنت هذا وبادرته بالاعتذار إن كانت هناك إساءة أو المسامحة إذا كانت هناك مظلمة، وبذلت وسعك من أجل غرس المحبة بينك وبينه، امتثالاً لهذه التوجيهات النبوية، والتوجيهات القرآنية قبل ذلك فإن الله -عز وجل- سيجعل لك ودًّا في قلبه، وإن لم يزل ما في قلبه اليوم فسيزول غدًا.

وأنت مثابٌ على هذا على أي حال سواء رضي عنك هذا الأخ أم لم يرض، فإنك إذا امتثلت أمر الله تعالى في الإصلاح بينك وبينه، كما قال جل شأنه: {إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم} فإذا فعلت هذا امتثالاً لأمر الله تعالى، وطلبًا لثوابه فإن الله -عز وجل- يثيبك لا محالة، ولن يضيع الله عز وجل أجرك، فإنه لا يضيع أجر من أحسن عملاً، وهذا الأخ إذا هداه الله -سبحانه وتعالى- وعاد إلى ما ينبغي العود عليه من المحبة والتواصل فبها ونعمت، وإن لم يعد فإنك أديت ما ينبغي تأديته تجاه من حق الأخوة، وكن على ثقة بعد ذلك أنه لا يقدر بحال من الأحوال أن يحول بينك وبين رزق الله تعالى لك، وأن ما كتبه الله -عز وجل- لك سيصلك لو بذل ما في وسعه للحيلولة دونه، فقر بذلك عينًا وطب نفسًا.

نسأل الله تعالى أن يرزقك الحلال وأن يوسع لك في رزقك، وخير ما نوصيك به تقوى الله تعالى، فإنها جالبة لكل رزق دافعة لكل شر، وكثرة الاستغفار، فإن بالاستغفار يُرزق الإنسان الخيرات الوفيرة، كما أرشد إلى ذلك كتاب ربنا سبحانه وتعالى وسنة نبينا -صلى الله عليه وسلم-.

نسأل الله تعالى لك التوفيق والنجاح.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً