الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من تسلط زوجي علي رغم طيبته في جوانب أخرى؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عمري 24 عاما، كنت من الأوائل في جامعتي، ولله الحمد، لكن كانت عائلتي منطوية جدا من الناحية الاجتماعية، ثم تزوجت منذ 6 أشهر من طبيب جراح 32 سنة أحبه جدا - الحمد لله- لأنه حنون وشهم وذكي وكريم عليّ؛ ولأني أعيش معه بعيدا عن أهلي، وأعاني منذ صغري من فقدان الحنان والثقة الكاملة بنفسي، فإنه يقوم بدور الزوج الحنون والأم والأب والحماة المتسلطة أيضا.

الحمد لله أنا سعيدة معه، لكن أحيانا أشعر أنه يحاول أن يربيني من جديد! أكثر ما يضايقني فيه هو عدم إتقانه لفن التنبيه على الأخطاء، فإذا أخطأت فإنه يعنفني وينتقدني بشدة ويرفع صوته عليّ أمام جميع الناس حتى أشعر بالمهانة، وأحس أن هذا أسلوبه مع الجميع حتى مع أمه وأخواته وأبنائهن.

لا يجيد الانتقاد ولا التوجيه، بل يعنف تعنيفا يهين كرامة الإنسان، أشعر أنه متكبر جدا في مخاطبتي، وفي حديثه عن نفسه وقدراته وإنجازاته، وعلاقاته الاجتماعية، ولا يشعر أن لديه أي عيب! لكثرة ما يتسنى له من فرص لخدمة الناس والضعفاء في المشفى، ويحصل يوميا على أمطار من المديح.

عيبه الآخر هو شدة ملاحظته، ودقته في أن تكون الأمور والتنفيذات على أتقن وجه، وبأسرع وقت وأجدر مهارة، فيتدخل في كل ما أقوم به، في كل صغيرة وكبيرة، مع أنه لا يفقه في أمر المطبخ شيئا، لكن أشعر أن ثقته العالية أمامي تمكنه من عمل كل شيء، بكل تكبر وثقة ومهارة في الحقيقة.

أخذ عني أفكارا كثيرة بأني لا أحسن الطبخ، ولا تنظيم المنزل ولا العناية بتغذية نفسي، وذلك لأني نحفت بعد الزواج كثيرا، لأني أصلا كنت خائفة من السمنة التي تظهر للكثير بعد الزواج فأصبح قبيحة في نظره لا قدر الله، وشماعة للتعليقات الساذجة، فصرت أتجنب الأكل كثيرا، فنحفت، بينما زاد وزنه كثيرا وخرب شكله (الجميل).

أيضا كنت خائفة أن أظهر له مهاراتي في المنزل أو أعوّده على أن أخدمه في كل شيء، فيتعود على ذلك، ويتعبني إن أصبحت في المستقبل مشغولة. وبالرغم من وجود تلك المعتقدات الخاطئة عندي إلا أني والله صرت أبذل جهدي في عمل الأفضل، لكن لا أرى منه شكرا على مجهودي، ولكن تركيزه منصب على ما ينقص عملي.

أريد من زوجي التشجيع والرحمة في انتقادي، وإعطائي مليون فرصة حتى أستعيد ثقتي التي يهدمها كل يوم؛ لأثبت له أني أفضل منه، وإن كان يكبرني ولديه ما لديه من المواهب والقدرات.

أريد أن أمتلك معتقدات صحيحة، وصافية وثابتة في التعامل مع زوجي، فقد تعبت من قراءة الكتب والاستماع إلى نصائح الآخرين، وإن كانوا أهله، فزوجي طبيعته تختلف عن طبيعتي في تنفيذ النصائح حسب تجارب الآخرين.

للحديث بقية لعلي أرسله في سؤال آخر وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أميرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن الصعوبات التي تواجهينها مع زوجك أعتقد أن أساسها مساهمات من كلا الطرفين، أرجو أن لا تلوميني فيما ذكرته، وأنا أعرف أن ما هو متوفر لي من معلومات بالرغم من رسالتك الطيبة والدقيقة، إلا أن الصورة غير مكتملة؛ لأن في العلاقات الزوجية الإرشادية لابد أن نسمع لرأي الطرف الآخر، وهذا بالتأكيد غير متاح لنا، فلذا اعتمادي على رسالتك يشير وبصورة واضحة وجلية أن الإشكالات تأتي من أن الانطباع العام الذي بُني لديك حول زوجك هو الانطباع السلبي؛ لأنك ركزت على سلبياته، وفي نفس الوقت لم تركزي على إيجابياته، وهو في نفس الوقت قام بدور الزوج والأب والأم والحماة، كما ذكرت أنت بذلك.

هو يقوم بهذا الدور بصورة لا شعورية – أي دور الأم والأب والحمى – وهذا بتصريح منك، لأنك قد أتحت له الفرصة ليعاملك على هذا الأساس، ومثل هذا النوع من العلاقات الزوجية يكون الجانب السلطوي هو الذي يهيمن عليها من طرف الزوج حتى وإن لم يقصد ذلك.

أرجو أن لا تلومي نفسك أبدًا، وزوجك لابد أن فيه أمورا مشرقة كثيرة، فالرجل طبيب كما ذكرت ومؤهل، وهذه ميزات يمكن أن يُستفاد منها كثيرًا، وبجانب ذلك عليك أن تبذلي جهدًا في التغاضي عن سلبياته، تناسيها، تجاهليها، وصغّريها، وفي نفس الوقت حاولي أن تكوني حذقة وسريعة وقوية الملاحظة في أن تلاحظي كل ما هو إيجابي عنه، حتى ولو كانت أمورا صغيرة وبسيطة، وبعد أن تلتقطي هذه الإيجابيات وتستوعبيها حاولي أن تعظميها وتجسميها وتضخميها، هذا يساعدك جدًّا.

في نفس الوقت يجب أن تبحثي عن ما نسميه بالقدرة على التواؤم وعلى التكيف، أخطاء الزوج قابليها بشيء من الصبر، وعدم إبداء الامتعاض والانفعالات السلبية، لأن مثل هذه المبادرات ربما تجعل زوجك أكثر تحفزًا ليعاملك من منطلق سلطوي.

أمر آخر وهو من وجهة نظري مهم جدًّا، هو: أن تجلسي جلسات تفكرية حوارية منطقية محترمة مع زوجك، وهذا ممكن، فهنالك لحظات طيبة تمر على الأزواج، هذه يمكن من خلالها أن تناقش وتطرح كثيرا من الأمور، ومما لاحظته في رسالتك أنك الحمد لله تمتلكين المقدرة والكياسة لتعبري عن مشاعرك لزوجك، خاصة في الأمور التي لا ترضيك، وتقبّلي أي نوع من ردود الأفعال من جانبه، لأن المهم في الأمر هو أن تصل له الرسالة أنك ممتعضة أو لا تقبلي بعض الأمور، ولكن أيضًا كوني متجردة وموضوعية، واسأليه عن الأشياء التي يريدك أن تتغيري فيها، هذا تجرد إيجابي ومفيد، ولا يعني التنازل أو امتهان الذات.

نصيحتي الأخرى لك هي أن تديري وقتك بصورة جيدة، الواجبات الزوجية، الواجبات المنزلية، أن تنخرطي في أنشطة ثقافية واجتماعية، هذا كله يفيدك كثيرًا، ويجعلك تكونين أكثر اقتدارًا في أن تدعمي العلاقة الإيجابية مع زوجك، وذلك من خلال تذكر إيجابياته، وأن تجدي له العذر فيما يخص سلبياته.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، ولا تنسي الدعاء، فالدعاء سلاح عظيم ومطلوب، خاصة فيما يخص حفظ وتحصين العلاقات الزوجية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • سويسرا أمة الله الفيروزي

    بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على اشرف المرسلين وبعد

    هذا الجواب فيه كثير من الصحة والموضوعية ولكن هناك جواب اخر وهو مايهمله كثير من الناس في الاجابة على مثل هذه الحالات في العلاقة الزوجية فكثير من النساء قابلتهن يشتكين من التسلط والسلطة التي يمارسها الزوج وتصبح زوجته مثل المتاع والاشياء التي يمتلكها لاراي لها ولاقرار بل يكاد ينعدم الحوار والشراكة بمفهومها في العلاقات الزوجية وخصوصا عند العرب والمسلمين الا من رحم ربك فانا قابلت كثير من السيدات المتعلمات والخريجات من الجامعة وازواجهن يشتغلن وعندهم عمل قار ولكن بحكم ان الزوجة ضحت بدراستها وعملها مقابل تربية الابناء لم يزد ذلك الا عجرفة الزوج وتسلطه على المرأة في كل خصوصيتها وحياتها فقد وجدت كثيرا من الزوجات تعيسات رغم انهن لسن فقيرات ولكن لان الزوج لم يعترف بما تقوم به المرأة من مجهود في تربية ابناءها وتنظيف البيت والقيام بكل اعباء البيت فهذا جعل من الرجل انسانا متسلطا عليها يأمرها حتى كيف تمشي وكيف تأكل وتخرج وماذا عليها ان تعمل انها الماساة الكبرى وخصوصا هنا في الغرب تبقى المرأة في البيت وحتى ان تخرجت او درست فانها ترجع الى الوراء بحكم عدم احتكاكها بالقراءة والتعلم انا طبعا اتحدث عن الاغلبية الساحقة هكذا وليس عن الحالات النادرة للحديث بقية

  • لبنان الحاجه

    الجواب منطقي وسليم لكن الزوج المتسلط ان كان عديم النقااش لن تستطيع ان تتوصل معه الى اي نتيجه وان كان متكبرر ومغرور هناا الفااجعه فهو اصبح متسلط من ورااء حب الذاات ومن ظنه انهوو اقووى واذكى من زوجته وطبعاا لو كاان طريقة تربيته في بيت اهله على الدلال فاناا اظن ان الزوج حكم عليهاا بالمعانااه الى الابد معه .

  • العراق مروى

    نعم بالتاكيد ان الزوجة التي تضحي من اجل تربيه الابناء وتترك كل شي من اجل ابناءها وزوجها وتترك مستقبلها فهذا لشيء يجعل منها تعيسعة واغلب نساء كذلك وايضا مما يبقى تسلط الرجل عليها في كثير من الحالات

  • هولندا ع

    ارحم ترحم
    إن كان حسن الخُلق و الطيبة تجعل الرجل متسلطاً فهذه والله هي المصيبة
    فاليجعل الرجال قدوتهم رسول الله في تعاملهم مع زوجاتهم كي يسود مجتمعنا الحب والألفة و الاحترام

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً