الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تراودني أفكار بعيدة عن الواقع وأشعر بالخوف والاضطهاد والرغبة في الانتقام!

السؤال

أنا فتاة في السابع عشر من عمري، أعاني من أفكار عديدة تحيط بي دائما، وهي أفكار بعيدة عن الواقع فمثلا أشعر بالاضطهاد من أقل الأشياء، ومن كل الأشخاص فأشعر دائما أني مختلفة عن كل الناس حولي لا أعرف السبب؟ ولكن أشعر دائما بالاختلاف والاضطهاد والرغبة في الانتقام تسيطر على دائما، فأنا أشعر أنه لا بد أن يأتي اليوم الذي تكون لي القوة والسلطة التي تمكنني من الانتقام من كل من شعرت أنه يكرهني ويسيء معاملتي، ودائما أدعو الله عليهم بالشر، ثم أستغفره على النية السيئة التي لا أستطيع التخلص منها.

أيضا أشعر بالخوف عندما يكون لدي رغبة في الكلام مع من حولي أشعر بالخوف من التحدث خشية أن لا يهتم من أمامي، فأنا كثيرا أتعرض لهذا الموقف أنني أوجه الحديث لشخص لا يهتم بما أقوله، ولا يسمعني أصلا فبمجرد أن أبدأ الحديث يتحدث ويغير الموضوع ويقاطعني فهذا الأمر لا يغضبني فقط بل يجعلني أرغب في الانتقام من هذا الشخص، وانتقامي هو أن أهينه، وأقول له ما يضايقه ويغضبه مثل ما فعل معي، ولكني أيضا أشعر بالندم على هذا الشعور السيئ وأستغفر الله دائما على سوء النية.

ومشكلة أخرى أنني أعاني من أحلام يقظة، وخيال واسع، وأرسم عالما آخر يحيط بي، وشخصيات خيالية، أعيش معها أياما طويلة، ولا أستطيع العيش دون هذا الخيال، فأنا دائما أتخيل نفسي شخصا آخر غيري، وأعيش حياتي اليومية، وأعيش أدق التفاصيل وأنا أتخيل نفسي هذا الشخص، وعادة يتغير الشخص الذي أرسمه في خيالي، وأتقمصه إلى شخص آخر، ولكنه يشارك الشخص الأول في أشياء معينة مثل الحاجة الشديدة إلى حنان الأم والأب.

بالنسبة إلى حنان الأبوين الدائم الذي لا ينقطع هو الذي يجعلني أستمر في حياتي التي لا أجد لها قيمة أو فائدة على الرغم من أن أبي وأمي لا يعطياني القدر الذي أحتاجه من الحنان، وأيضا لا يقسوان عليّ، وعادة الشخص الذي أرسمه في خيالي وأعيش به حياة كاملة دائما يكون ذكرا شابا أو طفلا صغيرا لأني أرى نفسي أميل للذكور، وأفضل أن أكون ذكرا، وأكره أن أعيش كأنثى.

ربما لو وجدت عوامل تساعدني على تقبل نفسي كأنثى سوف أتعايش طبيعيا، ولكني أشعر وأنا وسط أهلي أنني لا يمكن أن أتخيل نفسي أنثى، وأكره كل من يعاملني كأنثى فأنا أريد أن أقول لهم أنا لست أنثى أنا متأكدة أني ولدت ذكرا، ولكني لا أجد دليلا على كلامي، فأنا جسديا أنثى مكتملة لا أعاني أي مشاكل في تحديد جنسي، فالمشكلة نفسية، ولا أستطيع أن أصارح أحدا بما يدور في خيالي وتفكيري فأنا أضع الحدود والحواجز الكثيرة على هذه الأشياء لدرجة أنه لا أحد يشعر أنها موجودة حتى أقرب الناس لي، وهذا جعلني أنفر ممن حولي كالأصدقاء، وأنعزل دائما عن الناس رغم أنني أخاف كثيرا من الوحدة.

أنا متأكدة أن هذه الأفكار ليست طبيعية فربما أني مريضة نفسية فأنا لا أعرف، وأرجو إفادتي!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وسام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.

رسالتك واضحة بذاتها، وأنا لا أرى أنك مريضة نفسياً؛ لأن المرض النفسي له اشتراطه ومعياره وأسسه التي يشخص من خلالها، لكنك تعانين من ظاهرة نفسية، هذا بالطبع أقل درجة من المرض الذي تعانين منه مرتبط بالشخيصة، وكذلك بالمرحلة العمرية التي تمرين بها، وهي مرحلة التغيرات النفسية والجسدية والفسيولوجية الهرمونية، وكثيرا ما تتقاذف الإنسان أفكار وأحلام اليقظة، وهذه الأفكار تكون مسترسلة ونمطية وفي بعض الأحيان تحمل الطابع الوسواسي كما هو في حالتك.

أنا لست منزعجا كثيراً فهذه المراحل هي مراحل عابرة في حياة الناس، كل المطلوب هو أن يصرف الانتباه عنها، وذلك من خلال أن تكوني إيجابية في تفكيرك، وأن تحسني معاملة الآخرين، وأن تكون لك صحبة من الفتيات الصالحات والطيبات حيث يتولد عندك الإحساس بالود والاحترام والإحسان والتعاون مع الآخرين، ويجب أن نركز دائماً أن النموذج الطيب في الحياة مطلوب، والإنسان يتعلم من خلال النماذج التي أمامه، ومن خلال ذلك يمكن أن يبنى فكرًا وسلوكاً جديداً ومخالفاً لما تطبع عليه الإنسان.

الأفكار التي تأتيك حول ميول الهوية الجنسية هي أفكار من وجهة نظري وسواسية أيضاً، ولا أعتقد أنه لديك مشكلة رئيسية في الهوية الجنسية، ولكن مثل هذا النوع من الفكر يجب أن تقفي ضده بحسم وعزم وجدية، وتقولي لنفسك هذا فكر سخيف سوف أقهره حتى لا تتطور الأمور أكثر من ذلك.

وعليك أن تكوني أكثر حرصاً لبعض التطبيقات العملية فيما يخص بما نسميه الجندرية الأنثوية، أي أن تعيشي حياة الإناث، وتعيشيها بشيء من الإسراف والتشدد خاصة فيما يخص اللبس طريقة الكلام، الأعمال، مثل الأعمال المنزلية واليدوية ونوعية الثقافة والاطلاعات هذا يساعدك في توجيه هويتك الجنسية بصورة أفضل، واعلمي أن هذا الأمر مذموم قبيح وهو أمر اضطراب الهوية الجنسية، وتصوري نفسك أنك تزوجت في المستقبل إن شاء الله برجل صالح ووجدت عنده كل الاحترام والتقدير والمودة، حولي فكرك الوسواسي هذا والقلقي إلى فكر إيجابي من خلال صرف الانتباه عن ما هو محبط ووسواسي، ابذلي جهدا أكثر في تنظيم الوقت وهذا يفيدك كثيراً، مارسي أي رياضة تناسب الفتاة المسلمة، وهنالك تمارين الاسترخاء التي نعتبرها شيئا أساسياً لتعديل السلوك خاصة في مثل حالتك، فأرجو أن تتدربي على هذه التمارين، وذلك من خلال تصفح أحد مواقع الإنترنت أو إذا سمحت لك الظروف لمقابلة أخصائية نفسية، فسوف تقوم بتدريبك على هذه التمارين.

فكري في المستقبل بإيجابية وجدية، الدراسة مهمة جداً، اقتناء العلم مطلوب، وعليك بالدين والصلاة في وقتها ومرافقة الصالحات والطيبات من الفتيات كما ذكرنا لك، بر الوالدين وهذا مهم جداً، ويساعد الإنسان أن يحس بالسعادة والرضى، وأرجو أن لا تصنفي الناس أخيارا وأشرارا، هذا التصنيف خاطئ، هذا التصنيف يجعلك في احتكاكات وتصادمات نفسية داخلية، أحسني الظن بالناس، ومن تخافين شره اسألي الله تعالى أن يصرفه عنك، وأن يحفظك من شروره.

بارك الله فيك وجزاك خيراً، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً