الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لماذا علاقتي مع أصدقائي أقوى منها مع أقاربي؟!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إخواني أصحاب موقع إسلام ويب، أحببت أن أشكركم على فتح الباب لي ولغيري بطرح كافة المشاكل التي تواجه المرء منا.

أنا بصراحة أعاني من مشكلة منذ فترة الطفولة تقريبا، وهي أنني كلما عرفت شخصا من خارج العائلة خصوصا صديقاتي في المراحل الدراسية أو حتى معلماتي تعلقت بهن وبشدة! أي أنني أبين لهن الاهتمام الدائم، وقد يكون مفرطا نوعا ما، مقابل أن يبادلوني نفس مقدار هذا الاهتمام، أي أنني أبحث كل فترة وأخرى عن شخص يكون محط اهتمامي، بشرط أن يكون خارج نطاق العائلة.

قد تخبرونني أن أعطي اهتمامي لأقاربي، حاولت في هذا الأمر ولكن الغريب الذي أندهش منه أنه لا تولد عواطف مع الأقارب، حتى إنني حاولت مجالستهم أكثر من مرة، وفي كل مرة لا أجد منهم سوى الانتقاد السيء لي؛ حيث أنهم يسببون لي الإحباط بانتقادهم الدائم، كما أنّ بعضا من أقاربي يجبرنني على فعل أمور لا أطيقها، والمشكلة أنها خاطئة، لا أدري ماذا أفعل؟ حاولت البحث عن شخص يكون محط اهتمامي الدائم ممن هم حولي، ولكن في كل مرة ألقى صعوبة في الأمر لعدة أسباب.

كما أنّ الأمر ازداد عليّ صعوبة أنني لم أعد أستطع مخالطة أناس من المجمتع نظراً لظروف محيطة بي مما سبب لي الضيق بين فترة وأخرى، مع العلم بأنني شخص يحافظ على أداء الفرائض في وقتها.

كما أنّ بعض الأقارب أتصل بهن بين الحين والآخر، ولكن هن لا يحرصن على الاتصال بي البتة أو حتى زيارتي؛ مما يزيد الأمر سوءاً.

ملاحظة أخيرة: أنا شخص من النوع الكتوم جدا، أي أنني عندما أشعر بالضيق لا أصارح من أعرفه.

في الختام الرجاء منكم إيجاد حل لمشكلتي هذه وبعد إذنكم الرجاء منكم إعطائي، بريد إلكتروني لدكتورة مسؤولة عن الأمور النفسية هذه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عفرا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فشكرا لك على سؤالك.
إن ما وصفت من عدم أو ضعف علاقاتك مع الأقرباء ليس بالغريب، فكثير من الناس يميل لشخص بعيد عنه، أو صديق خارج الأسرة أكثر من قربه النفسي والعاطفي من قريب أو أحد أفراد الأسرة.

ومن المعروف مثلا أن ثلثي الشباب والشابات يفضلون الجلوس والحديث مع أصدقائهم أكثر من الجلوس والحديث مع الأسرة وحتى الوالدين.

الكثير من أفراد الأسرة والأقرباء قد يعاملون الشخص وفقا لمعلوماتهم القديمة عنه، والتي تعود مثلا لمرحلة الطفولة، وقد يصعب عليهم أصلا تقبل أن هذا الإنسان قد نضج وتغيّر وتبدل، فنجدهم يتحدثون معه وكأنه ذلك الطفل الذي عرفوه من قبل، بينما الأصدقاء الجدد يتعرفون عليك وكما أنت عليه الآن، وليس بالضرورة كيف كنت قبل سنة سنتين أو عشر سنوات.

مع الأصدقاء أو "الغرباء" أو غير الأقرباء يمكننا أن نجرب ونبدع ونطور ونبتكر ونحلم، ومهما كانت هذه الأحلام "جنونية"، نفعل كل هذا، ولا نخشى الانتقاد والتوبيخ.

لا يعني هذا طبعا أن لا نصل الأرحام، ونتواصل مع الأسرة والأقرباء، ولا أظنك تحتاجين مني أن أذكرك فضل صلة الرحم، والتواصل مع الأسرة والأقرباء، فأنت محافظة على صلاتك وعباداتك، فالتواصل مع الأرحام مهم، وقد أخبرنا الرسول الكريم عن فضل من وصل رحمه وإن هم قاطعوه ولم يتواصلوا معه.

كل هذا لا يخالف أن يرتاح الإنسان نفسيا وعاطفيا لمن هو ليس من الأسرة أو الأقرباء، ولا حرج أبدا مما ورد في سؤالك في ارتياحك للصديقات من خارج الأسرة.

يبقى موضوع درجة التعلق، وأي حدّ تصل، وقد ورد في سؤالك ما يشير لمعرفتك الجيدة بالتعلق والعلاقة الطبيعية، وتفريقها عن العلاقة "المفرطة" التي ذكرت في السؤال، فخير الأمور أوسطها، والاعتدال في مثل هذه العلاقات والصلات أمر مطلوب ومحبّذ.

وفقك الله ويسّر لك الخير والنجاح، مع الأسرة وخارجها.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً