الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فسخت خطوبة ابن عمي مع أنه ملتزم وخلوق، فهل أرجع الخطوبة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشكركم كثيراً على هذا الموقع الرائع والمتألق ولثقتي بكم وبالمستشارين العاملين في هذا الموقع قررت أن أستشيركم في مشكلتي التي حيرتني كثيراً، وأفكر فيها ليلا نهارا ولا أعلم كيف أحلها، وأتمنى أن تسرعوا في إجابتي لأتخذ القرار الصائب قبل أن يفوت الأوان شاكرة لكم حسن تعاونكم.

أنا فتاة أبلغ من العمر 23 سنة، تخرجت من الجامعة، وأنتمي إلى أسرة غنية ولله الحمد.

قبل أربع سنوات تقدم لخطبتي ابن عمي الذي يكبرني بسنة، ووافقت وتمت خطبتنا لأربع سنوات، كنت أتواصل معه خلال فترات متقطعة عبر الماسنجر أو رسائل التليفون، وكنا كثيراً ما نتشاجر ونختلف.

بدأت مشاكلنا حين أخبرني بأنه لا يريدني أن أواصل دراستي، أو أن أعمل بعد الزواج، وهو ما ينافي طموحي حيث أني أطمح لمواصلة تعليمي والعمل.

مع العلم أنه في مجتمعي يندر عمل المرأة حيث أن الغالبية العظمى من رجال أقاربي، وسكان مدينتي لا يسمحون لزوجاتهم بالعمل أو مواصلة الدراسة بعد الزواج.

واختلفنا أيضاً في أمر لبسي النقاب حيث كان يريدني أن أتنقب، ولكني رفضت وبعد سنة تقريباً من خطوبتنا ارتديته بعد أن أقنعني.

وبعد سنة ونصف تقريباً من خطوبتنا تعرفت على شاب غيره، وكنت أحادثه عبر الإنترنت والهاتف فجنّ جنونه حين علم بذلك فقطعت علاقتي بذلك الشاب، وأمرني بترك دراستي والعودة إلى بلدي حيث أني كنت مغتربة للدراسة، ولكني رفضت وسامحني إلا أنه أستمر في تذكيري بالقصة، ولومي عليها طيلة فترة خطوبتنا - مع العلم قبل خطوبتنا كنت أتحدث إلى شباب عبر الانترنت، وكان هو يعلم بذلك ويخاف أن أتعرف على شاب غيره أثناء فترة خطوبتنا، وحصل ما كان يخاف منه.

وأثناء فترة خطوبتنا حصلت لي مشاكل مع والده -الذي هو عمي- وكذلك مع أخته، فأصبحت هناك حساسية بيني وبين أهله، مشكلتي مع عمي أنه في عدة مواقف غضب مني، ورفع صوته علي لسبب سوء فهمه، وسوء ظنه بي، مع العلم عمي هذا فضله علي كبير فهو الذي سجّلني في الجامعة، وتولى إجراءات سفري وإقامتي في الأمارات للدراسة حيث أني انتقلت للدراسة في الأمارات بينما كان خطيبي يدرس في ماليزيا، حيث أن عمي عصبي جداً وانطوائي ويسيء الظن بمن حوله، ودائماً كان يذكرني والدي بأن عمي فضله علي كبير، وأني يجب إلا أنزعج من غضبه، وحين أطلب من والدي الدفاع عني عندما يظلمني عمي كان يرفض وقد سبب لي هذا الموضوع مشكلة مع والدي.

وقد أخبرني خطيبي إحدى المرات بأنه كان ينوي السماح لي بالدراسة والعمل – وهذا ينافي ما أخبرني به من قبل- ولكن بعد علاقتي بذلك الشاب قرر أن لا يسمح لي بالدراسة والعمل.

وقبل سنة كنا متخاصمين وقررت الابتعاد عنه، وفسخ الخطوبة وقطعته فترة، ثم عاد، وأخبرني بأنه مستعد لتنفيذ كل ما أريد، وأنه لا يريد أن يفسخ خطوبتنا، وأنه لا يستطيع العيش بدوني فتراجعت عن قراري، واستمرت الأمور هادئة لفترة، وبعدها في أحد الأيام أخبرته بأني أتمشى مع صديقتي في الخارج، وذهبنا لعدة أماكن فغضب وتشاجرنا مرة أخرى، فأصريت عليه أن يفسخ الخطوبة، حاول بعدها أن يراضيني بطرق غير مباشرة، ولكني لم أرض، وطلب مني أن لا نفسخ الخطوبة، ولكني رفضت وشكّ في أنني على علاقة بشخص معين من أقاربنا، وأعتقد أنه أخبر أهله بذلك حيث قام والده بطرد ذلك الشاب من عمله حيث كان يعمل في شركته، وفي النهاية فسخ الخطوبة، وأخبَرَت أمه أمي بأنه أخبرها بأني طلبت منه فسخ الخطوبة لأني أحب شابا غيره وهو الشاب الذي تعرفت عليه خلال فترة خطوبتنا.

الآن خطوبتنا مفسوخة، ولكن لازال هناك مجال لإعادتها، وإن رجعنا فسيتم الزواج سريعاً حيث أن تأخير زواجنا كان بسبب دراستنا أما الآن فقد أنهينا دراستنا.

وعلى الرغم من المشاكل إلا أني لازلت محتارة إذا كان فسخ الخطوبة هو القرار الصائب أو لا، حيث أنه ينتمي إلى نفس القبيلة التي أنتمي إليها وأهلي لا يقبلون تزويجي إلا ممن هو من قبيلتي أو قبيلة من نفس المكانة الاجتماعية لقبيلتي، وقليلون هم الذين لهم نفس المكانة الاجتماعية لقبيلتنا في منطقتي إلا إذا تزوجت أحد أقاربي وهم يعيشون في غير منطقتي.

مع العلم أقاربي الشباب غالبيتهم غير متعلمين، وأنا لا أريد الارتباط بشاب غير متعلم، كما أنا خطيبي غني، وأنا عشت في أسرة غنية، ويصعب علي الزواج بشاب غير غني، وشباب منطقتي وأقاربي أغلبيتهم أوضاعهم المادية متدنية أو متوسطة، وهو أيضا ملتزم وملتحي، والملتزمون من أقاربي قليلون، بالإضافة إلا أن شكله جميل ومقبول.

وكل من حولي أخبروني أن قرار فسخ الخطوبة خاطئ، فأمي وأبي لم يسعدوا أبدا بل حزنوا لهذا القرار، وصديقاتي وقريباتي معظمهم نصحوني بعدم فسخها، إلا صديقاتي في الجامعة فقد نصحنني بفسخها فهن يرين أني يجب أن أتزوج من شاب طموح ويشجعني.

وهناك بعض الصفات التي أرتقي بها عنه، وهي أني متفوقة دراسياً، وهو غير متفوق، وكثيراً ما يرسب في المواد، إلا أنه قد واصل وتخرج من الجامعة بشهادة دبلوم، ويعمل الآن في مصنع والده ومنتظم ونشيط في عمله، وأنا أحمل شهادة بكالوريوس، وعلى الرغم من أنه ملتزم إلا أني أحفظ من القران أكثر منه بكثير ، وأنا اجتماعية ولدي علاقات واسعة أكثر منه، وهو غير اجتماعي إلا أن الكثير ممن يتعاملون معه يمدحون فيه طيبة قلبه وحسن أخلاقه، كما أني أحب المشاركة في الأنشطة والأعمال التطوعية، وتنمية مهاراتي وقراءة الكتب، وهو لا يحب كل ذلك فشخصيته هادئة، ولا يحب الاختلاط كثيراً بالناس، ولا يرضى أن أنشر اسمي في الانترنت حتى في الساحات العلمية.

وإذا تزوجته فسأسكن معه في نفس المنطقة التي أسكن فيها الآن مع أهلي، وأنا لا أريد العيش بقية عمري فيها.

أما هو فلا مجال له فأهله لن يقبلوا انتقاله للعيش في مكان آخر، لأنه يعمل عند والده، ووالده لديه استثمارات في منطقتنا.

وهناك بعض المشاكل بين والدي ووالده ظهرت هذه الأشهر، ولا أعلم أن كانت ستستمر كثيراً أم أنها ستهدأ؟

وقد تؤثر على علاقتي به وبأهله كثيراً إذا تزوجته.

أعتذر كثيراً عن الإطالة، وأشكر لك كثيراً حسن تعاونكم، وسأكون في انتظار الرد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريح العبير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك ابنتنا الكريمة في موقعك استشارات إسلام ويب. نسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان.

نصيحتنا لك -أيتها البنت العزيزة- أن تحرصي على الزواج من ابن عمك، فإنه الشخص المناسب فيما ذكرت من صفات لك ولأسرتك، وما ذكرت من خلافات بينك وبينه ليس فيها ما يدعو إلى فسخ الخطبة والإعراض عنه، وما يدعوك إليه من بعض الطلبات التي طلبها منك ربما يكون فيه الخير لك، وهي بلا شك كذلك، فإن علاقة المرأة بالرجال الأجانب من حبائل الشيطان الشديدة التي يدعو من خلالها الإنسان للوقوع فيما يجلب له سخط الله تعالى عليه، وقد حذرنا الله تعالى في كتابه الكريم من اتباع خطوات الشيطان، فما يطلبه منك فيه تحقيق لرضى الله تعالى عليك وتجنيبٌا لك من الوقوع في مصيدة الشيطان، وحفظٌا لنفسك ولسمعتك ولدينك ولأهلك، فلا ينبغي أبدًا أن يكون سببًا باعثًا لك على الابتعاد عن هذا الشخص.

نصيحتنا لك أيتها الكريمة أن تعملي جاهدة فيما يقربك من الله تعالى بالتزام حدوده وأداء فرائضه واجتناب ما حرمه عليك، وكوني على ثقة بأن هذا هو باب سعادتك الحقيقية، وأنك لن تجني سعادة ولن تعيشي حياة هانئة يتبعها بعد ذلك السعادة الباقية والآجلة في الدار الآخرة إلا في ظلال طاعة الله تعالى والحرص على مراضيه.

فنحن نظن بأن زوجك بما ذكرت من صفات خير معين لك على تحقيق هذه المقاصد بإذن الله تعالى، وكل ما ذكرته من رغبتك في الانتقال عن هذه البلدة أو من تفوقك عليه في بعض جوانب الدراسة أو غير ذلك، كل ذلك لا نراه مبررًا كافيًا للإعراض عن الزواج به، فنوصيك باستخارة الله تعالى ودعائه سبحانه وتعالى أن يقدر لك الخير حيث كان.

كما نؤكد وصيتنا لك بالحرص على ما يُرضي الله عز وجل عنك، والإعراض عن مشورة من يشير عليك بما لا يفيدك في دينك ودنياك، فكثير من الزميلات اللاتي يُشرْنَ عليك إنما يُشِرْنَ عليك بما تريد الواحدة منك تحقيقه بعيدًا عن الميزان الشرعي الذي يجب عليك أن تزنِ الأمور من خلاله، فليس كل الطموح الذي تطمحين فيه ينبغي أن تفعليه حتى تزنِيه بميزان الله تعالى، وتنظري أين هذا الأمر من رضى الله تعالى أو غضبه عليك، فإذا كان في شيء مباح وكان لا يعطل حياتك الزوجية ولا يحول بينك وبين تحقيق الوظيفة الأساسية التي ينبغي أن تشتغلي بها من تكوين الأسرة المسلمة وتحصيل الذرية الطيبة، فإنه ينبغي لك أن تنظري فيه جيدًا.

نحن نأمل أيتها الأخت الكريمة بأن تراجعي حساباتك السابقة، وأن تعرفي بأن التقصير في الإعراض عن خطبة ابن عمك كان قرارًا غير موفق، ونسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً