الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الطرق العلاجية لمقاومة الخوف والهلع قبل ركوب الطائرة

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم

جزاكم الله خيرا على ردكم الأسبوع الماضي، لا أملك لكم غير الدعاء.

بدأت بدواء (السبرالكس) بسبب اكتئاب واضطراب قلق عام - ثم بعد ذلك تركته وتوكلت على الله فخف الحزن وذهب الاكتئاب - بعد ذلك عادت إلي أعراض القلق والحزن وما ذلك إلا بسبب البعد عن الله وبسبب ظروف العمل ولله الحمد، بعد ذلك نصحتموني بعقار (بروزاك) بسبب أنني أفكر بالموت في بعض الأحيان، وفي الرزق والمستقبل خصوصا أنني خطبت، وسأعقد خلال شهر بإذن الله عز وجل، ولكن عدت للبكاء كل يومين صباحا وخصوصا أثناء ذهابي للعمل صباحا، وذلك بسبب أن الشركة سوف تغلق أبوابها بعد ستة أشهر - المهم الآن أحس أنني تحسنت نوعا ما بعد الإكثار من الأذكار، وقيام الليل في كل 3 ليال وأيضا بالمحافظة على الصلوات الخمس في وقتها مع الجماعة.

بقي لدي الآن مشكلة مصاحبة لي منذ 7 سنوات تقريبا حيث إنني أخاف من ركوب الطائرات بالإضافة إلى الزحام الشديد خصوصا أثناء العمرة والحج في الطواف والجمرات، أحس بأنني سأموت وترجف أطرافي، وأحس بتعرق، وضيق نفس، ورعب كبير خصوصا عند انخفاض الطائرة وارتفاعها بسبب الموجات الهوائية، وأيضا عند إقلاعها وهبوطها - وأحس بدوران، وأقوم بشد ملابس والقبض بيدي والضغط بقدمي على أرضية الطائرة بشكل قوي جدا.

لا أدري ما سبب هذا لقد تعرضت قبل ذلك لموقف أثناء حج عام 2006 قبل توسعة الجمرات وهو التدافع وموت 400 شخص وكنت أنا قبلهم ولطف بي الله حيث كنت بالزحام لدرجة أن قدماي ارتفعت عن الأرض، وكنا ومن حولي نوحد الله و نذكره كثيرا وأيقنا بالموت وبلغت القلوب الحناجر وأصبح الناس تقول نفسي نفسي -وقد ذكر ذلك الشيخ آل ياسين في محاضرة من محاضراته- حيث كان هو هناك ومعه شخص ملتزم تعلق به من شدة الخوف أيضا.

أرجوكم ساعدوني، وأرسلوا لي نصيحة وحل لوضعي -فإنني متوكل على الله عز وجل- بعد أيام قليلة للسفر إلى وطني إرتريا، والتي تبعد فقط بالطائرة مدة من 50 دقيقة إلى ساعة ونصف تقريبا.

أكون لكم من الشاكرين والممتنين لو رددتم علي في خلال 3 أيام أو أقل.

جزاكم الله خيرا و رفع بقدركم في الدنيا والآخرة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سمير حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأسأل الله لك العافية والشفاء وأقول أن حالتك بسيطة جدًّا، ولا تؤنب نفسك ولا تحس بالذنب حول ما أصابك، فهذه الحالات هي ابتلاءات، وابتلاءات بسيطة جدًّا -إن شاء الله تعالى-.

فمن الواضح أنك عرضة للمخاوف النفسية، والمخاوف النفسية ليست دليلاً أبدًا على ضعف الإيمان أو على اهتزاز الشخصية، هي خبرات وتجارب مكتسبة غالبًا تكون في مرحلة الطفولة، وقد تظل مع الإنسان إلى حين، ثم بعد ذلك تختفي.

المخاوف التي انتابتك عند الزحام وفي العمرة والحج، فهذه لحظات إيمانية قوية ولكن النفس البشرية قد تضعف، وقد يسيطر الفكر السلبي والتشاؤم على الإنسان، ومن ثم تأتيه المخاوف وتكون مرعبة بعض الشيء.

الخوف من الطائرات هو أمر شائع، لكن هنالك علاج وعلاج ممتاز هذا الأمر، وهو الحرص على دعاء الركوب ودعاء السفر. الإنسان حين يقوله بتمعن وتدبر -إن شاء الله تعالى- تحفه طمأنينة كبيرة، أقول لك هذا عن تجربة، وحين تأتي هذه المنخفضات والمرتفعات أيضًا الإنسان يتذكر أنه في حفظ الله وفي كنف الله تعالى، وحين يرتفع يقول (الله أكبر) ويحين نخفض يقول (سبحان الله) وهذا موجود في السنة المطهرة

كان لدينا أحد الطيّارين السودانيين، رجل نحسبه على تقوى وعلى دين، وهو من أوائل الطيّارين السودانيين، أذكر أنني قد سافرت معه إلى بريطانيا عام 81، ومن الأشياء التي طمأنتني كثيرًا في تلك الرحلة أنه بعد أن قرأ دعاء السفر، وكانت الطائرة على وشك الإقلاع بعد أن وصلت إلى نهاية المهبط وارتفعت قليلاً ما أجمل وما أروع حين ذكر الطيّار (بسم الله مجراها ومرساها) كانت حقيقة لفتة عظيمة، ومن ذلك اليوم تعلمتُ أن تذكر مثل هذه الكلمات الطيبة يبعث في الإنسان طمأنينة كبيرة.

فيا أخي الكريم: احرص على مثل هذه الأشياء، وتأكد تمامًا أنك في حفظ الله وفي رعايته وفي كنفه، وتذكر قول الله تعالى:{ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا منقلبون}.

والخوف من الطائرات حقيقة يعالج من خلال التأمل والتدبر أيضًا، هذه الطائرات نعمة من نعم الله تعالى، ولا شك أن حوادثها أقل كثيرًا من حوادث السيارات، والحمد لله تعالى العلم يسير في تقدم كبير.

فلا تنزعج أبدًا، استمر على العلاج، انتظم عليه، وأنا أفضل أن ترفع جرعة البروزاك إلى كبسولتين في اليوم، هذا سوف يكون أفيد وأفضل بالنسبة لك، استمر على هذه الجرعة لمدة ثلاثة أشهر، بعد ذلك خفضها إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر على الأقل، هذا سوف يكون علاجًا جيدًا ومتوازيًا جدًّا.

هناك دواء إسعافي بالنسبة للسفر: العلاج عن طريق دواء يعرف باسم (إندرال) وهذا دواء بسيط جدًّا ومتوفر في جميع الصيدليات ولا يتطلب أي وصفة طبية، يمكنك أن تتناول من هذا الدواء عشرين مليجرامًا في الليلة التي تسبق السفر، وتناول عشرين مليجرام أخرى ساعتين قبل إقلاع الطائرة، هذا إن شاء الله تعالى يساعدك كثيرًا في التحكم في الخوف وسوف يختفي تمامًا، وذلك بجانب الحرص على الدعاء والتوكل على الله تعالى.

إن شاء الله تصل إلى بلدك بالسلامة، وبالأمان، ونسأل الله تعالى أن يتم لك الزواج وأن تلتقي مع زوجتك على الخير والبركة، وبالنسبة للعمل فأنت الحمد لله تعالى من الواضح أنك تعرف أن هذه الأرزاق مكفولة من عند الله تعالى، والإنسان ما عليه إلا أن يسعى، وحتى إن أغلقت هذه الشركة فقد يفتح الله لك بابًا آخر، فخزائن الله مفتوحة وملأَ، وأنت ما دمت مُقدم على الزواج فقد وعد الله أهله بسعة الرزق، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (ثلاث حق على الله عونهم) وذكر منهم (الناكح يريد العفاف) وهو مفتاح من مفاتيح الرزق.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً