الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أتمنى أن أتجاوز الخوف وأصبح مثل باقي زملائي ساعدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أقدم جزيل الشكر لكم على هذا الموقع جعله الله في ميزان حسناتكم، وأخص بالذكر الدكتور محمد عبدالعليم الذي طالما شاهدت له مواقف وردود جميلة مع المرضى، وأسأل الله أن يجعل على يده الشفاء لي ولجميع المسلمين ويزيده الله من علمه.

أولا يا دكتور: أنا عانيت من وساوس ومخاوف منذ دخول الكلية، ولم أكن أعرف ما هي أو لأي شيء تتبع، فكنت أذهب لأطباء المعدة والقلب، بعد سنتين وعن طريق تثقفي من خلال الإنترنت عرفت أن هذه الأعراض نفسية.

ذهبت إلى طبيب نفسي فأعطاني سيروكسات وافكسور 75، واسمتريت معه حوالي سنة، تحسنت حالتي 70%، ثم بدأت الانتكاسة وتركت السيروكسات وبقيت على افكسور، لم أستطع تركه لأنه يسبب لي أشياء مثل الكهرباء والكوابيس، وإلى الآن استخدم الافكسور منذ خمس سنوات.

ذهبت إلى طبيب آخر ووصف لي لسترال حبة يوميا مع الاستمرار على الافكسور، وقال لي: خفف من الافكسور ولكن بدون خطة أو أي شيء، ولم أستطع، فأنا الآن كل يومين أستخدم حبة افكسور 75، وأما بالنسبة للسترال أشعرني بالصداع، وزادت الوساوس معه فقررت تركه، وشربته لمدة شهر ونصف بدون فائدة، فقط بزيادة الوساوس والبرودة والصداع.

أنا الآن يا دكتور أنظر إلى زملائي أين وصلوا بأحلامهم، لا أحسدهم ولكن أريد أن أصبح مثلهم بهدف ووظيفة وزواج، وكل هذه الأمور أخاف منها، حتى إن قال لي شخص وجهك أصفر لماذا؟ اكتئب وأخاف، وأحيانا أشعر وكأني لست مع الآخرين، ولا أشعر إلا بمشاعر الخوف، حتى الحزن لا أشعر به، والآن حصلت على وظيفة براتب مميز، وهي خارج مدينتي، لم أذهب، ولامني أهلي وأمي خصوصا، وهذا الشيء أتعبني كثيرا لأني لا أريد أن أغضب أمي.

أرجو مساعدتي في العلاج، وهل من طريقة أتخلص فيها من الافكسور أو استمر عليه؟ ولك جزيل الشكر يا والدي العزيز.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته/ وبعد،،،

فأتفق معك أن الإفكسر كثيرًا ما يصعب على الناس التخلص منه، لأنه يصيب البعض بأعراض انسحابية واضحة أهمها الشعور بالدوخة، وكذلك الكوابيس والإحساس بنوع من الصعق الكهربائي كما ذكرت وتفضلت في رسالتك.

هذه الأعراض إذا صبر عليها الإنسان غالبًا ما تختفي خلال أسبوعين من بداية التوقف عن الدواء، والجرعة التي تتناولها أنت ليست كبيرة، 75 مليجرامًا، تعتبر من الجرعات الصغيرة، لكن هناك تفاوت في درجة تطور الأعراض الانسحابية على الناس، ويظهر أنك حساس بعض الشيء، لذا تظهر عندك الأعراض بصورة واضحة وجلية ومقلقة لك.

هنالك عدة سبل وعدة طرق للعلاج:

أولاً: أنا أريدك أن تكون أكثر ثقة في نفسك، وأن تتغاضى عن السلبيات في حياتك، وتتذكر دائمًا الإيجابيات وتحاول أن تدعمها وتقويها.

ثانيا: كن حريصًا ودقيقًا ومفلحًا في إدارة وقتك؛ لأن إدارة الوقت بصورة صحيحة هي الوسيلة النافعة والناجعة والناجحة لإدارة الحياة ذاتها، فالوساوس والمخاوف كلها يمكن التخلص منها من خلال تحقيرها والعمل بما هو مخالف لها.

أنت الآن تحصلت على وظيفة ممتازة، فهذا -إن شاء الله- فيه خير كثير لك، ومن وجهة نظري يجب أن تذهب، وهذا فيه نوع من التأهيل أيضًا بالنسبة لك لتعالج حالات القلق التي تنتابك.

أرجع مرة أخرى للأدوية وأقول لك أن البروزاك ربما يكون الأفضل بالنسبة لحالتك، والبروزاك متميز جدًّا في علاج الوساوس، واتضح الآن أيضًا أنه بجرعة 40 إلى 60 مليجرامًا في اليوم يعالج المخاوف أيضًا.

فالذي أقترحه هو أن تبدأ في تناول البروزاك بجرعة كبسولة واحدة في اليوم، وتستمر على الإفكسر في نفس الوقت، وبعد أسبوعين ترفع جرعة البروزاك إلى كبسولتين في اليوم – أي 40 مليجرامًا – يمكن أن تتناولها كجرعة واحدة في اليوم، ومن الأفضل دائمًا أن تتناول البروزاك بعد الأكل، بعد أن تستمر على هذه الجرعة لمدة أسبوعين هنا خفض جرعة الإفكسر واجعلها كبسولة يومًا بعد يوم لمدة عشرة أيام، ثم كبسولة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء.

في بعض الدول يوجد الإفكسر بحجم سبعة وثلاثين ونصف مليجراما، إذا وجد هذا سوف يكون أفضل، وهو بعد أن تنقضي مدة الأسبوعين على جرعة أربعين مليجرامًا من البروزاك، اجعل الإفكسر سبعة وثلاثين ونصف مليجراما يوميًا لمدة أسبوعين، ثم سبعة وثلاثين ونصف مليجراما يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء، وهذه كلها طرق جيدة ومفيدة جدًّا حتى لا تحدث لك أي أعراض انسحابية.

بعض الناس ننصحهم أيضًا بتناول عقار أتراكس، والذي يعرف باسم (هايدروكستين)، جرعته هي عشرة مليجرامات ليلاً لمدة أسبوعين، وذلك عند التوقف من جرعة الإفكسر.

كما أن ممارسة الرياضة تعتبر مفيدة جدًّا لتخطي الشعور بهذه الآثار السلبية الانسحابية، ولا شك أن التحضير الذهني والمعرفي، بمعنى أن الإنسان يعرف أن هذه الآثار الجانبية الانسحابية هي عابرة وتذكر أن الجرعة التي يتناولها صغيرة، فأنا أعرف من يتناول الإفكسر بجرعة ثلاثمائة مليجراما في اليوم.

العزيمة والإصرار على تخطي مثل هذه المصاعب البسيطة -إن شاء الله تعالى- فيها فائدة علاجية كبيرة بالنسبة لك، جرعة البروزاك وهي 40 مليجرامًا في اليوم يجب أن تستمر عليها لمدة ستة أشهر على الأقل، وهذه ليست مدة طويلة، ثم بعد ذلك يمكن أن تجعلها كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر أخرى، ثم كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

كن حريصًا على تغيير نمط حياتك كما نصحتك، وكن إيجابيًا ومتفائلاً، وعش دائمًا على الأمل والرجاء، وأسأل الله تعالى أن يوفقك وأن يسدد خطاك وأن يشفيك وأن يعافيك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً