الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمي لا تريدني أن أنجب بسبب عدم إنجاب أختي الصغيرة .. فكيف أقنعها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا أم لثلاثة أبناء -حفظهم الله- وقد رزقني الله بطفل رابع منذ شهرين، وعاش لمدة عشر أيام، ثم توفاه الله، والحمد لله على كل شيء، المشكلة أنني كنت قد اكتفيت قبله بما لديّ من أولاد، وحمدت الله عليهم، أما الآن فبعد وفاته نفسي تتوق لإنجاب طفل آخر، فمازلت أتألم داخليا.

المشكلة في أمي أنها أم طيبة، ولكن هناك شيء يضايقني فيها, وهو إحساسي الدائم بعدم رضاها لإنجابي، فقد صارحتني أمس أنها لا تريدني أن أنجب مرة أخرى.

أنا أشعر دائما أنها لا تفرح عندما أنجب؛ فدائما أنجب في وقت غير مناسب من وجهة نظرها.

علماً بأن لي أختا أصغر مني هي المفضلة عندها، وعند أبي وقد تظن أني أكره أختي, وأنا أحبها كثيرا؛ لأنها أخت طيبة، ولكن شاء الله أن يعاني زوجها من مشاكل في الإنجاب, وقد رزقت بولد هو قرة عيننا جميعا، وكنت قد أجلت حملي الثالث احتراما لما تمر به أختي.

بعد أن من الله عليها حملت، ولم تسعد أمي, وجاء الحمل الأخير دون ترتيب مني، وكنت رافضة له فأخبرت أمي، وقد صدمت، وقتها وألمحت لي أنها تعرف الله, ولا تريد أن تشترك في موافقتي على إنزاله، ولكن افعلي ما شئت.

قالت لي: أنت حامل -سبحان الله- أعطيه لأختك, كل هذا وأنا أخبرها بحملي الرابع الذي لم أكن أريده، ولكن شاء السميع العليم اكتمال الحمل، وخلال فترة الحمل كانت أمي لا تخفي عدم سعادتها، وتتهمني أني حملت بإرادتي, وأدافع عن نفسي، وكأنها جريمة.

كما آلمني ردة فعلها حينما كانت ترى أشياء الطفل الجديدة، وحزنها قبل الولادة بأيام، وكلماتها التي تنم عن عدم احتمالها لي في بيتها بعد الولادة، وطلبت مني أن أعطي أشياء طفلي لابنة خالتي التي ستلد خلال أيام، ولم تلتفت لإحساسي وطلبت مني صراحة عدم الإنجاب مرة أخرى.

أنا أريد أن أنجب، ولكن أمي تغير لصالح أختي، فدائما أمي ترى أني أخذت حظي من الدنيا, وعندما كنا صغارا كانت تقول أنت أجمل من أختك، وكانت تحابيها، أما الآن فهي ترى أن أختي مظلومة لعدم قدرة زوجها على الإنجاب ... ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ omraghda حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

مرحبا بك -ابنتا العزيزة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يرزقك وأختك الذرية الطيبة.

لا شك -أيتها الكريمة- أن حرصك على الإنجاب أمر مرغوب فيه طبعا، وهو مرغب فيه شرعا؛ فإن الذرية الطيبة من خير ما يكتسبه الإنسان في هذه الحياة، ولذا نصيحتنا لك بأن تستمري فيما أنت فيه، من الأخذ بأسباب الإنجاب، ودعاء الله تعالى أن يرزقك الذرية الطيبة، وفي الوقت ذاته ندعوك إلى الإحسان إلى والدتك بقدر الاستطاعة، ومحاولة نزع هذه الغيرة من قلبها، فإنها ربما تأخذها الرأفة والرحمة لابنتها الأخرى، وتريد لها مثل ما تراك أنت تتمتعين به، ولكن هذه الأمور بيد الله تعالى, ولا قدرة لك أنت على خلاف ذلك.

نصيحتنا لك -أيتها الكريمة- أن تتبعي هذين الأسلوبين الآتيين لمحاولة القضاء على هذا الشعور الذي تعيشه والدتك، وأول هذه التدابير أن تكوني دائما على تذكير أمك بأهمية الأبناء للإنسان لا سيما بعد وفاته، وأن أبناءك هم أبناؤها أيضا، وهم أبناء لأختك، ونفعهم سيعود بالخير العميم عليهم جميعا؛ فإن الخالة بمنزلة الأم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، والجدة كذلك، ومن ثم فبركة هؤلاء الأبناء -إن شاء الله تعالى- ستعود على الجميع، وربما دعوا بدعوة صالحة بعد موت إحداكن، سواء كنت أنت, أو أمك, أو أختك, دعوة صالحة من واحد من هؤلاء ربما يكتب الله السعادة للواحدة منكن.

ينبغي أن تكثري من التلطف بأمك، وتذكيرها بهذه المعاني، وهذا بلا شك سيغرس في قلبها الرغبة في تحصيل الذرية لك، وكذلك ينبغي أن تطرحي هذه المعاني على أختك، وتذكريها بأن الله عز وجل رحيم، وأنه سبحانه قد يؤخر عن العبد الشيء الذي يحبه لحكمة يعلمها، وأنه أرحم بها من نفسها، وأعلم بمصالحها، ومن ثم فإن ما يقدره الله سبحانه وتعالى هو الخير, وهو الرحمة والحكمة، مع نصحها بالأخذ بالأسباب التي قد تؤدي إلى أن يرزقها الله سبحانه الذرية، فمن ذلك كثرة الاستغفار كما أرشد الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم، والأخذ بالتداوي إذا كانت المسألة تحتاج إلى دواء.

الوصية الثانية: هي أن تحاولي دائما البر بأمك, والإحسان إليها، وإحساسها بأن أبناءك هم أبناؤها، والإحسان إلى أختك؛ فإن الإحسان ينزع ما في النفوس، مما قد يوجد فيها من الغل وغيره، وتذكير الوالدة بالإكثار من الدعاء لأختك بأن يرزقها الله تعالى الذرية الطيبة، وأن هذا هو الأسلوب الأمثل الذي أرشد إليه سبحانه في كتابه: (واسألوا الله من فضله).

ذكري أمك بلطف، ورفق, ورحمة، أن تكثر من الدعاء لأختك بأن يرزقها الله الذرية الصالحة الطيبة، مع إحسان الظن بالله تعالى، وأنه إذا أراد شيئا فإنما يقول الله كن فيكون.

نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يرزقك وأختك الذرية الصالحة الطيبة, ويديم طاعتكما لوالديكما، وأن يأخذ بأيدكما إلى كل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً