الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعلقت بفتاة وأريدها زوجة لي في المستقبل، ماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قبل كل شيء يشهد الله أنَّ ما سأذكره ليس تفاخرًا وليس تكبرًا وليس رياءً، وأبرئ نفسي أمامكم وأمام ربي من هذا الفعل، وإنما ذكرته لتكون لديكم صورة واضحة شاملة على الموضوع.

أنا شاب في الـ19 من عمري، تعلق قلبي بفتاة تصغرني بسنتين فأحببتها، وكان حبي لها صادقًا بريئًا ناويًا به الستر والزواج، ولكني اكتشفت أن الفتاة -بحكم صغر سنها وضعف إيمانها- متهاونة في أشياء كثيرة كالصلاة, وبعض الأشياء الأخرى، وبحمد الله وعونه فقد قدَّر الله وقواني الله على أن أقنعها بالمحافظة على الصلاة، وترك أشياء لا ترضي الله كانت تفعلها كمحادثة شباب على الإنترنت، وأشياء أخرى كانت بداية لطريق لا يرضاه الله، وما إلى ذلك، وبحمد الله تبدلت هذه الأشياء إلى أشياء ترضي الله، بفضل من الله ورضوان.

المهم -يا إخوتي- أنا أعلم أن علاقتي بها محرمة، وفي نفس الوقت أنا أريد لها الستر والعفة، لأني عاقد على أن أتزوجها بعون الله تعالى, وأنا على يقين أنني لو تركتها في هذا الوقت فسترجع تدريجيًا إلى ما كانت عليه؛ لأنه لم يمضِ زمن منذ بداية التغيير الذي طرأ عليها.

ما الحل يا إخوتي؟ أنا كنت عاقد العزم على أنني فور أن أتأكد من أنها تستطيع أن تكمل بنفسها, ولا ترجع إلى ما كانت عليه، أني سأفهمها الموضوع, وأقول لها: إن علاقتنا محرمة، ويجب أن نترك كلامنا هذا إلى أن تكون بيننا كلمة رسمية ترضي الله، وأنني سأخطبها بإذن الله تعالى في السنوات القادمة، ولن أنظر لغيرها.

يا إخوتي: أرجو إعطائي دليلا, ما الشيء الذي يمكن أن يضمنها لي؟ ولا ضامن غير المولى عز وجل، لكن بحكم صغر سني وسنها، وقربنا من بعض، فأنا لا أريد أن أفكر في زوجة غيرها، وأيضا خائف من أن يتقدم لخطبتها أحد أكبر مني، وأقدر مني على زواجها في السنين القادمة، وأهلها يوافقون عليه، وأنا أريدها بشدة أن تكون معي باقي حياتي، وفي نفس الوقت أنتم أدرى مني بمشاكل ما قبل الزواج التي تواجه الشباب من عدم توفر مكان للسكن، والوظيفة, وغيرها.

أرجو إرشادي لدعاء, أو أي عمل, أو أي شيء أستطيع أن أفعله كي لا أعتبر متهاونًا وغير جدي في هذا الموضوع, أرجو أن تعطوني حلاً, أو نصيحة حول مشكلتي، أستفيد منها، وكيف أدعو الله أن يرزقنيها زوجة لي في المستقبل؟

شكرًا لكم, وبارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حامد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

مرحبًا بك -أيها الولد الحبيب- في استشارات إسلام ويب, ونسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان، ثم يرضيك به.

نحن نتفهم -أيها الولد الحبيب- المشاعر التي تدفعك لكتابة مثل هذه الكلمات من التعلق بهذه الفتاة، والحرص عليها، ولكننا لا نرضى لك أبدًا بأن تبقى أسيرًا لهذا التعلق، ولذا فنصيحتنا لك أن تحاول بقدر استطاعتك التحرر من هذا التعلق بهذه الفتاة، وسترى الخير كل الخير في ذلك، ولذا فنحن سنذكر لك بعض النصائح التي تعينك على التخلص من التعلق بهذه الفتاة، ونتمنى أن تأخذ هذه النصائح بجدية, وأن تعمل بها، ونحن على ثقة بأنك قادر -بإذن الله تعالى- على العمل بها.

أول هذه النصائح -أيها الحبيب-: أن تستحضر دائمًا أن معصية الله تعالى لا تكون سببًا في رزق الله؛ فإن ما عند الله لا يُنال إلا بطاعته، والمعصية شؤمها عظيم؛ فإن الإنسان قد يُحرم أرزاقًا كثيرة بسبب معصيته، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : (إن العبد ليُحرم الرزق بالذنب يُصيبه)، وأنت لا طاقة بك، ولا قدرة على تحمل عقوبات الله تعالى بذنوبك، ومن ثم فالخير والسعادة لك هي أن تتوجه إلى طاعة الله تعالى بامتثال أمره، واجتناب نهيه، وهذا هو باب السعادة الحقيقي الذي إذا دخلته فإنك لن تشقى أبدًا، وبقاء هذه العلاقة مع هذه الفتاة معصية من المعاصي التي تُسخط الله تعالى عليك، فإذا تذكرت هذه الحقائق، وأيقنت بها، وكنت مُحبًّا لله -عز وجل- مستشعرًا بعظيم فضله عليك فإنك ستستحي من الله، وسيدفعك ذلك إلى اتخاذ القرار الحاسم والحازم في قطع هذه العلاقة.

ثم النصيحة الثانية -أيها الحبيب-: أن تعلم يقينًا بأن الخير يعلمه الله، وأنت لا تعلمه، وأنه -سبحانه وتعالى- أرحم بك من نفسك، ومن ثم فإذا كان الله -عز وجل- لم يقدر لك الزواج بهذه الفتاة في هذه الظروف؛ فإن هذا هو الخير، والله -عز وجل- يقول في كتابه: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شرٌ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون} فإذا عرفت هذا أيضًا فلن يشتد تعلقك بهذه الفتاة، ولا الحرص عليها.

ثم الوصية الثالثة: أن تستحضر دائمًا، وتذكر نفسك اليأس من هذه الفتاة، وأنك لا تقدر على الزواج بها الآن، وإذا كان الأمر كذلك فإن النفس معتادة على أنها إذا يئست من شيء نسته.

ثم الوصية الرابعة: أن تحاور نفسك بخطاب العقل لا بخطاب الرغبة والشهوة، فخطاب العقل: أي فائدة لك في أن يتعلق قلبك بهذه الفتاة، وينصرف اهتمامك بذلك، وتنسى ما عليك من الوظائف التي ينبغي أن تؤديها؟ وهذا شيء لا ينفعك بالكلية.

فإذا تذكرت هذه المعاني -أيها الولد الحبيب- أدركت يقينًا أنك بحاجة إلى أن تتوجه لبناء حياتك بناءً صحيحًا.

نحن نكرر -أيها الحبيب- وصيتنا لك بأن تتقي الله تعالى، وأن تدرك يقينًا أن تقوى الله هي السبب الجالب لكل خير، فقد قال سبحانه: {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب}.

أما هذه الفتاة فدعها وشأنها، وإذا كنت حريصًا على هدايتها وإصلاحها فدُلَّ عليها أخواتك وقريباتك إن كنَّ صالحات، وحاول أن تحثهنَّ على التواصل معها، وموافاتها بما ينفعها، وفي ذلك -إن شاء الله تعالى- ما يفيدها ويكفيها.

نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان, ويرضيك به, وييسره لك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً